حديث واشنطن عن الرقة يزداد… القلم الأميركي والحاجة للمداد؟

د. محمد بكر

ظاهرياً تبدو «الحمية» الأميركية وحديثها وحراكها لمحاربة الإرهاب للمراقب حدثاً اعتيادياً وخطاباً ليس بالجديد، لكن توقيت هذه الحمية والمباشرة بالتغطية الجوية للعمليات العسكرية التي بدأتها القوات العراقية في الموصل، وحديث نائب وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن لجهة ضرورة الإسراع بالتوجه لما سماه تدمير داعش في الرقة وما تشكله الأخيرة من عاصمة للتنظيم والثقل الرئيس له، هو ما يثير جملة من الأسئلة، ولا سيما أنّ حصاد التحالف الدولي على مدى أكثر من سنتين قال إنه جهده موجه لمحاربة الإرهاب لم يرق لمستوى البيدر ولا حتى الحكومة الصغيرة.

فهل بات المشهد هو سباق عسكري حقيقي للقضاء على داعش؟

لفهم ماهية الحراك الأميركي، وهذه الاندفاعة اللابريئة يجب التأكيد على أنها جاءت بعد نقطتين رئيستين:

– سقوط الورقة السياسية الأميركية الدولية في مجلس الأمن وفشل تمرير مشروع القرار الفرنسي لوقف القصف الروسي على حلب.

– سقوط الورقة العسكرية الأميركية و الفشل في إنفاذ ما تم الإعلان عنه أميركياً عن خيارات عسكرية ضدّ موسكو ودمشق.

الحبر المسال من القلم الروسي وما خطه خلال الفترة القليلة الماضية من إدارة الظهر لكلّ التهديد والوعيد الغربي هو ما جعل واشنطن تدفع باتجاه الردّ على الوتيرة المتسارعة للعمليات العسكرية الروسية في الميدان السوري، فجحظت عيونها نحو الموصل والرقة، أضف لذلك ما بدأ يخطه القلم في محور موسكو إيران في صفحات المحاور والنجاح في تغيير وجهة الموقف المصري والقطيعة الحاصلة مع السعودية، من هنا نفهم ما نشرته «الغارديان» البريطانية عن قلق غربي من تغيير التحالفات، وكيف طلب وزير الخارجية الإيراني من نظيره كيري لجهة ضرورة حضور الجانب المصري اجتماع لوزان، اذ عدّت «الغارديان» الموقف المصري بأنه الأكثر لفتاً للأنظار حيث تعدّ مصر أكبر البلدان السنية من حيث تعداد السكان بحسب تعبير «الغارديان» .

لا نعرف ماهية الفرصة التي تشكلها الرقة بالنسبة لواشنطن التي باتت تغفو وتصحو والرقة راسخة أمام أعينها، ولماذا تعدّ واشنطن الهدنة الإنسانية في حلب قصيرة وتطالب بتوسيعها وضرورة وقف إطلاق النار هناك، وهذا بالتأكيد ليس من الباب الإنساني مطلقاً فالكتلة المسلحة الموجودة في حلب هي ذاتها في الموصل والرقة والموضوعة على قائمة الإرهاب الدولي، فلماذا التحرير حرامٌ هناك وحلال هنا.

الاستثمار الأميركي في الإعلان عن التحشيد ومكافحة الإرهاب مستمرّ، وهو بمنزلة المداد الذي سيخط منه القلم الأميركي استثماره والتفافه ومرواغته، وهو يرى كيف يسيل القلم الروسي بالحبر العسكري ولا يجد لجفافه سبيلاً.

كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا.

Dr.mbkr83 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى