روسيا تستعدّ لما بعد التفاهم النووي بإطلاق الحلّ في سورية بوتين للمعلم: الأسد حليفنا ولن نتأخر بالقمح والمحروقات والسلاح

كتب المحرر السياسي:

بدأ التمديد للمفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وانغمست الوفود في التفاصيل التقنية العديدة والمعقدة لصياغة التفاهمات التي حسم أمرها السياسيون، ويستعدّ وزراء الخارجية ومعاونوهم للدخول في جلسات متصلة وشائكة لحسم النقاط العالقة التي لخصها مصدر أوروبي لوكالات الأنباء بأقلّ من عشرة في المئة من القضايا التي يُفترض تضمينها في الاتفاق من زاوية الأهمية والمكانة والحجم، متلاقياً مع ما سبق وقاله سائر الأطراف المعنيين بالتفاوض.

التفاهم الذي بات محسوماً كحدث، شكل بالنسبة إلى روسيا إعلان صافرة السير بمشروع متكامل يبدأ من تثبيت دورها في صناعة التسويات التي سيرتبط بها تسريع إنجاز التفاهم من جهة، وتشكل سورية حلقته الثانية من جهة مقابلة، لتستقرّ حلقته الثالثة في تحريك المسار اليمني.

بالنسبة إلى سورية لم يكن موعد زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم صدفة، بل كان توقيتاً مدروساً من الحليفين اللذين تقاسما الأرباح والخسائر في حرب مفتوحة خلال خمس سنوات، حاولت تقويض ركائز الهوية والدولة في سورية، ولم تكن روسيا بمنأى عن مخاطر التعرّض لضغوط بدأت من إشعال الفتيل الأوكراني ولم تنته بحرب الأسعار في سوق النفط والغاز، وتكبيد موسكو خسائر بمئات مليارات الدولارات.

محادثات الوزير وليد المعلم مع نظيره الروسي سيرغي لافروف كانت أكثر من ممتازة لحليفين، كما قالت مصادر سورية لـ«البناء» توّجت محادثات ومشاورات أجراها كلّ من رئيس مجلس الأمن الوطني اللواء علي المملوك مع القادة الأمنيين في روسيا قبل شهر تقريباً وبعده وزير الداخلية السوري اللواء محمد الشعار، وفي قلبها المداولات المستمرة بين وزارتي الخارجية السورية والروسية عبر قناة التواصل المستمرة بين نائب وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد ونواب وزير الخارجية الروسي وخصوصاً ميخائيل بوغدانوف، لكن الأهمّ في الزيارة كان حصيلة لقاء المعلم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أكد وفقاً لمصدر روسي على صلة بالحوار الذي تديره موسكو بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة السلمية، على أنّ التحالف مع سورية يعني بالنسبة إلى الكرملين تحالفاً مع الرئيس بشار الأسد، مضيفاً أن روسيا ستفي بوعودها، وأنّ حاجات سورية من القمح والمحروقات والسلاح والذخائر ستكون قريباً بين أيدي السوريين، وأنّ روسيا متفائلة بمستقبل الحلّ السياسي بعدما صار يقين الجميع أن لا حلّ في سورية إلا عبر تقوية الدولة والمؤسسات والجيش، وإطلاق عملية سياسية تتسع لكلّ الذي يقفون بصورة حازمة ضدّ الإرهاب، ويعتبرون أنّ الدستور السوري هو أساس العملية السياسية، وأنّ الجيش السوري هو العمود الفقري للحرب على الإرهاب.

الحراك الروسي نحو سورية والمنطقة، سيتواصل في الفترة المقبلة وفقاً للمصدر الروسي، والسعي إلى جبهة إقليمية تضمّ دول الجوار السوري والعراقي مشروع ستضع روسيا ثقلها ليبصر النور.

لبنان يتلمّس طريق الاسترخاء السياسي تجريبياً عبر محاولة يقودها تفاهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام، تقوم على الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس من دون التنسيق المسبق والتفصيلي مع الأطراف، على قاعدة الاختبار للنوايا والفرص من خلال الدعوة، التي أعلنت كتلة التحرير والتنمية فور الإعلان الرسمي عنها إلى تأكيد حضور وزيريها للجلسة، بينما بقي موقف التيار الوطني الحرّ وحلفائه غير محدّد بانتظار التشاور، بين المشاركة إلى حين طرح موضوع التعيينات وعند الفشل في الإقرار يتمّ الانسحاب من الجلسة، وبين منح الفرصة لتركيز المواد المهمة التي يتفق على انتقائها من جدول الأعمال تحت عنوان الضرورة كمثل مواضيع تشريع الضرورة، على أن تتبلور المواقف النهائية خلال الساعات المقبلة.

تفعيل العمل الحكومي ثمرة لقاء بري سلام

لا يزال الوضع الحكومي يتصدر المشهد السياسي، فبعد أن تريث رئيس الحكومة تمام سلام مهلة 3 أسابيع للتفاهم حول جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، دعا أمس إلى جلسة يوم الخميس المقبل.

وعلمت «البناء» أن دعوة سلام كانت ثمرة اللقاء الذي جمعه والرئيس نبيه بري في عين التينة». ولفتت المصادر إلى «أن سلام الذي تأكد من موقف الرئيس بري الداعم لتفعيل عمل الحكومة، استكمل اتصالاته في الساعات القليلة الماضية مع المعنيين من أجل عقد الجلسة لا سيما أنه يعلم أن أ كثر من ثلثي أعضاء مجلس الوزراء طالبوه مراراً بعقد جلسة حكومية نظراً إلى دقة المرحلة والأحداث المحيطة بلبنان». وأكدت المصادر «أن رئيس الحكومة لم يكن ليوجه الدعوة لولا لم يتأكد من نوايا القوى السياسية المعنية عدم تعطيل الجلسة».

وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن مجلس الوزراء سيبحث في جدول أعمال الجلسة السابقة والمؤلف من 86 بنداً غالبيتها تتعلق بتسيير شؤون الناس». ولفتت المصادر إلى «أن ملف التعيينات سيطرح من خارج جدول الأعمال في بداية الجلسة لكن طرحه لن يستغرق وقتاً طويلاً، فرئيس الحكومة سينتقل إلى جدول الأعمال في حال لم يتم الاتفاق حول التعيينات العسكرية».

وقال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» «أن جميع الوزراء سيحضرون الجلسة إلا أن فريقاً واحداً لا يزال يتمسك بشرط أن تكون الجلسة مخصصة لبحث ملف التعيينات الأمنية».

ولفت إلى أنه «إذا حصل توافق خلال الجلسة على إجراء التعيينات فهذا جيد وإذا لم يحصل ستؤجل الجلسة، مستغرباً الاستعجال بطرح ملف تعيين قائد للجيش على رغم أن لا حاجة ملحة لذلك طالما أن موعد الاستحقاق في أيلول المقبل، ولذلك لا يمكن تعطيل جلسات المجلس وتعطيل البلد من أجل هذا الملف».

واعتبر «أن الرئيس سلام تحمل مسؤوليته في الدعوة لجلسة ووضع جدول أعمالها، بعد أن تم تأجيلها أسابيع ليتسنى له الوقت لإجراء الاتصالات اللازمة بالقيادات السياسية لإيجاد مخارج».

وأوضح أن «تصريح وزير التربية الياس بو صعب بعد زيارته وزير الداخلية نهاد المشنوق يعتبر مؤشراً على أن موضوع التعيينات يجب أن لا يبحث داخل مجلس الوزراء بل على مستوى القيادات السياسية للوصول إلى تسوية في هذا الملف، واعتبر أن هذا اللقاء يجب أن ينعكس على جلسة مجلس الوزراء الذي يمثل كل القوى السياسية ويجب أن نصل إلى حل بالتشاور مع الجميع».

وكان بوصعب أوضح بعد زيارته وزير الداخلية نهاد المشنوق «أن لا حلول في الأفق في شأن التعيينات الأمنية وسنتابع المناقشة بعقلية منفتحة»، مجدّداً تأكيد «أنّ الوضع يحتاج إلى تسوية عبر تشريع الضرورة في المجلس النيابي وآلية العمل في مجلس الوزراء عبر التعيينات الأمنية التي يجب أن نتفاهم عليها».

وأكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون «أننا نتعرّض اليوم لمحاولة للسيطرة على حقوق المسيحيين من خلال حرمانهم من تعيين من يمثلّهم في مراكز السلطة. وهذا الإلغاء للمراكز المسيحية القوية القادرة على تثبيت المسيحيين، معناه إلغاء للمراجع المسيحية».

اللعب في الوقت الضائع

في وقت لا تزال الأجواء الرئاسية توحي أن كل ما يجري اليوم من حراك فرنسي واستطلاعات رأي وحوارات ما هو إلا لعب في الوقت الضائع، فالملف اللبناني ليس على طاولة أي من الدول الإقليمية. وعلى رغم ذلك، يواصل التيار الوطني الحر انفتاحه على الأحزاب المسيحية في 8 و14 آذار، لوضعهم في أجواء الحوار مع حزب القوات، واستطلاع الرأي في شأن الانتخابات الرئاسية، حيث زار أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان بنشعي والصيفي وختم جولته بلقاء رئيس حزب القوات سمير جعجع. وجرى التأكيد على أن الاستطلاع دستوري، وأنه عمل ديمقراطي راق لتحديد خيارات المسيحيين واللبنانيين عموماً في الرئاسة.

وكان اللافت أمس دعوة رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية إلى إجراء استطلاع للرأي «مسيحي ووطني وشفاف وأن توافق عليه أكثر من شركة»، مشدداً بعد لقائه كنعان على أنّه مهما كانت نتائج الاستطلاع فإنّ مرشحه للرئاسة هو العماد ميشال عون.

وزار كنعان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في البيت المركزي في الصيفي في محاولة إلى الوصول لقواسم مشتركة بين التيار الوطني الحر وحزب الكتائب.

ولم تعلق مصادر في التيار الوطني الحر لـ«البناء» على حديث الرئيس الجميّل من زحلة أول من أمس أن «استطلاع الرأي مضيعة للوقت»، مكتفية بالقول: إنّ الرئيس الجميّل يدرك أن جعجع يتفوّق عليه مسيحياً».

وفي سياق متصل، أعلن الوزير السابق جان عبيد أنه غير معني بالترشيحات والترجيحات والاستطلاعات المتصلة بالمعركة الرئاسية. وأكد في تصريح انه لم يعلن ترشيحه حتى الآن لمنصب رئاسة الجمهورية، لغياب فرصة كريمة لمرشح مستقل وتوفيقي مثله، وبسبب حدة التنافس والصراع في البلاد بين الأطراف المختلفة.

المسلحون يحاولون فك الطوق للخروج إلى البقاع الأوسط

أمنياً، تدور اشتباكات في محيط الزبداني في القلمون بالأسلحة المتوسطة والمدفعية تسمع أصواتها بوضوح في قرى شرق زحلة. وأشارت مصادر عسكرية لـ«البناء» إلى «أن الاشتباكات التي حصلت في الزبداني محاولة من محاولات المسلحين فك الطوق للخروج إلى منطقة البقاع الأوسط»، مشيرة إلى «أن الزبداني تقع على سفح جبال لبنان الشرقية لجهة الشرق وتمتد حتى السهل، وتقسم إلى منطقتين، الفيلات والمنطقة الجبلية». ولفتت المصادر إلى «أن الجيش السوري يتواجد في تلال الزبداني وفي منطقة الفيلات، في حين أن المسلحين يسيطرون على القسم الغربي من الزبداني وهي منطقة قريبة من القرى الشرقية للبقاع الأوسط قوسايا ودير الغزال وسرعين .

وداهم الجيش اللبناني مخيم علي العيسى للنازحين السوريين في بلدة الفاعور في زحلة وألقى القبض على عدد من الأشخاص. وتأتي التوقيفات في سياق ملاحقة الجيش للفارين من جرود عرسال والزبداني باتجاه البقاعين الأوسط والغربي.

وتسلم عناصر مركز الأمن العام عند نقطة العريضة الحدودية اللبنانيين بهاء.م.س من منطقة البقاع، وأحمد.م ع من طرابلس، بعد أن أفرجت عنهما السلطات السورية بعد فترة توقيف استمرت أكثر من 7 سنوات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى