تقرير

تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى المأزق الذي وقعت فيه ألمانيا بعدما بدأت حليفتها في الناتو تركيا شنّ هجمات جوية على مواقع الأكراد في سورية والعراق.

وجاء في المقال: منذ أسبوع تقريباً، يستمر الطيران الحربي التركي بتوجيه ضربات جوية إلى مواقع مقاتلي حزب العمال الكردستاني. البرلمان التركي ناقش خلال جلسة خاصة مشكلة حزب العمال الكردستاني، ولكنه، بغضّ النظر عن الانتقادات الشديدة من جانب الشركاء الأجانب، يميل إلى استخدام القوة في تسوية القضية الكردية.

طبعاً، يتابع البرلمان الألماني «بوندستاغ» هذه المسألة يوماً بعد آخر، لأن ألمانيا هي حليف قديم، كما لتركيا كذلك للأكراد. أي ان برلين واقعة بين نارين، ولكنها لا توافق على مهاجمة مواقع حزب العمال الكردستاني.

يعيش في ألمانيا حوالى ثلاثة ملايين مواطن من أصل تركي، لذلك فإن مشاكل تركيا تناقش هنا في برلين وكأنها مشاكلهم، خصوصاً أن ممثلي الجالية التركية يشغلون مناصب عليا في الدولة.

يقول الرئيس الدوري لحزب الخضر «الاتحاد 90» جيم اوزدمير، وهو من أصل تركي، ان تركيا من دون شك ستغرق في فوضى بقيادة أردوغان. وأشار في تصريح لصحيفة «Passauer Neuen Presse»: لا يمكننا أن نقف غير مبالين، عندما البلاد التي كانت حتى يوم أمس ترغب بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تتحول في عهد أردوغان إلى باكستان مصغرة بقيادة زعيم مستبد، قرب من الحدود الأوروبية.

وأضاف: خلال فترة طويلة كانت أنقرة تغضّ النظر عن نشاط «داعش»، وكانت الاجراءات التي تتخذها ضده رمزية.

لم يقف مقاتلو حزب العمال الكردستاني مكتوفي الأيدي، بل يردون على الهجمات التركية، فهم بدورهم يهاجمون أفراد الجيش التركي في مناطق تواجدهم. إن برلين في موقف صعب، من جانب تحمي صواريخ «باتريوت»« الألمانية الحدود التركية من الهجمات المحتملة لطائرات القوة الجوية السورية، ومن جانب آخر هناك خبراء عسكريون ألمان يدرّبون قوات البيشمركة الكردية التي تستخدم الأسلحة الألمانية في شمال العراق لمواجهة «داعش».

تقول صحيفة «Sueddeutsche Zeitung»: هذه مهام متباينة جداً، ولكن الهجمات التركية ضد مواقع الأكراد في شمال العراق تجعلنا نشك في إمكانية الجمع بينهما كالسابق.

وفق ما تنشره وسائل الاعلام الألمانية، فإن الهدف النهائي لأردوغان، يتمثل في منع قيام دولة كردية على الحدود الجنوبية لتركيا، وإجبار الأكراد على السكوت داخل تركيا. يقول المحلل السياسي يواهيم كيبنير: هذه سياسة ميكافيلية لا يمكن ان تدعمها ألمانيا. وبحسب قوله، فإن ألمانيا شريك مهم لأردوغان، لذلك فهي مجبرة على الضغط عليه. كما عليها دعم الأكراد في شمال العراق أكثر من أي وقت مضى. وإذا استمرت السلطات التركية في نهجها، فيجب ان تتوقف صواريخ باتريوت عن حماية الأجواء التركية.

أما رئيس المعهد الروسي للأديان والسياسة، آلكسندر إيغناتينكو فيقول: صحيح أنّ ألمانيا وتركيا عضوان في الناتو. ولكن سلوك تركيا هنا كان قبيحاً، عندما ربطت بين «داعش» وحزب العمال الكردستاني، معلنة انها تحارب ضد الإرهاب، وأن على حلفائها عمل الأمر نفسه. أعضاء الناتو يدركون جيداً ما هي أهداف تركيا. أنا لا أستبعد أن تؤدي هذه الحالة إلى تدهور علاقات أنقرة مع الدول الأعضاء في الناتو.

وبحسب قوله، منذ أشهر، تعمل ألمانيا على تسليح أكراد العراق وهذا يشير إلى انه إذا بدأت دولة ما بتوريد الأسلحة إلى دولة أخرى، فإن هذا يعني أنّ دولة ثالثة في طريقها إلى التفكك. برلين تنطلق من أن العراق يشهد عملية انقسام، ووفق مبدأ الواقعية السياسية، تراهن على قيام دولة كردية مستقلة. إن موقف ألمانيا يكمن في انه حتى إذا لم تدعم الأكراد، فإنه يجب عدم عمل أي شيء يجلب لهم الضرر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى