العوامل المطلوبة لخلق بيئة مناسبة لإنجاح المسار السياسي

ناديا شحادة

يشير المشهد العام في منطقة الشرق الأوسط إلى وجود حراك دبلوماسي مكثف ونشيط، يهدف الى التوصل لتسوية سياسية للأزمة السورية، وعلى رغم ذلك يظهر في المشهد من يسعى الى إطالة أمد الحرب في سورية ويبذل جهداً لتقسيم المنطقة وإضعاف سورية ليسهل السيطرة عليها والتحكم في سياستها.

فروسيا وأيران تسعيان الى التوصل لتسوية سياسية والى تنسيق الجهود المشتركة بهدف بلورة مبادرة بالتشاور مع الاطراف المعنية بالحفاظ على وحدة الاراضي السورية، وتعملان على خلق البيئة المناسبة للتسوية السياسية، هذه البيئة غير متوافرة حتى الآن، وهذا ما أكده الرئيس بشار الاسد في 25 آب من العام الحالي قائلاً: «انه لا توجد حتى الآن البيئة المناسبة او العوامل الضرورية لإنجاح المسار السياسي للوصول الى حل للازمة السورية وبخاصة وجود قوى سياسية مستقلة تنتمي الى الشعب السوري»، لافتاً الى «ان الدول التي تدعم الإرهاب تفرض شخصيات تمثله في أي حوار ولا تمثل الشعب السوري».

ففي الوقت الذي تواصل روسيا السير في طريق البحث عن مخرج سياسي للأزمة مع الأطراف الحكومية كافة، والمعارضة الخارجية التي لم تتمكن من تقديم نفسها كمعارضة حقيقية قادرة على التوصل عبر الحوار السياسي الى تحقيق استقرار البلاد، فهي منقسمة على نفسها منذ بداية الأزمة وبرامجها انطلقت من واقع غير سوري بسبب تداخل الأجندات الخارجية، فاليوم بات الجميع يدرك ان هناك قوى اقليمة ودولية تحاول اسقاط الدولة السورية وأن هذه القوى تحاول العمل على تغيير الوضع عبر معارضة خارجية مفككة ومتعددة الولاءات خدمة لمصلحتها ومصلحة بعض الأنظمة الإقليمية، وكذلك دعم الجماعات الإرهابية، فالاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة الأميركة وتركيا ودول عربية على برنامج تدريب عسكري لمن قالوا عنهم بأنهم المعارضة المعتدلة، فتلك العناصر التي قامت واشنطن بتدريبها انضمت الى صفوف الجماعات الإرهابية التي تدعي واشنطن محاربتها بالتنسيق مع تركيا وزاد من تعقيد الأزمة السورية، فبات من الضروري على القوى الاقليمية كافة التنسيق لمكافحة الارهاب بالدرجة الأولى وتجفيف منابع تمويله، فجوهر تعقيد الأزمة السورية هو التدخل الخارجي وهذا ما أكده الرئيس الأسد في مقابلته على «المنار» حيث قال إن جوهر الأزمة السورية هو التدخل الخارجي وعندما يتدخل هذا الجوهر بأشكاله كافة نستطيع القول إن الأزمة في مراحلها الأخيرة لأن مواجهة الإرهاب ستصبح أسهل.

ويؤكد المتابعون ان المسار السياسي في سورية قائم على ثوابت الرئيس الاسد التي تقوم على الحفاظ على سيادة الدولة السورية ووحدة الاراضي والقرار السوري، وجلوس السوريين مع بعضهم بعضاً على طاولة الحوار لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، فقد أشار الى ذلك في 25 من آب عندما قال لن يكون هناك اتفاق على شيء الا اذا جلسنا كسوريين مع بعضنا بعضاً، وأي مبادرة للحل يجب ان تحفظ السيادة السورية ووحدة الأراضي والقرار السوري، مضيفاً ان مبادرة لا تعتمد بند مكافحة الارهاب لا أساس لها.

يؤكد المتابع لأحداث الازمة السورية على ان العوامل المطلوبة لخلق بيئة مناسبة للحل السياسي تتمثل في الحفاظ على وحدة القرار السوري وجلوس السوريين انفسهم على طاولة الحوار لإنجاح المسار السياسي حسب تأكيدات الرئيس الاسد بالاضافة الى ضرورة الكشف عن مخططات الدول الداعمة للجماعات الارهابية، فالاستمرار بدعم هذه الجماعات في سورية المدعومة من الخارج يؤثر على الاستقرار ليس في سورية فحسب انما في الشرق الاوسط، فمن هنا بات المجتمع الدولي مطالباً بتبني رؤية موحدة لمواجهة الارهاب والتطرف والتخلي عن ازدواجية المعايير التي تتبعها تلك الدول والضغط على الدول الداعمة للجماعات الارهابية حتى ترفع الغطاء السياسي الذي توفره لهذه الجماعات وان تترك الشعب السوري ليقرر مصيره بعيداً من التدخلات الخارجية.

ناديا شحادة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى