مشروع «يهودية الدولة» وأهدافه لفلسطين والمنطقة

تحسين الحلبي

يبدو أن ما ورد في افتتاحية صحيفة «جيروزاليم بوست» «الإسرائيلية « أمس يشكل دليلاً آخر على جرأة صارخة يعترف «الإسرائيليون» من خلالها بأنهم لم يمنحوا الفلسطينيين الذين يعيشون في ما تبقى من قراهم داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 حقوقاً متساوية، لأن ذلك يتناقض مع مشروع يهودية الدولة، أي لكي تصبح فلسطين كلها لليهود وحدهم ولا يحق البقاء فيها إلاّ لليهود وحدهم. وكان هذا الاعتراف موجهاً في الافتتاحية إلى الولايات المتحدة في سياق الحديث عن «القيم المشتركة» التي تجمع بين تأسيس الولايات المتحدة وتأسيس «إسرائيل» ومصالحهما المشتركة، باستثناء أن الكيان «الإسرائيلي» يصرّ على مشروع يهودية الدولة إذ يتعرّض لأخطار دائمة من العرب تهدّد مستقبل وجوده، خلافاً للولايات المتحدة.


هذا المشروع، «يهودية الدولة» و»إسرائيل دولة لليهود وحدهم»، كان الغرب الاستعماري الاستيطاني كلّه يعرفه منذ الإعلان عن»إسرائيل» عام 1948، وكان يُعدّ بديهياً الخطط المناسبة لفرضه على قضية فلسطين وحقوق شعبها التاريخي وعلى الأمة جمعاء. ففي عام 1956 شنت فرنسا وبريطانيا و»إسرائيل» حربا شاملة على مصر واحتلت قطاع غزة، وفي عام 1967 تمكنت «إسرائيل»، وبدعم غربي أميركي هذه المرة، من احتلال بقية أراضي فلسطين في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي كانت تضم المقدسات الإسلامية والمسيحية فاقتربت القيادة «الإسرائيلية» عملياً من الإعداد لخطة استكمال هذا الجزء الأساسي والمهم من المشروع الصهيوني.

كانت أهداف العدوان التي نفذتها آلة الحرب» الإسرائيلية « في الجوار الفلسطيني، سواء في لبنان منذ عام 1969 حتى الاجتياح الشامل لأراضيه، وضد مصر وسورية، وضد مختلف أشكال المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وفي الأردن عام 1968 و1970، وفي لبنان بعد ذلك، مرتبطة تماماً بخطط استكمال المشروع الصهيوني التوسعي وفرض شروطه وظروفه على المنطقة، بما يخدم سياسة الترويج والدعم المباشر وغير المباشر لإنشاء الدول على الأساس الديني والطائفي وليس القومي والوطني.

في الظروف التي تشهدها منطقتنا وما يحيط بها من حروب داخلية تتداخل في ساحتها مجموعات تتبنى شعارات تأسيس الدول بموجب الكيانات الطائفية أخرجت «إسرائيل» من أدراجها في هذا الوقت شعار»دولة اليهود وحدهم» الذي تريد منه الإعلان عما تطلق عليه «إسرائيل الكبرى»، لتبدأ بعد ذلك بتفتيت دول الجوار المحيطة بها وتجزئتها كيانات صغيرة طائفية أو إتنية تتحكم فيها وبمقدراتها. وهذا ما أشار اليه أفيكتور ليبرمان وزير الخارجية «الإسرائيلي» حين دعا الى الاستعداد لاستقبال ثلاثة ملايين من يهود العالم في السنوات العشر المقبلة، لكي يصبح عدد المستوطنين اليهود في فلسطين وفي ما تستولي عليه «إسرائيل» من أراضي جوارها أكثر من عشرة ملايين، مقابل كيانات طائفية مجاورة لا يزيد فيها السكان العرب على عدة ملايين في أفضل الأحوال.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى