هدنة عرسال: هدوء في المدينة واشتباكات في الجرود الإرهابيون يطلقون 3 عسكريين ويباشرون الانسحاب إلى القلمون

بعد 5 أيام على انطلاق عملية «السيف المسلّط» للجيش ضدّ الإرهابيين في بلدة عرسال، ساد الهدوء الحذر داخل البلدة تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار، بينما استمرت المعارك في الجرود التي أعاد المسلحون انتشارهم فيها.

وسمح الهدوء في البلدة بمغادرة عدد كبير من المسلحين البلدة باتجاه القلمون السورية، في وقت واصل وفد هيئة العلماء المسلمين الذي ضمّ الشيخ سميح عزالدين وهو من عرسال والشيخ حسام الغالي، مفاوضاته مع المسلحين الإرهابيين في جامع اسماعيل في عرسال، لإنهاء المظاهر المسلحة وانسحاب ما تبقى من المسلحين من البلدة إلى الجرود، في مقابل تعهد أهل عرسال بعدم المساس بالنازحين السوريين الموجودين في المخيم. وفي نهاية الاجتماع، خرج الوفد من البلدة ومعه 3 عسكريين من المحتجزين: إثنان من عرسال وواحد من الضنية، على أن تستكمل المفاوضات لاحقاً للإفراج عن جميع العسكريين المحتجزين.

وعقد العلماء مؤتمراً صحافياً، أمام منزل مختار عرسال حسن الأطرش، عرضوا خلاله مقررات الاجتماع الذي حصل في عرسال بين الوفد والجماعات المسلحة، حيث تمّ الاتفاق على إنهاء المظاهر المسلحة في عرسال، وانسحاب جميع المسلحين منها، كما أخذوا من المسلحين تعهداً بعدم المساس بالجنود المحتجزين لديهم، على أن يبدأ الانسحاب تدريجياً اعتباراً من مساء أمس. كما تمّ تمديد الهدنة بين الجيش اللبناني والمسلحين 24 ساعة إضافية.

وأكد المفتي الرفاعي أنّ الوفد سيتوجه اليوم إلى عرسال «برفقة قافلة مساعدات إنسانية، لأنّ الحاجة ملحة وهناك عدد كبير من الجرحى»، مشيراً إلى أنّ «موضوع الحلحلة قد بدأ على أمل التوصل إلى خواتيم سعيدة».

وفي وقت أكد أهالي عرسال أنهم لم يلحظوا صباح أمس أي وجود مسلّح في بلدتهم، أكد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري أنّ جزءاً كبيراً من المسلحين انسحب من عرسال، لافتاً إلى أنّ جزءاً بسيطاً لا يزال يتواجد على الأطراف. وناشد الحجيري الدولة والجيش وقف القصف، معتبراً أنّ الخاسر الأكبر هو الجيش والمدنيون.

وأفادت معلومات، بأنّ الجزء المتبقي من المسلحين يرفض الانسحاب مشترطاً عدم دخول الجيش إلى عرسال.

اشتباكات في الجرود

وفي مقابل الهدوء النسبي في قلب المدينة، دارت اشتباكات في جرود عرسال، في وادي عطا ووادي الرعيان ووادي السويد خصوصاً، حيث ردّ الجيش على مصادر إطلاق النار، كما سيطر على تلة رأس السرج الاستراتيجية. وذكرت معلومات أنّ العناصر الإرهابية أعادت انتشارها عند أطراف عرسال وحاولت الاعتداء على مواقع الجيش في محوري مرج حسان ووادي الأرانب، حيث دارت اشتباكات. وفي حين أفيد بأنّ الجيش صدّ قبل الظهر هجوماً للمسلحين على مراكزه في منطقة عين الشعب غرب بلدة عرسال، موقعاً في صفوفهم عدداً من القتلى، نفت مصادر أمنية تعرض مواقع الجيش في عين الشعب لأي هجوم. وأشارت معلومات إلى أنّ الجيش بات يحكم الطوق تقريباً على المسلحين الإرهابيين من ناحية الجنوب والغرب، وأفيد بأن عشرات الأسرى من «داعش» باتوا في قبضة الجيش في عرسال.

من جهة أخرى، استهدفت سيارة مدنية بقذيفة داخل عرسال ما أدى إلى وقوع إصابات، كما سقطت قذيفة قرب منزل مدير «مخيم الوفاء» حسن الحجيري في عرسال، فأصيب وعائلته بجراح طفيفة.

اعتراض قافلة في اللبوة

وكان من المقرر أن ترافق وفد العلماء، قافلة إغاثية مؤلفة من 11 شاحنة، تنقل مساعدات غذائية وطبية إلى أهالي عرسال، إلا أنها عادت أدراجها بعد أن اعترضتها مجموعة من المواطنين لدى وصولها إلى اللبوة، في طريقها إلى عرسال، وأشار أهالي اللبوة إلى أنّ هذه المساعدات ستصل إلى عناصر «داعش» و«النصرة» لأنّ معظم أهالي عرسال والداعمين للجيش أصبحوا ضيوفاً في بيوتنا، «ولهذا السبب منعنا مرورها».

وأفاد شهود عيان بأنّ المسلحين قاموا بالسطو على عدد من المحال التجارية والصيدليات في عرسال ونقلوا ما تحتوي من مواد تموينية وأدوية إلى أماكن تواجدهم.

إلى ذلك، شكّل وزير الصحة وائل أبو فاعور خليّة عملٍ مُهمّتها متابعة شؤون الجرحى المُصابين في حوادث عرسال، مؤلَّفة من طبيب القضاء والأطباء المراقبين في وزارة الصحة في المنطقة، وطلب من مركز اللبوة الصحي التابع للوزارة استقبال الجرحى لتقديم الإسعافات الأولية الطارئة والضرورية لهم، قبل إحالتهم إلى المستشفيات وفق درجة إصاباتهم.

وفيما تجمّع عدد كبير من النازحين من عرسال في منطقة راس النيتة في جرد رأس بعلبك، مناشدين السماح لهم بالعبور نحو منطقة آمنة، قام عدد من أهالي عرسال بقطع الطريق أمام مسجد محمد الأمين في بيروت لبعض الوقت، مطالبين بالتعويض عليهم وتأمين مساكن لعائلاتهم بعد أن نزحت مرغمة من بيوتها. وناشدوا الرئيس سعد الحريري «التدخل والعمل على مساعدة أبناء عرسال، لأننا نحن من ندفع أثمان ما يحصل في بلدتنا»، مطالبين بوقف إطلاق النار للسماح للجرحى بالخروج من المدينة.

واحتجاجاً على عدم وصول المساعدات إلى عرسال، حاول عدد من الشبان قطع الأتوستراد الساحلي بين صيدا وبيروت، عند محلة الجية – السعديات، وعلى الأثر تدخلت وحدات من الجيش، وأعادت فتحها بالاتجاهين. كما قام عدد من الشبان بقطع الأتوستراد الدولي الذي يربط طرابلس بعكار، عند محلة الملولة، كما تمّ قطع طريق كورنيش المزرعة في بيروت، وطريق المدينة الرياضية، طريق تعلبايا سعدنايل شتورة بقافلات المساعدات.

خطوات استباقية للأجهزة بقاعاً

في سياق متصل، ترأس محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر اجتماعاً لمجلس الأمن الفرعي في المحافظة، حضره ممثلو السلطة القضائية والأجهزة العسكرية والأمنية. وبحث المجتمعون في المستجدات، في ضوء الحرب التي يخوضها الجيش ضدّ الإرهاب في منطقة عرسال.

وجرى الاتفاق على سلسلة خطوات تقوم بها الأجهزة المعنية، بالتنسيق مع بلديات المنطقة، حيث أكد المجتمعون «أهمية العمل الاستباقي والوقائي لتفويت الفرصة على الإرهابيين الذين يسعون إلى إثارة الفتنة بين أبناء المنطقة الواحدة». كما أثنوا على «الروح الجماعية لأبناء المنطقة الذين احتضنوا ويحتضنون إخوانهم النازحين من عرسال في بيوتهم».

وجرى الاتفاق أيضاً، على تنظيم حملة تبرع بالدم لمصلحة اللواء الطبي في الجيش، بالتنسيق مع البلديات والمستشفيات الحكومية والخاصة والصليب الأحمر في المنطقة.

وزود المحافظ المجتمعين بالتوجيهات اللازمة تأميناً لحسن سير العمل وفاعلية التنسيق بين الأجهزة كافة.

اعتقال ثلاثة سوريين

وفي مجال أمني آخر، نفذت استخبارات الجيش عملية دهم في الكورة، وألقت القبض على السوريين م.ح. في إحدى مزارع بزيزا، و ف.ع. في إحدى مزارع كفرعقا، وأحالتهما إلى التحقيق للاشتباه بهما.

وتواصل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي تحقيقاتها مع السوريين الثلاثة الذين أوقفتهم في تنورين ليل أول من أمس، وضبطت في حوزتهم بطاقات وتصاريح ممهورة بتوقيع من قيادة تنظيم «داعش» تساعدهم في التنقل والتجوال في حدود خريطة ما يسمى «الدولة الإسلامية» من الموصل في العراق إلى دير الزور في سورية.

وأوضح مصدر أمني أنّ «هذه الأوراق ليست على شكل جوازات سفر، بل هي عبارة عن تصاريح صادرة من «داعش» وتحوي معلومات عن الشخص، والاسم ومكان الولادة وتاريخها».

وفي إطار التدابير الوقائية التي ينفذها داخل التجمعات السورية، نفذ الجيش عمليات دهم وتفتيش داخل تجمعات ومنازل يستعملها النازحون السوريون في حاصبيا وشبعا. وتمّ اعتقال نازح سوري لا يحمل أوراقاً ثبوتية، وهو يخضع للتحقيق. وفي النبطية فتشت فرق من استخبارات الجيش عدداً من المساكن التي يقطن فيها سوريون والطبقات السفلى لها والمحيطة بـ«سنتر ضاهر» وصولاً إلى محيط السراي في المدينة، ودقق عناصر الاستخبارات في هويات الرجال من النازحين. وجاءت هذه الخطوة الاحترازية بناء على طلب أهالي النبطية على خلفية ما تشهده بلدة عرسال من اعتداءات من جماعات إرهابية يشارك فيها النازحون السوريون المنضوون في إطار تنظيمات مسلحة تكفيرية.

وشملت عمليات الدهم أيضاً عدداً من المنازل والمستودعات المؤجرة من لاجئين سوريين في خراج بلدة ببنين. حيث أفيد عن توقيف عدد منهم.

وفي طرابلس نفّذت وحدات الجيش انتشاراً واسعاً في أحياء وشوارع المدينة، كما نصبت حواجز للتدقيق في هويات المارة، وأوقفت عدداً من المطلوبين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى