نصرالله في «يوم الجريح»: لبنان على حافّة الهاوية ولا يمكن فرض أيّ قانون انتخاب على أحد

أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّ الحدود اللبنانية السورية تشهد تحوّلاً مهمّاً جداً، مؤكّداً أنّ تلك الحدود باستثناء منطقة جرود عرسال باتت آمنة بعد إخلاء المسلّحين مناطق سوريّة متاخمة. وشدّد على أنّنا «لا نريد أن نفرض النسبيّة على أحد، بل لا نريد أن نفرض أيّ قانون انتخابي على أيّ أحد في لبنان، ونعمل ليل نهار لنصل إلى تسوية في قانون الانتخاب»، موضحاً أنّه إذا لم نصلْ إلى قانون جديد، فإنّ كلّ الخيارات سيّئة بما فيها التمديد والفراغ وقانون الستين، وتوجّه إلى الجميع قائلاً: «لا تدفعوا لبنان إلى الهاوية».

أطلّ السيد نصرالله، عصر أمس، عبر شاشة متحدّثاً بمناسبة «يوم الجريح المقاوم»، وبعد النشيد الوطني ونشيد حزب الله وشريط مصوّر عن مؤسسة الجرحى في لبنان، تحدّث السيد نصرالله فأشار إلى أنّ «التضحيات في وجه «إسرائيل» أدّت إلى تحرير الأرض والأسرى، وإلى الأمن والاستقرار في قرى الجنوب والبقاع الغربي، خصوصاً في القرى التي عانت منذ عام 1984»، وقال: «كلّ ما نتحدّث عنه من إنجازات في مواجهة الاحتلال ما كان ليكون لولا تضحيات المجاهدين».

أضاف: «ببركة تضحيات المجاهدين، تشهد الحدود اللبنانية – السورية تغيّرات جذريّة بعد إخلاء المسلّحين من مضايا والزبداني وغيرهما من المدن. ونستطيع أن نقول إنّ الحدود اللبنانية من الجنوب إلى البقاع والشمال، باستثناء جرود عرسال، خرجت من دائرة التهديد العسكري».

وقال: «التهديد الأمني تراجع بدرجة عالية جداً، ولم يعد للمسلّحين قواعد انطلاق وتفخيخ للسيارات»، معتبراً أنّ «بؤرة جرود عرسال يجب أن يُعمل على معالجتها خلال الفترة المقبلة».

وأكّد أهميّة الاستقرار في لبنان، مشدّداً على أنّه «يجب أن نكون أحرص الناس على الأمن والاستقرار في لبنان، لأنّه صُنع بالتضحيات ولا نسمح بأيّ عمليات إخلال به».

قانون الانتخاب

ولفتَ السيد نصرالله إلى أنّ قانون الانتخاب موضوع حساس جداً، مشيراً إلى أنّ «الكثيرين يتعاطون مع هذا القانون على أنّه قضية حياة أو موت»، موضحاً أنّ «هذا القانون يختلف عن أيّ قوانين أخرى، لأنّ البعض يعتبره قانوناً تأسيسياً ومصيرياً».

وتحدّث عن استغلال البعض لقانون الانتخاب لتصفية حسابات سياسية أو تسجيل نقاط أو تخريب التحالفات، وردّ على الاتهامات التي توجّه لحزب الله بأنّه يرفض انتخاب المسيحيّين لنوّابهم بأصواتهم، فقال: «يكفي أن أقول لكلّ الذين عملوا على اتهام حزب الله: توجّهون اتهاماتٍ بلا دليل، وأنا أواجهكم بالحجّة والدليل أنّه عندما طُرح سابقاً القانون الأرثوذكسي وافقنا على هذا القانون ولم نسحب هذه الموافقة»، وأضاف: «نرفض الاتهامات بأنّنا نريد فرض قانون النسبيّة على اللبنانيين»، وتوجّه إلى جميع الأفرقاء الآخرين بالقول: «اتفقوا على أيّ قانون انتخاب، نحن كثنائي شيعي حزب الله وحركة أمل بنطلع واقفين»، وتابع: «كيفما كان قانون الانتخاب، ليس لدينا مشكلة كثنائي شيعي إذا أردنا أن ننطلق من مصلحة حزبيّة أو طائفيّة، لكنّنا نحن نقارب قانون الانتخاب من زاوية وطنية».

أضاف: «عندما نتحدّث عن النسبيّة فهي لنقنع بعضنا بعضاً ونوضح صوابيّة هذا المسار القانوني، ونحن لا نريد أن نفرض النسبيّة على أحد، بل لا نريد أن نفرض أيّ قانون انتخابي على أيّ أحد في لبنان».

وفيما أشار السيد نصرالله إلى وجود هواجس لدى المذاهب وأنّه على الجميع أخذ ذلك في عين الاعتبار، دعا إلى التفاهم والتوافق ومواصلة الحوار للوصول إلى نتيجة بشأن قانون الانتخاب، وقال: «نحن لا نريد أن نفرض قانوناً على أيّ أحد، ونعمل ليل نهار لنصل إلى تسوية في قانون الانتخاب».

وحذّر من أنّ لبنان كلّه على حافّة الهاوية، موضحاً أنّه إذا لم نصل إلى قانون جديد، فإنّ كلّ الخيارات سيّئة بما فيها التمديد والفراغ والستين، وتوجّه إلى الجميع قائلاً: «لا تدفعوا لبنان إلى الهاوية، ولا أحد يستهن بالخلاف القائم الآن في البلد»، مشدِّداً على أنّ «بلدنا أمانة في أيدينا، وعلى الجميع أن يتحمّل مسؤولية كاملة»، معتبراً أنّ «رمي المسؤوليات على بعضنا البعض لا يفيدنا»، وأكّد «ضرورة أخذ الأمور بجديّة في الوقت المتبقّي للوصول إلى نقطة تسوية بشأن قانون الانتخاب، وإنقاذ البلد في نهاية المطاف».

إضراب الأسرى

وأيّد الإضراب عن الطعام الذي يقوم به الأسرى الفلسطينيّون، وقال: «نحن نؤيّد ونتضامن ونعبِّر عن مساندتنا للخطوة الجبّارة التي يقوم بها الأسرى الفلسطينيّون»، معتبراً أنّ هذا الإضراب «خطوة جهاديّة مقاومة جبّارة ومحقّة من أجل تحقيق المطالب».

وأشار إلى أنّ الاستخفاف «الإسرائيلي» بإضراب الأسرى الفلسطينيين متوقّع، لكنّه أبدى استغرابه لصمت العالم العربي الرسمي والشعبي، لافتاً إلى أنّه لو كان إضراب الأسرى جرى في بلد غير حليف أو بلد تابع لأميركا، لقامت الدنيا ولم تقعد.

العراق واليمن وسورية

كما لفتَ السيد نصرالله إلى أنّ هناك فضائيّات عربية تساند حالياً «داعش» في وجه القوات العراقيّة، لأنّ الهدف هو إلحاق العراق وإخضاعه بالمشهد الأميركي.

واعتبر أنّه «رغم اعتراف الأمم المتحدة بموت ملايين اليمنيّين جوعاً، ومعرفتها بأنّ السعودية هي المرتكبة، لا أحد يتجرّأ على قول كلمة حق، لأنّ الشعب اليمني ليس لديه أموال كالسعودية ليدفعها للأميركيّين و الرئيس الأميركي دونالد ترامب».

وتطرّق إلى مجزرة حيّ الراشدين في سورية، مشيراً إلى أنّه «رغم فظاعتها لم تحرّك ضمائر العالم، في وقت تأهّب هذا العالم في حادثة خان شيخون رغم عدم وجود دليل»، مؤكّداً أنّ «الأميركيّين لا يقبلون بلجنة تحقيق لإدانة القاتل في خان شيخون».

و قال: «يجب ألّا نتوقّع من هذا المجتمع الدولي عدلاً ولا إنصافاً ولا إحقاقاً للحق».

وتطرّق إلى ما يجري من اقتتال وتناحر بين الجماعات المسلّحة في الغوطة الشرقية، وسأل: «أمام ما يجري من اقتتال، ماذا كان سيكون مصير الشعب السوري لو أنّ هذه الجماعات المسلّحة استطاعت أن تُسقط النظام وتفكّك الجيش السوري وتسيطر على سورية؟»، مشيراً إلى أنّه «لو سيطر المسلّحون لكانت سورية أمام حرب أهلية في كلّ بلدة ومنطقة بلا ضوابط وبلا موازين وبلا سقف».

ولفتَ إلى أنّ «الجماعات المسلّحة المتصارعة هي النموذج الذي أرادت السعودية وتركيا وأميركا تقديمه بديلاً عن النظام السوري الحالي»، وسأل: «إلى أين كان المطلوب أخذ سورية كبلد، والشعب السوري والشعب اللبناني والمنطقة كلّها؟».

وفيما لفتَ السيد نصرالله إلى «أنّ الجماعات الإرهابية التكفيرية هي خطر على أهل السنة والجماعة قبل غيرهم، تطرّق إلى ما يجري من نقاش بين الحين والآخر حول صوابيّة قتال حزب الله في سورية، فأكّد: «أنّنا أمام هذه الأحداث نزداد في كلّ يوم قناعة بأنّ خيارنا بالذهاب للقتال في سورية كان خياراً صحيحاً وسليماً وفي وقته المناسب»، وقال: «كلّ لحظة تمرّ في سورية هي لحظة نصر، لأنّ الذين قاتلوا وصمدوا في سورية لن يسمحوا للجماعات الإرهابيّة بأن تسقط الدولة وتفكّك الجيش، وهذا نصر عظيم ولو كان نصراً غير نهائيّ».

البطالة أخطر المشاكل

وبمناسبة عيد العمال، توجّه السيد نصرالله بالتهنئة إلى جميع العمال، معرباً عن أسفه لوجود «مشكلة كبرى يعاني منها لبنان، وهي مشكلة البطالة»، واصفاً إيّاها بأنّها «من أخطر المشاكل»، ومشيراً إلى أنّ «البطالة لا تتحمّل تأجيلاً، وتحتاج إلى النظر إليها بأولويّة»، خالصاً إلى أنّ «المسؤولية هي مسؤولية الدولة، وإن كان بإمكان الأحزاب والقوى السياسية أن تقدّم معالجات جزئية»، داعياً «الدولة اللبنانية إلى إعطاء مشكلة البطالة أولويّة، وإلى إيجاد إطار متخصّص لدراسة حالة البطالة وكيفيّة معالجتها»، وفي هذا السياق، دعا الحكومة إلى تشكيل إطار رسمي للتخطيط والاستفادة من تجارب العالم حول معالجة مشكلة البطالة.

الرهان على قوّتنا

وتوجّه إلى الجرحى بالقول: «إذا كان لبنان ينعم بالحرية والكرامة والأمان، فبفضل نفوسكم الأبيّة ودماء أجسادكم التي نزفت على تراب هذا البلد»، وختم قائلاً: «رهاننا على حضورنا في الساحات والميادين وقوّتنا»، مؤكّداً «أنّنا نحن نعيش في عالم الذئاب، ويجب أن نكون أقوياء ليحترمنا العالم، وإلّا سيأكلنا إذا كنّا ضعفاء».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى