ترامب: اجتماع جيد جداً لافروف: اتفقنا على التعاون «الحرّ» يشرب «ماء النسبية» رغم «ملح بري»… ليدمجه بـ«خبز الحريري»

كتب المحرّر السياسي

شكّل السعي لتفادي البحث في قضايا الإثارة المزعجة سمة المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وختام مباحثاته مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون. فلا قضية العقوبات ولا قضية اتهامات موسكو بالتأثير في الانتخابات الرئاسية الأميركية نالتا من أجوبة لافروف ما يزيد عن كلمات معدودة، بينما التركيز على روح التعاون والتفاهم، وإحياء مجموعة العمل المشتركة لتقييم المسائل الدولية، التي يجب أن تُحلّ معاً، وفقاً للتفاهم الأميركي الروسي، ولكن بالتأكيد ليس في هذا اللقاء، بل ما سيجري تحضيره للقاء الرئيسي الذي سيجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب في هامبورغ بألمانيا على هامش قمة العشرين في شهر تموز المقبل.

كلام ترامب المقتضب بوصف الاجتماع بالجيد جداً، أضاف إلى كلام لافروف عن التفاهمات حول التعاون لإنجاح مسار أستانة ومنصة جنيف، وتبريد جبهة الجنوب، والكلام الأميركي عن الاستعداد لحرب الرقة، إيحاءات الإيجابية.

حتى قمّة هامبورغ الحروب الباردة بالتوازي مع مساعي التبريد سيسيران جنباً إلى جنب، والحرب الباردة التي ستزداد سخونة من دون تصادم هي السباق على الحدود السورية العراقية، وحرب البادية، بينما مساعي التبريد ستتواصل من التعاون في إنجاح أستانة وما بشّر به لافروف من دور أميركي في ضمان أمن مناطق التهدئة، وفي تبريد الموقف التركي التصعيدي بوجه التعاون الأميركي الكردي في معارك الرقة المقبلة.

الأسئلة اللبنانية تقع في استكشاف مكانة لبنان بين الملفات: فهل هو من ملفات سيطالها التبريد أم من ملفات الحرب الباردة؟ هل هو من منصات التسخين أم من دوائر حصر النيران؟ فهل ستقع عليه قرعة جنيفر فاولر منسقة غرفة عمليات «خنق حزب الله» التي تقودها واشنطن، ومن مهامها تغيير التحالفات اللبنانية لتطويق الحزب وشلّ حركته كما قالت، أم أنه لا يزال مسوّراً بقرار دولي جامع بمنع السقوط في الهاوية التي حذّر منها الأمين العام لحزب الله، لأنّ مثل هذا الوقوع الذي يراه الحزب هاوية للجميع، يراه البعض في «إسرائيل» مدخلاً لسقوط لبنان في قبضة حزب الله، مع تداعي هياكل الدولة، بالعجز عن إجراء الانتخابات النيابية؟

مصادر متابعة تستبعد أن يكون لبنان موضع اهتمام دولي وإقليمي في هذه المرحلة التي لا يتسع فيها الانشغال الدولي لملف بحجم الكارثة التي تنتظر اليمن، وترى أنّ الأمر بيد اللبنانيين لتخطي عنق الزجاجة، والتفاهم على مخرج مشرّف للجميع يحفظ ماء وجوههم في تسوية، فـ «لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم».

قانون النسبية بصيغة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، عاد للتقدّم مجدّداً وفقاً لعضو لجنة الاتصالات لوضع مشروع قانون جديد للانتخابات نادر الحريري، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري. والمتابعون يُجمعون على أنّ التيار الوطني الحر الذي يشكل الممانع الوحيد لهذا المشروع متمسّك بمشروعه النسبي وفق صيغته التأهيلية، التي منحها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حقنة دعم، بات قريباً من القبول بصيغة بري مع تعديلات طفيفة.

مصدر متابِع على صلة وثيقة بما تشهده الساحة من تجاذبات وصف ما يجري بالقول، يبدو أنّ التيار شرب ماء النسبية بخلطة الملح التي قدّمها بري تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في الأربعاء النيابي، في ما تبدو تفاهمات المستقبل والتيار الوطني الحر وما فيها من تفاهمات الخبز والملح عنصر تشجيع على تلافٍ متبادل للأعراض الجانبية، حيث يمكن الرهان على تساند متبادل في الصوت التفضيلي على مستوى القضاء، حيث لأحدهما مرشح وللآخر أصوات من دون مرشح أو فائض أصوات قابل للتحكم والتوزيع، بينما يبقى حزب الله جاهزاً لدعم مرشحي التيار حيث يمكن، رغم الخلافات التي شهدتها مناقشات مشاريع قوانين الانتخاب.

بري: لا جلسة من دون قانون

في وقتٍ تخوض القوى السياسية سباقاً مع المهل الدستورية «الممددة» إلى 31 الشهر الحالي، موعد نهاية العقد العادي للمجلس النيابي، فإن أي تطور لم يبرز على صعيد التوافق على مشروع انتخابي حتى الآن، إن في اللجنة الوزارية المكلفة دراسة قانون الانتخاب وإن في اللقاءات الثنائية والثلاثية التي تتمحور النقاشات فيها حول طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري نظام المجلسين ومشروع الوزير مروان شربل النسبية على 13 دائرة مع دوائر موسّعة مع الصوت التفضيلي، كما علمت «البناء» ما يعني أن الجلسة النيابية المقررة الاثنين المقبل، باتت بحكم المؤجلة طالما لم ترسل الحكومة مشروع قانون الى المجلس النيابي.

ونقل النواب عن الرئيس بري لـ«البناء» بعد لقاء الأربعاء في عين التينة، «أن الرئيس بري سيؤجل جلسة 15 أيار إذا لم يكن هناك اتفاق على اقتراح قانون انتخاب للتصويت عليه في مجلس النواب».

وأشار الزوار الى أن «حل المجلس النيابي له أسباب تتعلّق بآلية عمل المجلس ودرس الموازنة ولا يجوز أن يذهب البعض الى تفسير المادة 25 من الدستور كأداة لخدمة مصالحه السياسية والانتخابية، فالرئيس بري لن يسمح بحصول فراغ في السلطة التشريعية والدستور يمنع ذلك أيضاً فضلاً عن مواقف جميع القوى السياسية الرافضة للفراغ. كما أكد النواب رفض رئيس المجلس للطروحات الانتخابية الطائفية والمذهبية التي تضع المتاريس والسدود والحدود بين الطوائف وتزيد في تقسيم البلد وتضرب صيغة العيش المشترك، فلا يجوز أن تجري عملية البحث عن مشروع قانون توافقي على قياس ورقة تحالف بين مكونين لا تخدم مستقبل اللبنانيين وتسقط حق جزءٍ منهم في اختيار النواب».

وأكد رئيس المجلس أنه «ليس المطلوب الانتقال من سجن سيئ الى سجن أسوأ.. من قانون الستين الى قانون طائفي، فاللعب بالطائفية لا يعني أن الطوائف لعبة والوطن ملعب». وشدد على «التمسك بالثوابت الوطنية والمقاربة الوطنية في التعاطي مع قانون الانتخابات، وقال: «لن نكون أبداً مع أي مقاربة طائفية للقانون الجديد».

وإذ حذّر مما يدور حولنا من مخاطر، دعا الى «الابتعاد عن بث الروح الطائفية، والتمسك بالمبادئ الوطنية بعيداً عن المصالح الضيقة والفئوية».

«المستقبل» وازدواجية المعايير

وبعد اللقاءات الثنائية والثلاثية المتتالية التي شهدها السراي الحكومي ووزارة المال خلال الأيام القليلة الماضية، برز أمس موقف لافت لمدير مكتب رئيس الحكومة سعد الحريري، نادر الحريري، الذي أكد أنّ «الأمور غير مقفلة وطرح رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يزال قائماً». ورأى الحريري «أنّ الجميع موافق على أن يكون الصوت التفضيلي بالقضاء بصيغة بري»، مضيفاً أنّ «التأهيلي يلقى معارضة جدية من ناس فاعلين بالبلد»، بينما جاء الردّ سريعاً من التيار الوطني الحر التي أكدت مصادره بحسب الـ«أو تي في»، أن «التيار لا يزال متمسكاً بالتأهيلي ولكنه لا يعارض طرح بري إن تمّ حسم النقاش بالدوائر ومجلس الشيوخ».

وأكدت كتلة المستقبل أهمية التوصل إلى صيغة قانون جديد للانتخاب يكون حصيلة للتوافق الوطني عليه، وذلك بما يجنّب البلاد المشكلة الخطيرة المتمثلة بالوقوع بحالة الفراغ في المؤسسة الدستورية الأم، والتي هي مجلس النواب بما قد يُطيح بما تبقى من استقرار ينعم به لبنان. وأشارت بعد اجتماعها في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، الى الحرص على أهمية التوصل إلى قانون الانتخاب العتيد عن طريق التوافق، وذلك من أجل النأي بلبنان عمّا تحمله تلك التطورات والصدمات القاسية الناتجة عنها من تأثيرات سلبية على لبنان وعلى أوضاعه الداخلية».

وفي المقابل، قالت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» إن «تيار المستقبل يمارس ازدواجية في المعايير تجاه قانون الانتخاب، فمن جهة يؤيد المشروع التأهيلي ومن جهة أخرى يعلن دعمه لطرح الرئيس بري ولم يبدِ موقفاً حاسماً بهذا الشأن حتى الآن ويستخدم سياسة الموافقة على كامل الطروحات ولم يلتزم الحريري بوعده بأنه سيقدّم مشروع قانون جديد، مشيرة الى أن «المرحلة لا تحتمل المراوغة وتقطير الوقت وتقتيله وتقطيعه، بل تحتاج الى موقف حاسم وواضح». كما لفتت المصادر الى فشل الحكومة في إعداد مشروع قانون وإرساله الى المجلس النيابي كما وعدت في بيانها الوزاري، كما استغربت المصادر «تراجع بعض الأطراف عن النسبية الكاملة القاسم المشترك بين أغلب القوى السياسية والمعبرة عن الإرادة الشعبية العارمة».

ولفتت مصادر مطلعة لـ«لبناء» أن «فرصة التوافق في شهر أيار على قانون جديد مازالت قائمة في ظل الزخم الحاصل في مناقشة مشاريع القوانين، لكنها أشارت الى أنه في حال تخطّينا مهلة أيار سيُصار الى فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي»، مضيفة أن «المشروع التأهيلي سقط بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير»، مؤكدة أن «حزب الله يدعم استمرار المساعي الإيجابية للتوصل الى صيغة توافقية، لكنه يرفض الفراغ التشريعي بشكلٍ مطلق».

وأشار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى أن «لبنان الذي استعاد عافيته ووحدته الوطنية بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة وتشكيل الحكومة، استطاع المحافظة على استقراره الأمني في مواجهة خطرين دائمين، الأول خطر الإرهاب على الحدود الشرقية، والخطر «الإسرائيلي» على الحدود الجنوبية، وإرادة اللبنانيين موحّدة في مواجهة هذين الخطرين».

سجال وزاري حول الكسارات

ولم يقارب مجلس الوزراء الملف الانتخابي، باستثناء تأكيد من الرئيس سعد الحريري على وجوب متابعة ملف قانون الانتخابات ليصل نهاياته السعيدة، مع إصرار على ضرورة أن يصل نهايات وخواتيم سعيدة، بينما لفت وزير الشباب والرياضة محمد فنيش قبيل الجلسة إلى أنّ النسبية باتت القاسم المشترك لدى الجميع، وكلام رئيس الجمهورية عن تناتش المقاعد المسيحية هو رأي الرئيس».

ولم يتطرّق المجلس في جلسته التي عقدت في السراي الحكومي أمس، برئاسة الحريري الى خطة الكهرباء. و»أقرّ جدول الأعمال المؤلف من 114 بنداً وبندين من خارج الجدول وإعطاء مدة شهر لأصحاب المقالع والكسارات ليستخدموا خلالها الستوكات والمستودعات الخاصة بهم، على أن يتقدم مَن يحتاج الى تسوية أوضاعه إذا توفرت لديه الشروط بطلب الى وزارة البيئة».

وشهدت الجلسة، بحسب ما علمت «البناء» سجالاً بين وزيري الداخلية نهاد المشنوق والبيئة طارق الخطيب على خلفية ملف الكسارات، فقد اتهم الخطيب المشنوق باعتماد المزاجية في فتح الكسارات وإغلاقها. وقال له: «أنا مش إجر كرسي هون»، بينما اعتبر المشنوق أن «السماح بالعمل للكسارات غير المرخّصة سيعيد الفوضى للقطاع»، وقال خلال الجلسة إن «الملف بات لدى وزير البيئة «وأنا شلت إيدي».

ومن جهة أخرى، رفض وزراء رئيس الجمهورية والوطني الحر حصر مناقصة تركيب كابلات ألياف طرحتها وزارة الاتصالات، ودعا الوزراء الى تطبيق قانون 145 بإجراء مناقصة تجهيزات عمومية وليس مناقصة محصورة بالوزارة، فرفض الوزير جمال الجراح ذلك معتبراً بأن «القانون يعطيه الحق بإجراء مناقصة خاصة بالوزارة وأن القانون 145 غير واضح».

وفي ما يتعلق بموضوع أزمة بواخر الكهرباء، وبحسب ما علمت «البناء» من مصادر مطلعة، بأن «خطة الكهرباء لن تسلك طريقها الى التنفيذ في ظل صعوبة في إيجاد الاموال اللازمة لتغطية كلفتها العالية لا سيما وأن الكلفة تقدر بـ 2 مليار دولار ومن خارج الموازنة، الأمر الذي يحتاج الى تشريع في المجلس النيابي، وبالتالي الى توافق سياسي وتنسيق مع وزارة المالية، فضلاً عن أن إنفاق هذا الملبغ سيرفع العجز إلى 30 في المئة».

وأكّد وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل أنّ هناك «إجراءات كلّفني بها مجلس الوزراء، وإذا كان من أحد قد لحس إمضاءه فهذه مشكلته. وعندما يصل التقرير للمجلس سنبحث بالموضوع». بينما أكد الوزيران محمد كبارة ومعين المرعبي ردّاً على أبي خليل بالقول: «لا لسفن إنتاج الكهرباء». وقال كبارة: «لا أرى أنّ السفن لإنتاج الطاقة توفر أموالاً على الدولة اللبنانية وسنبحث في الوسيلة التي تؤدي لذلك».

في سياق آخر، لفت وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة الى أن لا أحد يهتم بالعقوبات الأميركية الجديدة والتهديدات «الإسرائيلية» والتعيينات الأساسية، وهناك عملية إلهاء تقع الدولة فيها.

وتوسّعت جبهة الرفض على خطة وزير الطاقة الكهربائية، فقد قال رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط أمس، على تويتر: «لا لصفقة السفن التركية.. نعم لعصر النفقات وتخفيض العجز».

مقاربة إقليمية لنصرالله اليوم

وعلى وقع الأزمة الداخلية والتطورات في المنطقة، يُطل السيد نصرالله اليوم بمقاربة شاملة للتطورات الإقليمية بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد القائد مصطفى أمين بدر الدين ذو الفقار في احتفال يقيمه حزب الله في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية.

وتستحوذ التهديدات «الإسرائيلية» الأخيرة ضد لبنان والمستجدات على الجبهة الجنوبية الشرقية لسورية والحشود الأميركية البريطانية الجزء الأكبر من الخطاب.

كما سيتحدث السيد نصرالله عن المرحلة الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية غداة وصول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، ويسلط الضوء على الأجندة العسكرية والسياسية المعدّة لسورية لمواجهة حلف المقاومة، وسيعلن موقف هذا الحلف للتصدّي لهذه المشاريع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى