الخلاف السعودي القطري: لماذا؟

حميدي العبدالله

عادت الخلافات من جديد بين قطر والمملكة العربية السعودية. ويمكن القول إنه منذ الإطاحة بأمير قطر والد الأمير السابق حمد كانت السمة البارزة للعلاقات القطرية – السعودية سمة الخلاف والصراع. فما هي أسباب هذا الخلاف؟

لا شك أنّ واحداً من أسباب هذا الخلاف عدم قبول قطر لزعامة المملكة العربية السعودية لمجلس التعاون الخليجي، حيث دأبت قطر منذ فترة طويلة، تمتدّ حوالى عقد ونصف العقد، على رفض سعي السعودية لأن تكون «الأخ الأكبر» في أسرة مجلس التعاون الخليجي، لكن ليس هذا هو السبب الوحيد الذي يفسّر نشوب هذا الخلاف واستمراره طيلة هذه الفترة، مع استثناء محدود لتحسّن العلاقات بين البلدين، بعد تسلّم الملك سلمان سدة المسؤولية في المملكة العربية السعودية.

هناك سببان جوهريان يساندان السبب الأول ويدفعان باتجاه أن يكون الخلاف بين الرياض والدوحة خلافاً مزمناً. السبب الأول، الخلاف بين مشروعين إسلاميين وسعي كلّ من قطر والسعودية لتزعّم مشروع منافس للمشروع الآخر. قطر تدعم المشروع الإسلامي الذي تسعى إليه وتعمل من أجله جماعة الإخوان المسلمين، وباتت قطر على قناعة أكبر بواقعية هذا المشروع وقدرته على التحقق في ضوء وصول حزب العدالة والتنمية في تركيا إلى سدة الحكم، وتنامي نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في أقطار عربية عديدة، منها الأردن والمغرب وتونس، وبالتالي باتت الدوحة على قناعة بأنّ لديها نفوذاً سياسياً وجماهيرياً يفوق ما لدى المملكة العربية السعودية ومن حقها أن تتزعّم المشروع الإسلامي.

السعودية من جهتها لديها مشروعها الإسلامي الخاص، وهذا المشروع كان أساس الكثير من الأحلاف والتكتلات ذات الطابع الإسلامي منذ قيام الحلف الإسلامي في مواجهة عبد الناصر وحركة التحرّر الوطني العربي في ستينات القرن الماضي، وتعتبر السعودية أنها مؤهّلة أكثر من قطر لتزعّم المشاريع الإسلامية لأنها عددياً هي أكبر من قطر ولأنها تحتضن الكعبة المشرّفة والمدينة المنورة، وبالتالي تحوز على مزايا لا تتوفر لقطر.

السبب الثاني، للخلاف أنّ لدى قطر مصالح مشتركة مع إيران، حيث تمّ بشكل مشترك استثمار حقول النفط والغاز في المياه القريبة من حدود البلدين، ناهيك عن أنّ قطر لا تؤمن بأنّ سياسة العداء المطلق لإيران ذات جدوى فعلية، لأنها تستنزف طاقات دول المنطقة، وتتحوّل إلى خطر يهدّد أمنها ووجودها.

هذه الأسباب للخلاف تؤكد أنّ أيّ محاولات تبذل لرأب الصراع بين البلدين، سيكون مصيرها الفشل، وحتى في حال نجاحها لن يقود هذا النجاح إلى أكثر من هدنة سرعان ما سوف تنفجر الخلافات بعدها من جديد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى