سلامة لنقابة المحرّرين: الوضع الاقتصادي ممسوك والتهويل بالعقوبات وتأثيراتها أدوات ضغط تستخدمها جهات معينة

أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه أمام وفد مجلس نقابة محرّري الصحافة برئاسة النقيب الياس عون، أنّ «الوضع الاقتصادي في لبنان ممسوك ولا خوف أبداً على الليرة، ولبنان لديه مقوّمات تسمح بألا ينهار سعر صرف الليرة والاقتصاد اللبناني. وكلّ عمليات التهويل بالعقوبات وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني غير صحيحة ولا تعدو كونها أدوات ضغط تسخدمها جهات معينة».

عون

وكان النقيب عون استهلّ اللقاء الذي تحوّل الى حوار بين أعضاء مجلس النقابة والحاكم، بكلمة أشاد فيها «بأداء الدكتور رياض سلامة الذي هو مصدر الأمان للاقتصاد اللبناني، والذي حاز ثقة اللبنانيين، مسؤولين ومواطنين، وأثبت جدارة فائقة الوصف، بحيث استطاع ان يحافظ على الليرة اللبنانية، على الرغم من كلّ التحديات التي عاشها ويعيشها لبنان، خصوصاً في ظلّ فراغ رئاسي وشلل حكومي وتعطيل برلماني».

وقال عون: «نزورك اليوم، إخواني وأنا، لأنك النبع والينبوع، لأنك الثقة التي يتطلع اليها الشعب اللبناني، بأمل ورجاء أن لبنان في أيام رياض سلامة، تجنّب الكثير من الخضات المالية والإقتصادية، لأنك شريف ونقي وعالم بخفايا الأمور وكيفية مجابهتها بحكمة وتبصر، ولأنك عنوان الاستقرار المالي الذي لا يحتمل هزات قد تفرغ لبنان ممن تبقى من أبنائه».

سلامة

وردّ سلامه بكلمة أشاد فيها «بالصحافة التي تبني ولا تهدم»، وأكد أنّ «لبنان يعيش اليوم على الرغم من كلّ التحديات الداخلية وفي الدول المحيطة به حالة من الاستقرار المالي في ظلّ انخفاض أسعار النفط التي تؤثر على تحويلات اللبنانيين، العاملين في الخارج. فاستطعنا تأمين الاستقرار للفائدة في حين أنّ دولاً كثيرة كمصر وتركيا ارتفعت الفائدة فيها كثيراً. ونحن لدينا كلّ المقوّمات والمعطيات لعدم رفع الفائدة لأنه سيشكل كلفة إضافية على القطاعين الخاص والعام وسيحدّ من القدرة التنافسية، ولدينا أمل كبير بأن تكون أولوية الحكومة والمجلس النيابي إقرار موازنتي 2017 و2018، لضبط العجز. وإنّ إقرار سلسلة الرتب والرواتب سيؤدّي إلى راحة في الأسواق، لأنّ 2،5 بالمئة من الناتج المحلي انتقل من القطاع الخاص إلى الدولة، لتخفيض العجز في الموازنة. وكما هو معلوم لدى الجميع، انّ لبنان يعيش على تحويلات اللبنانيين في الخارج، وما دام لدى هؤلاء ثقة بالقطاع المالي، فتحويلاتهم ستستمرّ، وهذا سيسمح للبنان بتمويل نفسه وتمويل حاجاته، التي تتطلب عملات أجنبية فاتورة النفط والاستيراد . ويهمّنا كثيراً تأمين الاستقرار على الفوائد. ولبنان استطاع على الرغم من كلّّ الصعوبات التي يمرّ بها، المحافظة على مستوى فوائد مقبول، بالنسبة للمنطقة. فإنّ معدل الفائدة لدينا، اليوم، هو بين 6 و7 بالمئة على الليرة اللبنانية، بينما في مصر هو بحدود 22 بالمئة وفي تركيا يفوق 12 بالمئة. كما تجدر الإشارة إلى أنّ الفوائد ترتفع عالمياً. ما يهمّنا اليوم، هو إيجاد كلّ المعطيات اللازمة لتبقى الفوائد مستقرة، لأنّ ارتفاعها يشكل كلفة إضافية، على القطاعين الخاص والعام، وتخفف القدرة التنافسية للبنان. استقرار الفائدة، يتطلب ضبط العجز في الموازنة، لأنّ ارتفاع العجز يؤدّي إلى أنّ الدولة بحاجة إلى تمويل، وإمكانات التمويل تواجه صعوبات، في ظلّ منافسات في كلّ المنطقة على الأموال».

وقال: «هناك دول في المنطقة تدخل أسواق المال وتستدين. هذا ما أعنيه بالمضاربة. الدول النفطية بدأت بإصدار سندات وتستدين من السوق. ولا يخفى على أحد أنّ مداخيل اللبنانيين، في الخارج باتت أقلّ بسبب انخفاض أسعار النفط، ولأنّ أسعار العملات في أفريقيا تراجعت كثيراً. نحن سنعمل جاهدين لأن تبقى الفائدة مستقرّة وسنبقى نتدخل من أجل ذلك، شرط أن يكون هناك ضبط للعجز في الموازنة. مشكلة لبنان هي العجز. مديونية الدولة تحملها المصارف، ولكن العجز يأتي ليزيد المديونية. إذا كان العجز في 2017 سيكون بحدود 4 مليارات و600 مليون وفي العام المقبل ستكون قيمة العجز نفسها ونتمنى ألا يكون أكثر. وهكذا يكون الدين العام زاد خلال سنتين بما لا يقلّ عن 9 مليار دولار. والتدابير التي توضع لأخذ الضرائب، تحسّن مداخيل الدولة، شرط أن نتنبه على الإنفاق الذي تقرّره الدولة. إنها أسس تساعدنا على تحقيق أهداف المصرف المركزي النقدية، والتي تصبّ في مصلحة اللبنانيين. إذا ارتفعت الفائدة واحد بالمئة مثلاً فإنّ فائدة القروض السكنية سترتفع واحد بالمئة. ما أتحدث عنه ليس نظرياً بل ترجمة لواقع قد يحصل. ونعمل وبواسطة المصارف لإيجاد إمكانية، لحلّ المشاكل التي تعيق أن تكون الحركة الإقتصادية في لبنان أفضل. طبعاً، الحركة الإقتصادية اليوم، تتأثر بالنزوح السوري، الذي هو عبء على لبنان، وتتأثر، أيضاً، بالذي يحدث في المنطقة من عدم استقرار، ولكن في الوقت نفسه، هناك مشاكل داخلية، علينا إيجاد الحلول لها. إننا نحاول على الصعيد العقاري، الذي يشهد تباطؤاً حالياً، أن نفعّل النظام الذي بموجبه يستطيع المطوّر العقاري سدّ جزء من دينه بعقارات. ولذا نحرّر الأموال التي تستعمل لإنهاء المشاريع وليستمرّ المطوّر العقاري بأعماله.

تشجيع الإنتاج والتصدير

أضاف: «المطلوب تحريك العملية الاستهلاكية في لبنان وتشجيع قطاعات منتجة، ويجب أن تكون لدينا قدرة على التصدير. ولقد أصدرنا تعاميم تشجع الصناعيين للتصدير، وفي الوقت نفسه، مدّدنا عقود القروض المدعومة، من خلال برامج مختلفة لدينا، فتصبح مدة القرض 19 سنة، وهذا ما يساعد على أن تبقى السيولة في السوق، ولا يفرض على المستدين أن يسدّد قرضه فوراً. باستطاعتنا أن نحمل ذلك، لأنّ السيولة في السوق متوفرة، والقطاع المصرفي مرتاح لذلك. الأسرة اللبنانية تستعمل 44 بالمئة من مدخولها لتسديد، الدين وخدمة الدين. هناك اليوم حوالي 130 ألف قرض سكني في السوق. وهذه القروض سمحت لعائلات كثيرة أن تتملك شققها. ولدينا برامج تحفيزية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وللبرامج البيئية ونريد تشجيع الإنتاج الفني في لبنان، لنخلق قطاعاً جديداً، مثلما أوجدنا قطاع اقتصاد المعرفة الرقمية. مصرف لبنان يحفز على مثل هذه البرامج، ولكنه ليس هو الذي يقرض، بل المصارف هي تأخذ مسؤولية الديون. والمصارف تستطيع الاستفادة من مصرف لبنان بسيولة وبفوائد منخفضة. انّ اقتصاد المعرفة الرقمية، هو قطاع ستكون له أهمية كبيرة في لبنان، الذي وبعد ثلاث سنوات احتلّ المرتبة الثانية بين الدول العربية، بعد دبي التي نعمل لنتقدّم عليها وبفترة قصيرة، لأنّ القدرة البشرية موجودة لدينا، وكنا بحاجة إلى استراتيجية تمويل ولقد وجدناها. وهذا القطاع خلق مئات الشركات وآلاف الوظائف. إنها مواضيع تحرّك الأوضاع الاقتصادية في لبنان. ليست لدينا القدرة التنافسية في القطاعات التقليدية، والتي لا توفر للبنانيين فرص عمل. كما أننا نسعى ليبقى لبنان ملتزماً بالمعايير الدولية، التي ترعى عمل المؤسسات المالية. هناك من له علاقة بالمحاسبة الدولية، وهناك علاقة بنسب الملاءة في القطاع المصرفي وباحترام القوانين، التي تصدرها الدول، لأنّ لبنان يتعامل بعملات أجنبية وليس فقط بعملته. فعلينا احترام قوانين هذه الدول التي تصدر العملات التي نتعامل بها. ونحن نحرص على أن تبقى علاقة لبنان مع المؤسسات المراسلة في الخارج التي تؤمّن حركة الأموال وانتقالها. وهذه مؤسسات خاضعة لقوانين الدول الموجودة فيها. وفي المصارف العاملة في لبنان، هناك دائرة امتثال، للتأكد أنّ المصرف بتحويلاته لا يخالف التشريعات الخارجية. ولقد أسّسنا دائرة امتثال في مصرف لبنان لنتأكد من أنّ كلّ الأموال التي تمرّ عبر مصرف لبنان، هي أموال شرعية بالنسبة للقوانين القائمة».

وختم: «إننا ننظر إلى القطاع المصرفي في لبنان، أنه مدماك الإقتصاد اللبناني، وبحسب المعايير الجديدة، المصرف لا يستطيع التسليف، إلا بنسبة معينة إلى رأسماله. وكلّما قويت رؤوس أموال المصارف، كلّما خلقنا تسليفات للإقتصاد اللبناني. ونحن في ظلّ انطلاقة عهد جديد، برئاسة الرئيس العماد ميشال عون وفي ظلّ حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، تسعى لتفعيل مشاريع البنى التحتية، لدينا أجواء تساعد لبنان لتعزيز نموّه. فالأموال والقواعد موجودة. هناك تحرك معيّن إذا تحقق وخصوصاً في المشاريع التي تبحثها الحكومة، بالنسبة للحصول على تمويل لتحسين البنى التحتية، سنعود ونرى نسبة نمو أفضل. النمو المتوقع حالياً، هو بحدود 2.5 بالمئة. كلما قامت الدولة باستثمارات تخلق نمواً، ولا أريد أن أتوقع، أحب العمل بالواقع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى