لمشروع فلسطيني ينتصر…

بلال شرارة

الأصدقاء الذين هم على صلة بـ أنا الفلسطيني قدّموا لي التهاني بالتفاهمات الجارية بين فتح وحماس برعاية مصرية.

أنا كان واضحاً لي منذ ما سبق زيارة واجتماعات قيادة حماس في القاهرة أنّ الموضوع يسير نحو بناء تفاهمات فلسطينية بعد إخراج عوامل مانعة إقليمية وعربية وبصراحة إخوانية.

مصر أساساً تريد استعادة الأمن في سيناء وعدم السماح له بأن يهدّد الاستقرار الداخلي المصري، وبأن يبقى عاملاً يهدّد بزعزعة الأمن، وكان لا بدّ من ضبط الحدود مع القطاع البري وما تحت الأرض الأنفاق ، ومن إعادة فرض الأمن في سيناء، الأمن الذي كان سائباً وخاضعاً للمهرّبين من المشرق إلى أفريقيا منذ فجر التاريخ عبر خط سورية لبنان فلسطين غزة العريش مصر وشمال أفريقيا . وقد زاد من الطين بلة أنّ التهريب اتخذ طابعاً خطراً منذ عام 1967 ووقوع الكثير من السلاح النظامي المصري بيد المهرّبين، وبالتالي تحوّلهم من مافيا مخدرات إلى مافيا سلاح ومسلحين.

مصر تريد أمنها وهي تريد علاقات تجارية رسمية وإنسانية مع القطاع، وليس علاقة اتفاق ومهرّبين، والقطاع له مصلحة كبرى في ذلك، ولكن دون ذلك ضبط المعابر رسمياً ، وهو الأمر الذي يحتاج إلى استعادة السلطة الرسمية الفلسطينية.

وهكذا عاد الفلسطينيون الغزاويون الذين يحتاجون إلى مواد بناء وإلى عودة الالتزام الدولي العربي بإعمار القطاع وعبور مواد البناء عادوا إلى فتح الأبواب المقفلة أمام العبور العلني لمواد البناء.

وعاد مفاوضو غزة الذين يريدون الكهرباء والطاقة المصرية لتشغيل الطاقة، عادوا إلى الصيغ القديمة المطروحة لتسهيل حركة المواد الخاصة بإنتاج الكهرباء.

غزة المحاصرة براً وبحراً وجواً تريد استعادة ميناء الصيد وحركة الصيادين والأشرعة، وهي تعرف أنّ المانع «إسرائيلي». وهو يمثل الثروة النفطية في بحر غزة.

لقد كان أبغض الحلالين عند الله وعندنا هو الطلاق الذي كان حاصلاً بين فتح وحماس، وكان من الضروري إعادة إصلاح ذات البين، وأنا أتلقى التهاني كذلك على نبوءات باستعادة مصر أدوارها الخارجية في جوارها الفلسطيني والليبي والسوري والعربي والأفريقي والعالمي.

الآن لا منتصر فلسطيني، لا فتح ولا حماس، والمستقبل الفلسطيني ليس بأيديهما، بل ربما هو بيد أطفال الحجارة والشبرية والدهس هو المستقبل أساساً يؤكد أنّ «إسرائيل» والإدارات الغربية الموالية لاستراتيجيتها فشلوا في إحباط أماني الشعب الفلسطيني، وأنّ المواجهات المقبلة لن تكون كلاسيكية تعرف «إسرائيل» كيف تواجهها على ضوء خبرات مكتسبة في الحروب ضدّ سلطة رام الله وسلطة غزة أو السلطة الموحّدة وأحلام وطموحات الدحلان.

الآن حماس في غزة تنتصر لفلسطين، والمواجهة ليست على منابر المؤسسات الدولية، وليست بزيادة الاعتراف الدولي بحق الفلسطينيين بدولة على حدود 1967 وعلى حدود التعديلات الجغرافية وتبادل الاراضي أو…

الآن غزة التي تحتاج إلى طعام وكهرباء وماء وفضاء و… ستحتفظ بأمنها، وكذلك فتح التي تحتاج إلى استعادة هيبتها وموقعها، وكلتاهما ستقف على أهبة لا يريد للآخر أن يخطئ الحساب بانتظار الانتخابات من أجل دولة على غيار كلّ منهما أو على قياسهما، ولكن ما هو مطلوب دولة على قياس الحلم الفلسطيني.

نعم أتلقى التهاني بالاتفاق الفلسطيني بين الأختين فتح وحماس، ولكني خسرت الكثير من سنوات عمري منذ فراقهما أو فرقتهما، والآن انتظر أن أتلقى التهاني ببناء مشروع فلسطيني، ببناء مفهوم مشروع لاستبدال رام الله ونابلس أو الخليل أو غزة ببيروت أو النبطية أو صور أو صيدا أو… ولا يستبدل أهداف القيادة بسلطة قاصر محكومة إلى حاجز جسر اللنبي أو أرينز .

أقول لا بدّ لمشروع فلسطيني أن ينتصر، أن نستعيد معاني حكايات غسان كنفاني وأن نعيد قراءة يوميات الحزن العادي لمحمود درويش، وأن نتشبّع بوجدان توفيق زياد، لا بدّ لنا أن نستعيد صور الشهداء على مساحة فلسطين والحدود العربية للقضية الفلسطينية وشهداء الحرب العربية «الإسرائيلية» وشهداء لبنان من الناقورة إلى العرقوب إلى النهر الكبير الجنوبي… لا بدّ من ذلك لا بدّ من بسط مجلدات بلادنا فلسطين على طاولة المدارس العربية، وكذلك إفهام الأجيال خطط العدو لتنفيذ حلم يعقوب الاستيطاني ومحاولة تهويد القدس والكيان، لا بدّ من إعادة درس فلسطين إلى المنهج التربوي والأخلاقي والسياسي العربي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى