الانتخابات التركية: أردوغان يحصل على أكثر من 50 من الأصوات وحزب الشعب الجمهوري يتجاوز العتبة الانتخابية..

بدأ الأتراك صباح أمس، التوجّه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية وتشريعية مبكّرة، وسط إجراءات أمنية مشدّدة تواكب عملية الانتخابات. حيث أدلى حوالي 56 مليون ناخب تركي بأصواتهم في انتخابات هي الأولى بعد التعديلات الدستورية والانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.

حصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أكثر من 50 في المئة من الأصوات عقب الانتهاء من فرز أغلب أصوات الناخبين، وخاض أردوغان الانتخابات الرئاسية كمرشح لـ»تحالف الشعب» الذي ضمّ حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، وحصل على دعم حزب الاتحاد الكبير من خارج التحالف.

وتزايد الإقبال على الاقتراع في الانتخابات التركية بعد أن كان ضعيفاً في الساعات الأولى من بدء العملية الانتخابية، وأغلقت صناديق الاقتراع في أنحاء البلاد الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي 1400 بتوقيت غرينتش ، وقال أردوغان «إن الإقبال على التصويت كان جيّداً كالمعتاد في تركيا».

وتنافس في هذه الانتخابات 6 مرشحين على منصب الرئاسة، في حين تجمّعت أحزاب الموالاة في تحالف الجمهوري لمواجهة تحالف المعارضة في الانتخابات البرلمانية المسمّى بتحالف الأمة، بينما بقي حزب الشعوب الديمقراطي الكردي خارج التحالفات ويخوض الانتخابات بمفرده.

وذكرت القنوات التلفزيونية «أنّ محرم إنجه مرشح أكبر أحزاب المعارضة للرئاسة حصل على 28.3 في المئة في أنحاء البلاد».

وكانت الحملات الانتخابية للمرشحين قد شهدت تنافساً حاداً بين المعارضة والموالاة، حيث تعهّد مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا ووريث أتاتورك بـ «تصحيح المسار السياسي الذي اتبعه أردوغان في حال فوزه بمنصب الرئاسة»، مؤكداً «إعادة العمل بالنظام البرلماني في البلاد، مع التشديد على فصل السلطات والتركيز على نظام تعليمي علماني، ولا ينسى الاعتراف بوجود أزمة مع أكراد تركيا التي يدعو إلى حلها تحت قبة البرلمان بما يحفظ للأكراد كرامتهم ويبدّد مخاوف الأتراك».

وفي كلمة له أمام مناصريه وصف إنجه، خصمه أردوغان «بالرجل المتعب وفاقد رباطة الجأش والذي لا يحترم شعبه».

واستعدّ الحزب الأتاتوركي الذي ظل بعيداً عن الحكم لفترة طويلة للدخول إلى المعترك السياسي، مستفيداً من أخطاء حكم العدالة والتنمية، كما قال مراقبون لا سيما تلك المتعلقة بالتعاطي مع الملفات والصراعات الإقليمية، حيث يتعهّد الحزب بتصحيح المسار عبر مصالحات مع الجيران.

فيما دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول أمس، المواطنين الأتراك إلى «ضرورة استخدام حقهم الديمقراطي والتصويت في الانتخابات»، كما اتّهم حزب الشعب الجمهوري بـ «الضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة» التي شهدتها البلاد قبل عامين.

كذلك، أعرب أردوغان عن «تفاؤله بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية» التي جرت أمس في البلاد.

وقال أردوغان قبيل انتهاء الاقتراع بدقائق: «حالياً يجري التصويت بكل هدوء، ونحن نراقب الوضع، ولن أقول شيئاً الآن». وأضاف الرئيس التركي الذي أدلى بصوته في اسطنبول برفقة صهره وزير الطاقة براءات البيرق «إنه يتوقّع أن تشهد العملية الانتخابية إقبالاً كبيراً في مؤشر إلى نضج الديمقراطية في تركيا».

في المقابل، نشر خصم أردوغان الرئيسي مرشح حزب الشعب الجمهوري محرم أنجه تغريدة على تويتر أعرب فيها عن «تفاؤله» وكتب: «النتائج الأولية بدأت بالظهور. أنا مبتسم».

وقال أنجه لدى إدلائه بصوته في معقله في يالوفا جنوب اسطنبول «أتمنى الأفضل لأمتنا»، متعهّداً «أن يمضي الليل أمام مقرّ الهيئة العليا الانتخابية في أنقرة للتأكد من نزاهة عملية الفرز».

وأعلن حزب الشعب الجمهوري «تسجيل مخالفات بخاصة في محافظة شانلي أورفا»، إلا أنّ أردوغان، قال لدى إدلائه بصوته في اسطنبول «تمّ إبلاغي بعدم وجود أي مشاكل جدية في أنحاء تركيا» في ما يتعلّق بسلامة عملية الاقتراع.

وتمكّن محرم إنجه من فرض نفسه في موقع المنافس الرئيسي لأردوغان في الانتخابات الرئاسية، مستقطباً الجماهير في كافة أنحاء البلاد وموقظاً معارضة مُنيت بهزائم متعاقبة.

وقالت المحللة إيلكه تويغور في معهد الكانو الملكي والمحاضرة في جامعة كارلوس الثالث في مدريد «حتى وإن كان الرئيس المنتهية ولايته الأوفر حظاً، من المرجّح أن يكون السباق أكثر تنافساً مما توقعه كثر».

وتكتسب الانتخابات الرئاسية أهمية استثنائية نظراً إلى أنّ الفائز فيها سيكون أول رئيس يتمتع بصلاحيات موسّعة نص عليها الدستور الجديد الذي أقرّ في نيسان 2017 بموجب استفتاء كان أردوغان أشد داعميه.

وفرض أردوغان حالة الطوارئ في السنتين الأخيرتين من عهده بعد الانقلاب الفاشل في 2016، واعتقل عشرات الآلاف خلال حملة قمع غير مسبوقة أدّت إلى توترات مع الدول الغربية.

وأردوغان خطيب سياسي مفوّه، باعتراف خصومه، وفاز في نحو عشر عمليات انتخابية، لكنه يواجه في هذه المعركة مشاكل اقتصادية متزايدة.

فالاقتصاد الذي شكّل لفترة طويلة ورقة رابحة بيد حزب العدالة والتنمية، بات في طليعة المخاوف مع انهيار الليرة التركية ونسبة تضخم زادت عن 10 ، ما انعكس على أحوال الأتراك المعيشية.

لكن يبقى السؤال مطروحاً عما إذا كانت حججهم وصلت إلى آذان الأتراك في جميع أنحاء البلاد، في ظلّ تغطية إعلامية للحملة غير متوازنة إطلاقاً لصالح الرئيس.

واضطر مرشح حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش الذي كان في ما مضى ينافس أردوغان على المنابر، إلى خوض حملته انطلاقاً من زنزانته في السجن، حيث يقبع منذ تشرين الثاني 2016 عند وضعه قيد التوقيف الاحترازي لاتهامه بممارسة أنشطة «إرهابية».

وغرّد بعد أن أدلى بصوته من زنزانته «إني مقتنع بأنّ النتيجة ستكون ممتازة».

وكان التصويت الكردي من العوامل الحاسمة في هذه الانتخابات المزدوجة، فلو نجح حزب الشعب الجمهوري في تخطي عتبة 10 من الأصوات الضرورية للدخول إلى البرلمان، فمن الممكن أن يخسر الحزب الرئاسي عندها غالبيته البرلمانية. لكن في حال فشل فسيحصد الحزب الحاكم غالبية الأصوات.

والأسبوع الماضي أقفلت صناديق الاقتراع للأتراك المغتربين بمشاركة نحو 1.5 مليون من أصل نحو ثلاثة ملايين ناخب مسجلين، بنسبة اقتراع ناهزت 49 في المئة.

وتشهد البلاد استنفاراً أمنياً لمواكبة الانتخابات، مع نشر 38480 شرطياً في اسطنبول وحدَها. وكما جرت العادة في تركيا يُمنع بيع الكحول خلال الانتخابات.

وعقدت أحزاب معارضة تتبنى مبادئ متباعدة مثل حزب الشعب الجمهوري اشتراكي ديموقراطي و»حزب الخير» يمين قومي و»حزب السعادة» إسلامي محافظ تحالفاً «معادياً لأردوغان» غير مسبوق لخوض الانتخابات التشريعية، بدعم من حزب الشعوب الديموقراطي المؤيّد للقضية الكردية، معتبرة هذه الانتخابات الفرصة الأخيرة لوقف اندفاعة أردوغان نحو امتلاك صلاحيات مطلقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى