أحمد لـ «البناء»: علينا خلق فرص عمل للشباب… ودور الإعلام أساسي في نجاح الحملة

عبير حمدان

حين يغيب عنصر الأمان في زمن صعب ومحكوم بمنطق الاستهلاك يصبح الوعي حاجة ملحة لتصحيح الخلل الذي يهدّد المجتمع، وتبقى العائلة هي الأساس والمرتكز، من دقت وزارة الشؤون الاجتماعية نفير الخطر بحيث أطلقت حملة توعية وتثقيف شاملة وفي المحافظات اللبنانية كافة تحت عنوان «خلي قلبك ع عيلتك» بالتنسيق مع الوحدات الإدارية والمشاريع المنبثقة عنها، وبالشراكة مع مؤسسات المجتمع المحلي، والمنظمات والجمعيات المتخصّصة.

وتشمل الحملة ستة ميادين هي الإدمان والصحة الإنجابية والتربية الأسرية والدعم النفسي الاجتماعي والتغذية والتنمية المجتمعية. وتهدف إلى نشر المعرفة وزيادة الوعي حول طرق الوقاية من المشكلات التي تواجه كلّ عائلة وكيفية العمل على معالجتها. وقد انطلقت الحملة بناء على نتائج دراسة المشاكل والظواهر الاجتماعية التي نفّذتها الوزارة في العام 2017.

أحمد: التوعية على أساس المبادئ والأخلاق

يتحدّث مدير عام وزارة الشؤون الاجتماعية القاضي عبدالله أحمد عن نقاط الارتكاز والمتابعة الميدانية التي سبقت حملة التوعية فيقول: «حين تسلّمت مهامي في الوزارة منذ عام ونصف العام تقريباً وكوني متابعاً للقضايا الاجتماعية، طلبت من فريق العمل فيها دراسة حول أكثر المشاكل التي تهدّد المجتمع، وتمّت الاستعانة بخبراء من المختصين في الشأن الاجتماعي من خارج الوزارة وطبعاً كان هناك فريق من الوزارة وبالشراكة مع الأمم المتحدة وتمّ العمل على الأرض من خلال الأبحاث والدراسات وخرجوا بورقة تحدّد أبرز الظواهر والمخاطر الاجتماعية التي تهدّد المواطنين ومجتمعنا بشكل فعلي، وعلى رأسهم تبيّن أنّ الإدمان أحد أخطر هذه الظواهر والتفكك الأسري وضعف المواطنة بالإضافة إلى موضوع سوء التغذية الظاهرة التي تؤدّي إلى الكثير من الأمراض وللأسف لبنان بات من البلدان التي تدق ناقوس الخطر في ما يتصل بالأمراض، وبالتزامن مع هذا كله كنت أقرأ عن ماهية دور المراكز الإنمائية انطلاقاً من وزارة الشؤون الاجتماعية ومن الواقع على الأرض، ورأيت أنّ الناس تميل إلى هذه المراكز إنطلاقاً من دورها في الرعاية الصحية بالدرجة الأولى ولكن هذا ليس عملها فقط إنما أساس عملها هو الخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى التوجيه والتوعية ونسج علاقة قوية مع المحيط من أجل مشاريع وبرامج تنموية اجتماعية وغير اجتماعية على مستوى المناطق التي تغطيها هذه المراكز ولذلك كان لا بدّ من حملة لأنّ دورنا توعية الناس من خلال المراكز الاجتماعية والعمل الاجتماعي والإرشاد، وفي نفس الوقت هناك مجموعة من المشاكل والظواهر الاجتماعية التي تغزو البلد ومن المفترض أن نطلق صرخة واحدة جميعنا، وبالطبع هناك جمعيات عديدة تعمل على الأرض لمعالجة كلّ الآفات الاجتماعية التي يعاني منها مجتمعنا».

ويضيف أحمد: «انطلاقاً مما تقدّم قمنا بتشكيل فريق عمل من الوزارة لتحديد المراكز التي يجب الإنطلاق منها مع مجموعة من الجمعيات التي من المفترض أن تكون شريكة على الأرض، وكان يوم السبت في السابع من شهر تموز اليوم الأول لإنطلاق الحملة، وقد تبيّن لي من خلال الحملة أننا نعاني من ضعف فعلي في ظلّ غياب الناس المختصة في معالجة كلّ الظواهر التي ذكرتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر في ما يتصل بالإدمان الالكتروني لا يوجد أشخاص ضمن الجمعيات مختصين وقادرين على معالجة المشكلة بالإطار المطلوب، لذلك ناقشت مع فريق العمل أنه من المفترض بنا أن نتجه نحو جلسات الحوار والنقاش مع الشباب خاصة في موضوع الإدمان الالكتروني ومع الأهل أيضاً وحتى في أسلوب التربية، ولكن التركيز على الشباب هو الأهمّ لأنّ العنصر الشبابي أكثر عرضة لهذا الخطر وخاصة الأطفال الذين يتلهّون بالهواتف وكافة الأجهزة المتطوّرة مما يفقدهم الإبداع والإبتكار».

ويشير أحمد إلى أهمية التوجه للعمل بشكل علمي أكثر من خلال التنسيق مع جمعيات متخصصة ومنظمات دولية أبدت كلّ الاستعداد للتعاون وتقديم الخدمات اللازمة.

وعن فرضية التفاوت بين المناطق في مقاربة الطرح يقول أحمد: «أكيد هناك تفاوت في المشاكل لناحية مقاربة بعض القضايا بين المناطق ولكننا نحاول التعاون مع جمعيات موجودة على الأرض لنعرف طبيعة كلّ منطقة، واختلاف البيئة بين منطقة وأخرى طبيعي ولو كنا في بلد واحد، قد يكون الاستقطاب ضعيفاً في بعض المناطق ولكن مع الوقت يمكن أن يتبدّل المشهد».

وعن باقي الوزارات مثل الثقافة والتربية ومدى أهمية مشاركة جميع المعنيين بضرورة التوعية يقول أحمد: «نحن تكلمنا عن هذا الموضوع وفي المرحلة المقبلة ستكون لنا حلقات مع وزارة التربية والمدارس والجامعات وفي حملات الصحة النفسية سنعمل مع وزارة الصحة التي لديها برنامج ناجح يتعلق بالصحة النفسية، وفي موضوع سلامة الغذاء سيكون لنا تواصل مع وزارة الإقتصاد».

لكن إلى أيّ مدى قد يساهم هذا الجهد في تغيير الواقع، يجيب أحمد: «نحن أمام خطر حقيقي إما نبقى مكتوفي الأيدي ونستسلم، وإما نعمل قدر الإمكان ونقدّم للناس ما هو متوجب علينا من مهامنا وصلاحيتنا، وجميعنا مسؤولون لتوجيه أطفالنا وأركز على الأطفال لأنهم جيل الغد لتكون تربيتهم سليمة على أساس المبادئ والأخلاق التي تتقدّم على كلّ شيء، ومن هنا علينا أن نسعى ونعمل على هذا الأساس في وجه المخاطر الواقعية والعلنية، يجب علينا تجفيف منابع الخطر، وحملات التوعية والإرشاد تشكّل فرقاً ولكن المطلوب أن يكون هناك متابعة من الأهل، وما يعاني منه الشباب لناحية الإدمان على كلّ ما هو سيّئ وأبرزه العمل الالكتروني سببه الفراغ والبطالة لذلك علينا أن ننشر الوعي ونشدّد على أهمية إيجاد الفرص للشباب، وحالياً أنا أدرس مشروعاً معيّناً بنِسب معينة وسأبنيها على أرقام لخلق فرص عمل للشباب وهذا المشروع نال استحسان جهتين أساسيتيين حين طرحته عليهما، ومن هنا لا بدّ أن نقوم بحركة قوية على مستوى البلد ولا بدّ من وجود حلول وبرأيي الأمل كبير بتغيير الواقع».

ويختم أحمد بالإشارة إلى دور الإعلام في نجاح الحملة من خلال إبراز ما نقوم به كفريق: «الإعلام دوره أساسي في تسليط الضوء على ما نعانيه، وحوارنا اليوم هو دليل على هذا الدور، وكلّ الحوارات التي نقوم بها في مراكز الخدمات الإنمائية ستصل بنا إلى نتيجة إيجابية».

من خلال تواصل «البناء» مع مجموعة من الفريق المشارك في الحملة وفي أكثر من مركز للخدمات الإنمائية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية بدت الأجواء إيجابية حيث اتفق الجميع على أنّ تفاعل الناس أتى إيجابياً مما يبشّر بأنّ الحملة تسير على الدرب الصحيح لناحية نشر الوعي والتثقيف.

شعبان: بحماية الأسرة نحمي المجتمع

وقد اعتبرت عليا شعبان مديرة مركز الخدمات الإنمائية/ حلبا أنّ حماية المجتمع تبدأ بحماية الأسرة. وعن مشاركتها قالت: «كان تفاعل الناس إيجابياً جداً وظهر ذلك من خلال المشاركة الواسعة منهم ومن مختلف الفئات الاجتماعية نساء ورجالاً وشباباً وحتى كهولاً…

وهنا أريد أن ألفت النظر إلى أنّ هذه الحملة التي نفذت عبر مراكز الخدمات الإنمائية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية تخاطب حاجات أساسية عند الناس وهي حاجات إلى المعرفة للوقاية ممكن ان تصيبهم وتصيب أسرهم، ونحن كوزارة شؤون نهتمّ للأسرة بكافة مكوّناتها كونها النواة الأساسية لأيّ مجتمع فإذا أردنا ان نحمي المجتمع لا بدّ من حماية الأسرة فيه، لذلك نحن ومن موقعنا في وزارة الشؤون مستمرّون في الحملة حتى نهاية السنة حيث سيتمّ تناول مواضيع مختلفة سنعمل عليها كالتربية الأسرية والصحة الإنجابية والتنمية المجتمعية والتغذية… طبعاً إضافة الى الإدمان على المخدّرات والتدخين والإدمان الالكتروني والذي سبق العمل عليه خلال شهر تموز».

أضافت شعبان: «انّ تفاعل الناس مع هذه الحملة تناغم مع جهد من الوزارة المدعوم من سعادة المدير العام والفريق العامل في الوزارة والمراكز للإصرار في العمل الجدي والدؤوب لحماية مجتمعاتنا بكلّ مكوّناتها بالتنسيق مع الجمعيات والبلديات والفعاليات فيها لإنجاح الحملة ونشر الوعي وتعزيز دور كلّ المعنيين بالأمر لنشر ثقافة الوقاية والحماية. ويذكر انّ هذه المواضيع جاءت على ضوء دراسة ميدانية قامت بها الوزارة حيث تمّ التعرف على المشكلات الأساسية في المجتمع».

من هنا نقول ودائماً «خلي قلبك على عيلتك» لأنها المجتمع الصحّي المنشود الذي نريد، وأحب التأكيد والتركيز على انّ مشاركة وتفاعل الناس كان إيجابياً لأنّ المواضيع أثارت اهتمامهم وأيضاً لأنّ مراكز الخدمات الإنمائية تحتضن المجتمعات المحلية بكافة مكوّناتها وهي في حالة تواصل دائم مع هذه المجتمعات وتسعى للمساهمة معها في حلّ المشكلات التي تتخبّط فيها من خلال برامج متنوّعة وشراكات محلية ودولية تنظمها الوزارة كي تستفيد منها هذه المجتمعات المثقلة خاصة بعد الازمة السورية».

ترشيشي: الرسالة موجهة إلى الأهل

من ناحيتها فصّلت شريهان ترشيشي مديرة مركز الخدمات الإنمائية في منطقة المرج ـ البقاع الأمور الأكثر إلحاحاً التي تناولتها الحملة، وقالت: «تمّ إطلاق حملة «خلي قلبك ع عيلتك « نهار السبت الواقع في ٧-٧-٢٠١٨ وشملت حوالي ٤٥ مركزاً. منها مركز الخدمات الإنمائية المرج وذلك بالتعاون مع جمعيات ومنظمات من المجتمع المحلي بالمواضيع التي ترصدها الحملة والتي وُضعت وفق معايير ومؤشرات وبعد دراسة تمّ تنفيذها حول الشؤون الأسرية عام ٢٠١٧، حيث تمّ اختيار أهمّها وأكثرها إلحاحاً. وفي ما يتصل بمركز المرج تمّ تناول موضوع الإدمان على المخدرات… مخاطره وطرق الوقاية منه، وكانت الرسالة موجهة إلى الأهل بالدرجة الأولى وذلك بالتعاون مع الجمعية العربية للوقاية من الإدمان بشخص الدكتور يوسف القريشي. بالإضافة إلى ندوة ثانية موجهة للشبان والشابات بالتعاون مع البرنامج الوطني لمكافحة المخدرات مع الأستاذة سحر دانيال».

وتابعت ترشيشي: «وقد لمسنا ردّة فعل الأهالي الإيجابية وحجم تفاعل الشباب والشابات، حيث تمّ طرح ومناقشة العديد من الاستفسارات وعرض وقائع من المجتمع، خصوصاً أنّ مخاطر الإدمان جليّة في مجتمعنا حتى أنها تطرق أبواب منازلنا. وكان هناك مشاركة لبعض الشباب الذين تكلموا عن تجاربهم لناحية التدخين وشرب النرجيلة، وتمّت مناقشة تأثيرها السلبي على الإنسان كما أنهم اقترحوا تنفيذ ورشة عمل حول الموضوع للتعمّق فيه وتناوله من كافة جوانبه».

الأمين: المشاركة الفعّالة

أما مدير مركز الصرفند الإنمائي فؤاد الأمين فقد أشار إلى تميّز الإعداد لحملة التوعية لما تنطوي عليه من أهمية، فقال: «بدا اهتمام الناس واضحاً مع الطرح الذي تجسده الحملة، ولمسنا ذلك من خلال حجم تجاوبهم سواء الشباب أو أهاليهم، وكان الحضور جيّداً بشكل كبير، ولم يقتصر هذا الحضور على الإصغاء فقط إنما كانت هناك مشاركة فعّالة، ومن خلال الاسئلة التي طرحت أثناء الجلسات الحوارية، وقد تمنّى الجميع علينا تكثيف هذه الندوات والحوارات واستمرار الحلقات التثقيفية التي تساهم في نشر التوعية والمعرفة بين الناس ولكلّ الفئات العمرية، وبرأيي الاستقطاب الواضح الذي شهدناه مردّه إلى التميّز في الإعداد لحملات من هذا النوع».

مهدي: الناس مستعدة للنقاش

من جهتها تحدثت رنا مهدي مدير المركز الإنمائي في برج البراجنة عن هدف حملة «خلي قلبك على عيلتك» وقالت: «هدف هذه الحملة رفع مستوى الوعي لدي الناس مما يساهم في دعم حركة التنمية والتقدّم في المجتمع، وتعزيز المشاركة بين الجهات المختصة والمعنية بالشؤون الاجتماعية من جهة وبين الناس من جهة حيث بدا تفاعلهم واضحاً وقوياً مع طرحنا، وقد أبدوا آراءهم بكلّ وضوح وبدورنا استمعنا إلى مشاكلهم وكان الحوار إيجابياً ومرضياً للجميع».

أضافت مهدي: «هذا النوع من الحملات التثقيفية والتوعوية يساعد على تقبّل الأفكار والتفاعل السلوكي بطريقة إيجابية، ومن خلال تجربتي ضمن فريق متكامل من الزملاء وتحت إدارة المعنيين في الوزارة رأيت أنّ الناس لديها استعداد كلي لمناقشة مشاكلها والبحث عن الحلول الناجعة لما يصيب المجتمع من شوائب اجتماعية، وغياب هذه الحملات سيكون الخطر مضاعف على المجتمع خاصة أننا في زمن صعب ومفتوح على كلّ الاحتمالات وقد يتأثر جيل كامل بثقافات لا تشبهه لذا علينا البحث عن المفيد في الإطار الثقافي والاجتماعي ليكون المشهد تفاعلياً بحيث لا نكون مجتمعاً استهلاكياً يتلقى وحسب بل المطلوب أن نفكر ونناقش ونحافظ على خصوصية مجتمعنا، وما نقوم به اليوم كفريق عمل في وزارة الشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع منظمات متخصصة وجمعيات أهلية ما هو إلا نتيجة دراسات ميدانية لمشاكل الناس لم تكن وليدة اللحظة والحملة هي بداية لخط جديد ستعتمده الوزارة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى