قالت له

قالت له: هل للثقافة دور في نجاح الحب؟

قال لها: ولها دور في فشله.

قالت: أقصد ألا يفتح الأفق الواسع ثقافياً للحبيبين فرصاً للنجاح أكثر؟

قال: أقصد أن هذا الأفق الواسع قد يجعل التخلي أحياناً أسهل.

قالت: وماذا تقصد؟

قال لها: أقصد أن المعارف بنظر الكثيرين هي الثقافة، بينما هي أدوات كلامية ومعرفية نستخدمها في التعبير عن مكنون النفس التي تنشأ في خصال وطباع يتشابه في جوهرها المثقفون نظرياً وغير المثقفين.

قالت: أيُعقل أن تساوي بين المثقف والجاهل؟

قال: المثقف كما أراه هو الذي تعدلت خصاله وطباعه مع المعارف والنقد والبحث والقلق بحثاً عن الأجوبة على الأسئلة الصعبة ورفض التسليم بالموروث بلا إعادة صياغته وتحقيقه. وهو غير مَن تجمّعت لديه المعارف والمعلومات وقدرة استخدام الكلمات كمستنقع ماء لا حياة فيه فبقيت خصاله وطباعه ذات الخصال والطباع التي كانت كحال الرجل الحامل لشهادة دكتوراه في الفلسفة يضرب زوجته أو حبيبته في حال الغضب أو الشاعر الذي يرمي الطعام بوجه زوجته لأنه لم يُعجبْه.

قالت: وكيف تتغيّر الخصال والطباع إن لم تتغيّر بالثقافة؟

قال: لا تتغير بغير الثقافة، لكن معيار الثقافة هو الأخلاق المؤسسة على فلسفة الإنصاف والتكافؤ وهي فلسفة عيش قد يدركها مَن ليست لديهم معارف ومعلومات وشهادات بمجرد التفكّر بالكون والبشر والاقتناع بأن الأصل من التراب وإلى التراب يعود.

قالت: إذن أنت تعتبر الأخلاق طريق الفوز بالحب وليس الثقافة؟

قال: بالتأكيد.

قالت: ألديك حجة أو مثال يُنهي الجدال؟

قال لها: اسمعي ما قرأت مؤخراً من أن مفردة الجمال وردت في القرآن ثلاث مرات في غير مورد الحديث عن جمال الطبيعة أو المرأة، بل بالحديث عن صبر جميل وصفح جميل وهجر جميل وأظنّها أفضل اختصارات للإنسان الجميل، وبها وحدها تستقيم علاقة إنسان بإنسان، فكيف بحبيب وحبيب؟

قالت: ونحن في أي منها؟

قال: في الصبر الجميل.

قالت: سأبادلك بالصفح الجميل.

وضحكا ومضيا يقولان معاً: خيرٌ من بلوغ الهجر الجميل!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى