أولى

مقترح حماس يعكس قوة المقاومة وفشل أوراق الضغط «الإسرائيلية»

‬ حسن حردان

شكل مضمون مقترح حركة حماس لإبرام اتفاق لتبادل الأسرى، على ثلاث مراحل، تستمرّ كلّ منها 42 يومياً، دليلاً قوياً على مدى قوة موقف المقاومة في المفاوضات وعدم تراجعها عن مطالبها الأساسية التي دخلت المفاوضات من أجل تحقيقها، وأكد فشل أوراق الضغط الإسرائيلية التي استخدمتها حكومة العدو لإجبار حماس على تقديم التنازلات والتسليم بالشروط الإسرائيلية لتبادل الأسرى…
فما هي الدلائل على قوة موقف المقاومة وعدم تراجعها عن مطالبها الأساسية؟
وكيف تبدّى فشل «إسرائيل» في استخدام أوراق الضغط على المقاومة؟
أولاّ، في دلالات قوة موقف المقاومة، إنّ من يقرأ مضمون مقترح حركة حماس يتبيّن له بوضوح الدلالات الآتية:
1 ـ قوة المقاومة، لا زالت المقاومة تتفاوض من موقع القوة، مستندة إلى قوتها في الميدان، حيث ورغم دخول الحرب «الإسرائيلية» ـ الأميركية على قطاع غزة شهرها السادس، إلا أنّ سيطرة المقاومة على أرض المعركة هي السائدة ولم تفقد زمام القيادة والسيطرة والتحكم، في حين انّ جيش الاحتلال لم ينجح في تثبيت سيطرته على المناطق التي دخل إليها، وتحوّل وجوده فيها إلى مصيَدة يختار المقاومون ببراعة التوقيت المناسب لاصطياد جنود العدو ومدرّعاته وإيقاعهم في كمائن محكمة، وبالتالي تكبيدهم الخسائر الجسيمة، في مؤشر قوي على فشل جيش العدو في تحقيق أيّ من أهداف حربه، وكان آخر اعترافات المسؤولين العسكريين الصهاينة السابقين بفشل جيش الاحتلال في القضاء على المقاومة أو إضعاف قدراتها، او تحرير الأسرى، للجنرال إسحاق بريك في مقابلة له مع القناة 13 «الإسرائيلية»… والتي أكد فيها انّ قدرات حركة حماس، عدا طبعاً عن بقية فصائل المقاومة، لم تتراجع، وهي سرعان ما تعيد تنظيم صفوفها في المناطق التي توغّل فيها الجيش الإسرائيلي، بعد انسحابه منها…
2 ـ انّ مضمون مقترح حماس لتبادل الأسرى عكَس ثباتها على مطالبها الأساسية، وهي وقف النار وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، وعودة النازحين وإدخال المساعدات وفكّ الحصار وإعادة الإعمار.
3 ـ انّ مقترح حماس برهن على إدارة ذكية للمفاوضات بتقديم الاقتراحات التي توصل إلى تحقيق المطالب، وتحشر حكومة العدو أمام عائلات الأسرى الصهاينة، والإدارة الأميركية الذين يستعجلون عقد صفقة التبادل ويضغطون على الحكومة الإسرائيلية لإنجازها، كلّ لحساباته… حيث تضمّن الاقتراح، ثلاثة مراحل، لتمكين رئيس حكومة العدو من النزول عن سلّم تعنّته، وذلك بأن تشمل المرحلة الأولى انسحاباً لجيش الاحتلال من طريقي الرشيد وصلاح الدين، لتسهيل عودة النازحين ومرور المساعدات، ومبادلة الأسرى المدنيين والمجندات الصهاينة، بأسرى فلسطينيين، على أن يكون مقابل إطلاق كلّ مجنّدة الإفراح عن خمسين أسير فلسطيني من أصحاب المؤبدات، تحدّد المقاومة أسماءهم، فيما يجري خلال هذه المرحلة، التفاوض على شروط المرحلة الثانية، وهي وقف النار وانسحاب كامل لجيش الاحتلال، وكذلك أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين يُطلق سراحهم مقابل الإفراج عن الأسرى من الجنود الصهاينة.. على أن تشمل المرحلة الثالثة البدء بإعادة الإعمار وفك الحصار.
4 ـ انّ مقترح المقاومة أعاد الكرة إلى ملعب الحكومة «الإسرائيلية»، ووضعها مجدّداً في مواجهة عائلات الأسرى الصهاينة الذين سارعوا إلى التظاهر لمطالبة حكومتهم الإسراع بعقد صفقة تطلق الأسرى.. فيما باتت هذه العائلات تحظى بتأييد متزايد في أوساط الرأي العام «الإسرائيلي» والمعارضة، وبعض وزراء مجلس الحرب، وحتى أوساط الجيش الذي أصبح يتوق إلى الخروج من مستنقع غزة الذي دُفع إليه…
ثانياً، كيف تبدّى الفشل «الإسرائيلي» في الضغط على المقاومة:
1 ـ استمرار الفشل في الميدان، حيث لم ينجح جيش الاحتلال في تحقيق صورة نصر عسكري، ولا في إطلاق الأسرى الصهاينة، او الوصول إلى قادة المقاومة.. رغم دخول الحرب شهرها السادس.
2 ـ الفشل في استخدام ورقة المساعدات وسيلة لانتزاع هدنة مؤقتة بشروط نتنياهو، والذي اضطر اخيراً تحت ضغط الرأي العام والإدارة الأميركية إلى العودة لإدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة انْ كان من الجو او البحر أو البر…
3 ـ الفشل في تجويع الغزيّين لجعلهم ينقلبون ضدّ مقاومتهم حيث ورغم اشتداد وطأة نقص الغذاء، وارتكاب مجازر شاحنات الطحين والغذاء، إلا أنه لم يخرج مواطن يحمّل المقاومة المسؤولية عن ذلك او يدعوها إلى التسليم بشروط العدو للهدنة.. بل على العكس كانت الأصوات تخرج بعد كلّ مجزرة لتؤكد على التمسك بالمقاومة وعدم الاستسلام لابتزاز العدو.. أما سعي نتنياهو لإيجاد وكلاء في غزة يقومون بتولي توزيع المساعدات وغيرها من الأمور المدنية بما يخدم أهداف الاحتلال، فقد لاقى الفشل أيضاً بإعلان العشائر في غزة رفضها المطلق للعب هذا الدور او التخلي عن المقاومة.. ولهذا لم يجد نتنياهو شريكاً يتعاون معه في إيصال وتوزيع المساعدات بديلاً من وكالة الأونروا.. التي حاول تهميش دورها دون جدوى.
4 ـ الفشل في التلويح بورقة اجتياح مدينة رفح لدفع المقاومة إلى تليين موقفها في المفاوضات، حيث لم تؤدّ مصادقة نتنياهو للمرة الثالثة على قيام جيش الاحتلال باجتياح رفح إلى إرهاب المقاومة أو إخافتها، بل على العكس فإنها توعّدت جيش الاحتلال بمقاومة ضارية تفشل أهدافه كما فعلت في كلّ المناطق…
خلاصة القول، إنّ المقاومة لا تزال تملك زمام المبادرة في الميدان المفاوضات مستندة إلى قوّتها في الميدان وصمود ووحدة الشعب الفلسطيني.. في حين أنّ جيش الاحتلال بات في وضع غير مريح في غزة، والضفة الغربية، وشمال فلسطين المحتلة نتيجة النزف الذي تسبّبه هجمات المقاومة في لبنان وقطاع غزة والضفة، اما حكومة نتنياهو فإنها باتت في مواجهة ضغوط داخلية، لا سيما من عائلات الأسرى، وكذلك ضغوط من دول وشعوب العالم، تطالبها بوقف النار.. فيما واشنطن أصبحت تلحّ عليها لعقد صفقة لتبادل الأسرى…
وبالتالي بات المشهد واضحاً، المقاومة في موقف قوي وجبهتها الداخلية متماسكة، أما كيان الاحتلال فإنه دخل في أزمة متفاقمة ويعاني من تصدّع وانقسام جبهته الداخلية على خلفية فشله في غزة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى