مانشيت

المملوك وفيدان في موسكو… والسيادة السورية أولاً… ووقف النار الليبي اليوم برعاية روسية الأزمة الحكوميّة نحو كسر الجليد… والخلافات حول التشكيل لتدوير الزوايا لا ثلث معطل ولا اعتذار ولا سحب تكليف… والباقي قيد النقاش لتعاون الضرورة

كتب المحرّر السياسيّ

في العراق تثبتت معادلة عودة رئيس الحكومة المستقيلة عادل عبد المهدي لتشكيل حكومة جديدة مقابل غض النظر عن استقالة رئيس الجمهورية برهم صالح، ومنح الأولوية لحكومة تفاوض على جدول زمني للانسحاب الأميركي، وحتى ذلك الحين رئيس حكومة مستقيلة متمسك بهذا الانسحاب رغم المراوغة الأميركية، ومحاولات اللعب على التناقضات العراقية، ومقاومة عراقية تستعدّ لبرنامج عمل ميداني سيبدأ بالتحول إلى مصدر ضغط جديد على الأميركيين للخروج من حالة الإنكار، وصولاً للاعتراف بأن ساعة الرحيل لا مفرّ منها، وفي سورية نضوج لحظة سياسية تاريخية لحساب السيادة السورية في ظل مساعٍ روسية نجحت بإيصال القيادة التركية إلى حسابات تتصل بدورها الإقليمي مع الشراكة برعاية وقف النار في ليبيا الذي ينتظر تكريسه اليوم برعاية روسية، لتقبل حقيقة نهاية الدور في سورية وتتويج النهاية بالشراكة السياسية بإنهاء العبث بواسطة الجماعات المسلحة التي بدأ الأتراك بنقلها نحو ليبيا، والتسليم بخروج لاحق من سورية، لحساب تولي الجيش السوري وحدَه مسؤولية السيطرة على الأمن. وقد ترجم هذا التحوّل باللقاء الذي جمع رئيس مجلس الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك برئيس المخابرات التركية حقان فيدان برعاية روسية، كانت السيادة السورية الحاضر الأول فيه.

في لبنان بدأت ملامح تراجع عاصفة الأزمة الحكومية التي ترافقت مع العاصفة الثلجيّة التي عرفها لبنان، والزلزال الذي عصف بالمنطقة مع اغتيال القائد قاسم سليماني، حيث برزت على السطح مساعٍ لكسر الجليد، تجسّدت بكلام قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن تمسّكه بالرئيس المكلّف حسان دياب بعد كلام منسوب غير مؤكد لأوساط مقرّبة من قصر بعبدا، وفقاً لمقدمة أخبار تلفزيون «أم تي في»، عن التفكير بصيغة قانونية لسحب التكليف من الرئيس دياب بعد رفضه الاعتذار. وقالت مصادر متابعة للملف الحكومي، إن ثلاثة لاءات تبلورت بحصيلة مشاورات الأمس تضع أرضية كسر الجليد والعودة لتشغيل محركات التفاوض حول التشكيلة الحكومية، هي لا لثلث معطل لأي من الأطراف المكوّنة للحكومة، والتي يمثلها الرؤساء الثلاثة، ولا اعتذار للرئيس المكلف، ولا سحب للتكليف، وكل ضغط باتجاه واحدة من هذه العناوين هو عبث سياسي في لحظة صعبة وخطرة، وقد يشكل قفزة في المجهول في غياب الأجوبة عن الخطوة الثانية في ظل رفض الأطراف الأخرى التسليم. فالإصرار على ثلث معطل لأي طرف يقابل برفض الأطراف الأخرى، والاعتذار مرفوض من المعني الأول به وهو الرئيس المكلف، وسحب التكليف سابقة خطيرة وقفزة نحو المجهول دستورياً وسياسياً وطائفياً. وعلى خلفية هذه اللاءات توقعت المصادر بدء تشاور يعيد ترطيب الأجواء وينزع فتائل الأزمة ليستعيد التفاوض على التشكيلة الحكومية حرارته خلال الأيام المقبلة وصولاً لنهاية أسبوع يفترض أن تشهد إقلاع المحرّكات نحو تأليف الحكومة بصورة جدية، بعدما بدأت الضغوط الاقتصادية والمالية والاجتماعية تنذر بموجة غضب شعبي ثانية قد لا تكون قابلة للاستيعاب ما لم يرافقها حسّ مسؤولية يترجم بولادة حكومة تخاطب اللبنانيين بمشاريع حلول لمشاكلهم، وتوحي لهم أن الأولوية في الحكومات لم تعُد للحصص الحزبية بل لبرنامج العمل الحكومي والفريق القادر على ترجمته بخطوات عملية إنقاذية.

 

 

 

وأطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه وفد مجلس نقابة الصحافة جملة من المواقف في الشأنين الحكومي والاقتصادي والمالي وفي ملف ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، ولاحظ أن «الرئيس المكلف وضع قيوداً لنفسه، لا الكتل التي سمّته طلبت منه هذه القيود ولا الكتل الأخرى، ومنها عدم توزير النواب والوزراء السابقين، وهنا أسأل اذا كان هناك وزير سابق وناجح فلماذا استبعاده؟ ثم طالب بحكومة اختصاصيين، نحن معه، لكن ما لم نفهمه بوزراء مستقلين، فهل الاستقلالية أن لا يكون الوزير منتمياً، وأن من قام بتسمية الرئيس المكلّف هم قوى سياسية وحزبية، وهذه الأحزاب لديها اختصاصيون وكفاءات».

وحول الأزمة الاقتصادية والمالية قال بري: 50 بالمئة من أسباب التدهور الاقتصادي سببه سياسي صرف، أعطونا حكومة إنقاذية، وأؤكد لكم أن إنقاذ لبنان ممكن، ووقف الانحدار ليس صعباً. فالسياسة هي الأساس، وكل السفراء الذين نلتقيهم يجمعون على ضرورة إنجاز حكومة لديها برنامج إصلاحي، وهم مستعدون للمساعدة المهم بأي حكومة امتلاكها للبرنامج».

وحول ما يُحكى عن منح الحكومة الجديدة صلاحيات استثنائية، أضاف: «ليس وارداً عندي إعطاء صلاحيات استثنائية لأية حكومة»، مذكراً ان الرئيس رفيق الحريري طالب بذلك ورفضت، فطالما ان المجلس النيابي قادر ومستعد لتلبية عمل الحكومة فلماذا الصلاحيات الاستثنائية، وطالما المجلس الحالي وكافة لجانه تعمل لنشاط، لماذا الإصرار على صلاحيات استثنائية؟».

وكرّر بري موقفه بدعوة حكومة تصريف الأعمال للقيام بعملها كاملاً بانتظار مراسيم تشكيل حكومة جديدة، لافتاً الى ان اتصاله بالرئيس سعد الحريري لم يكن من باب التشويش على الرئيس المكلف، إنما من باب العمل من أجل إقرار موازنة 2020 التي جرى توزيعها على النواب تمهيداً من أجل تحديد موعد لجلسة نيابية وإقرارها قبل نهاية الشهر الحالي تداركاً قبل الوقوع بمخالفة دستورية.

ولفت جنبلاط في تصريح بعد اللقاء أنه «لا يمكن للبلد أن يبقى في هذه الحالة من الانحدار والحراك أسقطنا سياسياً، لكنه لم يقدم خطة بديلة والبديل الوحيد هو الانتخابات وفق قانون خارج القيد الطائفي».

وأشار إلى أنه «لا بدّ من تشكيل حكومة وقبل الوصول إلى الحكومة لا بدّ من الحدّ الأدنى من تصريف الأعمال»، مشدداً في هذا الإطار على أن «تصريف الأعمال يوازي أهمية تشكيل حكومة».

وكشف جنبلاط أنه «اقترحت الأستاذ وليد عساف ليكون وزيراً ثم اتصلت باللواء جميل السيّد وأكدت له الموضوع لأنّني عرفت أنه أصبح ممن يشكلون حكومات»، ليعود ويؤكد أننا «نحن كحزب تقدّمي اشتراكي قلنا إننّا لن نشارك في الحكومة لكن هذا لا يعني أن نشطب الدروز».

وبدأت تداعيات التأخير بتأليف الحكومة تنعكس سلبياً على الشارع، إذ سُجل أمس قطع لعدد الطرقات في العديد من المناطق اللبنانية. فقد تجمّع عدد من المحتجين عند جسر الرينغ وأقفلوا الطريق حيث حصل تدافع بينهم وبين القوى الأمنية. وأكد المحتجون ان «لا رجوع الى الوراء في موضوع تحركاتهم، لان السلطة لم تستمع لمطالبهم حتى الآن، والتصعيد هو الحل الأنجح معها». وفي مشهد مشابه، حصل إشكال في ساحة ايليا بصيدا بعدما أقدم المحتجون على قطع الطريق ونصب الخيم في المحلة ما أدّى لسقوط 5 جرحى إثر الإشكال مع الجيش.

وتتصاعد المخاوف من تردي الاوضاع الاقتصادية والمالية وسط ارتفاع في أسعار السلع الأساسية وارتفاع سعر الدولار وتفاقم أزمات الكهرباء والمحروقات وقد سادت حالات من الهلع لدى المودعين في المصارف خوفاً على ودائعهم لا سيما مع طلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من رئيس الجمهورية والمجلس النيابي منحه صلاحيات استثنائية لتنظيم وتوحيد طريقة تعامل المصارف مع المودعين، الأمر الذي يرفضه رئيسا الجمهورية والمجلس النيابي بحسب مصادر «البناء» التي رأت في ذلك «محاولة من سلامة لوضع اليد على السياسة النقدية بالكامل وتخفي أهدافاً مبيتة». كما تحذر المصادر من «عدم قدرة الدولة على دفع مستحقاتها وديونها نتيجة تردي الوضع الاقتصادي والمالي والخلاف السياسية حول الحكومة».

الا أن رئيس جميعة مصارف لبنان سليم صفير رجّح إعادة هيكلة الدين السيادي للبنان بطريقة لا تضرّ بالاقتصاد ولا بالمودعين، مضيفاً أنه سيجري الدفع للدائنين الأجانب. وتابع صفير في حديث لوكالة عالمية «أنه لا يتوقع مشاكل في مقترح تبادل البنوك اللبنانية بموجبه حيازاتها في سندات دولية حجمها 1.2 مليار دولار تستحق في آذار بأوراق ذات أجل أطول»، واصفاً مثل تلك المقايضات بأنها «ممارسة معتادة». وقال صفير، إنه لم ير أزمة مماثلة خلال 50 عاماً له في القطاع المصرفي. وأوضح أن «كل ما نقوم به هو للإبقاء على ثروة لبنان داخل لبنان، وإلا فستتبخر وسيكون لبنان بلا سيولة ولا عملة أجنبية يحتاجها لشراء السلع الضرورية، وما يحدث الآن ليس ضد الشعب. أموالهم آمنة، والضغط ليس من كبار المودعين».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى