الوطن

خطة لإشعال الشارع لتعطيل جلسات الموازنة والثقة! مصادر الحريري لـ«البناء»: ننتظر البيان الوزاري لنحكم على الحكومة

} محمد حمية

مع انصراف الحكومة الجديدة إلى صياغة برنامج عملها أو ما يُعرَف بالبيان الوزاري لتتقدّم من المجلس النيابي لنيل الثقة على أساسه لتبدأ مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية والحياتية على أنواعها، يبدو أن حكومة الرئيس حسان دياب بدأت بمواجهة مبكرة مع الشارع الذي أطلق تحركه قبيل إعلان ولادة الحكومة واستمر لليوم الثاني على التوالي، حيث ارتفعت وتيرة المواجهات أمس، بين المتظاهرين والقوى الأمنية والجيش اللبناني، حيث تحوّل وسط بيروت وساحة النجمة الى معركة حقيقية وعمليات كرّ وفرّ واستعانت قوى الأمن الداخلي بالقوة الضاربة ومكافحة الشغب وقامت بمطاردة واسعة للمتظاهرين وصلت الى منطقة مار مخايلشركة كهرباء لبنان ما أدّى الى وقوع جرحى من الطرفين، فيما استمرّ عناصر تيار المستقبل بقطع عدد من الطرقات في مناطق مختلفة.

وإذ أبدت مصادر استغرابها للحكم المسبق على الحكومة قبل معرفة برنامجها وما ستقدّمه من حلول ومعالجات للمشاكل، طُرحت علامات استفهام حول الجهات التي فجّرت الشارع في وجه الحكومة؟ وما هي الأهداف؟ 

وإذ لم يعلن الرئيس سعد الحريري ولا تيار المستقبل أي موقف من الحكومة الجديدة، مكتفياً التيار عبر مكتبه الإعلامي بنفي علاقته بالمواجهات مشيراً الى توجه من القيادة بالامتناع عن المشاركة بأية تحركات على صورة ما يجري في وسط بيروت، لاحظت مصادر حزبية أن المناطق التي يتم قطع الطرقات فيها تُعدّ مناطق ثقل لتيار المستقبل ما يحمل التيار مسؤولية كبيرة ولو سياسية ومعنوية عن هذه الممارسات، علماً أن الحريري بدأ قبل تأليف الحكومة بإطلاق مواقف تصعيدية من المشاركين فيها مع تحريض سياسي واستعراضات إعلامية وكلامية كان الهدف منها بحسب المصادر إثارة الشارع السنيّ ضد الحكومة الجديدة ورئيسها. في المقابل أشارت مصادر مقرّبة من الحريري لـ»البناء» الى أن «الحريري لن يحكم على الحكومة من شكلها والمشاركين فيها بل بناء على برنامجها وبيانها الوزاري وسلوكها وتعاملها مع الملفات الاقتصادية والمالية، والتي على أساسها سيمنح الثقة لها أم يحجبها»، مضيفة أن «المرحلة حساسة ودقيقة ومن الصعب الحكم على الحكومة الآن».

وفيما أشارت مصادر مستقبلية لـ»البناء» الى استقدام عناصر من الشمال عبر بيروت عبر باصات لافتعال مواجهات، أشارت مصادر طرابلسية لـ»البناء» الى أن أكثر من جهة أمنية تحرّك المجموعات التي تنقل الى بيروت منها مشغلين يتبعون للمخابرات التركية وأخرى للإماراتية لأهداف متعدّدة، وبرز ما كشفته القوى الأمنية عن توقيف بعض مثيري الشغب بحوزتهم عبوات تحتوي على مادة البنزين وقنابل مولوتوف كانوا ينوون استخدامها في وسط بيروت، ما يدل بحسب خبراء في الأمن على وجود غرفة عمليات تجند هؤلاء وتعدّهم بشتى أدوات الهجوم وتدربهم على الاشتباك مع القوى الأمنية وتوجههم كما تريد، مشيرة الى جهات استخبارية خارجية بالتعاون من مسؤولين أمنيين سابقين واختراقات في بعض المواقع الأمنية الرسمية.

وعلمت «البناء» أن خطة تحضر لافتعال شغب واعمال عنف امام المجلس النيابي بشكل يومي تمهيداً لتعطيل جلسات الثقة التي ينوي رئيس المجلس تحديدها لمنح الحكومة الثقة، فضلاً عن تعطيل جلسات مناقشة وإقرار الموازنة وذلك بمنع النواب من الوصول الى محيط المجلس ما يؤدي الى مفاقمة الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي وبالتالي إسقاط الحكومة في الشارع. واشارت مصادر «البناء» ايضاً الى أن الحريري ومعه القوات اللبنانية والكتائب وجموع 14 آذار يحضّرون لجبهة معارضة للحكومة، وتضيف بأن الولايات المتحدة الاميركية تريد للشارع أن يبقى متوتراً كسلاح ضغط على الحكومة لرسم حدودها لعدم تجاوز الخطوط الحمر السياسية لا سيما العلاقات مع سورية والانفتاح الاقتصادي على دول المنطقة وفي الملف النفطي وموضوع المقاومة، وذلك لإبقاء لبنان في دائرة التبعية الاقتصادية والمالية للخارج ومنعه من التحول الى اقتصاد منتج ومستقل.   

وتوقعت مصادر سياسية ودبلوماسية لـ»البناء» أن تستمر الضغوط الاميركية على لبنان والعقوبات المالية على أفراد وشركات في الداخل والخارج واستغلال أوضاعه المالية والاقتصادية الصعبة لفرض الشروط عليه في ملف النفط وأمن «إسرائيل» وصفقة القرن وتحييده عن محور المقاومة.

أما الذريعة بحسب المصادر، فهي اعتبار اميركا أن الحكومة هي حكومة حزب الله ومشاركته فيها، وهذا ما أشارت اليه صحيفة «واشنطن بوست» بربطها بين الحكومة وحزب الله، مؤكدة «الدور المتعاظم للفريق المدعوم من إيران في البلاد ومثيرة هواجس ومخاوف حول قدرة لبنان على وقف دوامة الانهيار الاقتصادي والسياسي».

وإذ انعكس ولادة الحكومة على سعر صرف الدولار مسجلاً انخفاضاً دراماتيكياً من 2220 الى 2000 أثار كلام وزير المال غازي وزني من أزمة الدولار جملة ردود أفعال لدى الأوساط الشعبية والسياسية والاقتصادية، حيث قال وزني رداً على سؤال حول إمكان عودة سعر صرف الدولار الى 1500 ليرة: «من المستحيل أن يحصل هذا الأمر ولنكن واقعيين السوق الموازي مستمر في المرحلة المقبلة وضبطه يتوقف على عمل الحكومة وثقة الناس وعلى الدعم الخارجي.» وأشار الخبير المالي والاقتصادي زياد ناصر الدين الى أن «وزير المال قصد بكلامه أن سعر صرف الدولار لن يعود في الوقت الراهن ولا يعني ذلك تثبيت سعر الصرف على 2000 ليرة او ما يقاربه بشكل دائم»، موضحاً الى أن «الواقع الأمني يؤثر على الوضع النقدي المرتبط بدوره بالإصلاحات»، واعتبر ناصر الدين أننا «امام بداية ايجابية بانخفاض سعر الدولار لكن ذلك قد يخلق سوقاً ثالثة للدولار بعد أن يمتنع الصرافون عن بيعه بسعر 2000 فيتسرّب الى سوق ثالثة لبيعه بأكثر وقد يكون للصرافين مصلحة بخلق سوق ثالثة للتحكم بسعر الدولار بشكل غير مباشر». وهنا دور وزارة المال بحسب ناصر الدين للفرض على مصرف لبنان تطبيق المادة 19 من قانون النقد والتسليف وإلزام الصرافين بسعر موحّد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى