ثقافة وفنون

الدكتور هيّاف ياسين ينال الجائزة الأولى في المسابقة العالميّة في التأليف الموسيقيّ العربيّ

} عبير حمدان

تميّز الدكتور هيّاف ياسين لناحية تمسّكه بإحياء التراث الموسيقيّ لبلادنا بعيداً عن مبدأ التسطيح والاستهلاك، وأخيراً نال ياسين الجائزة الأولى في المسابقة العالميّة الخاصّة بالتأليف الموسيقيّ العربيّ، الّتي نظّمها المجمع العربيّ للموسيقى، عن عمله الموسيقيّ الغنائيّ: موشّح «أُخفي الهوى» لسلطان العاشقين الشّاعر عمر بن الفارض.

وفي اتصال مع «البناء» تحدث ياسين عن الموشّح الذي كان محور هذه المسابقة، وقال: «في العام 2018 أعلن المجمع العربي للموسيقى عن مسابقته في التأليف الموسيقي العربي في دورتها الخامسة. وكان المحور هذه المرة عن تلحين الموشح، ولمن لا يعرف الموشح فهو قالب موسيقي غنائي نشأ في حلب في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر وهو من أركان وأعمدة الغناء العربي الأصيل خصوصاً في مدرسة النهضة العربية التي انتشرت في مصر وفي بلاد الشام، لبنان وسورية والأردن، وبصفتي رئيس قسم الموسيقى العربية الفصحى في كلية الموسيقى وعلم الموسيقى في الجامعة الانطونية وايضاً موسيقي متخصص بحقبة عصر النهضة فكان الموضوع مشوقاً أن أشارك في تلحين الموشح الذي هو احد اشكال الموسيقى الأحب إلى قلبي وأخذنا شروط المسابقة وبدأنا العمل عليها، وكان المطلوب أن يتم تلحين موشح على غرار الإشكال القديمة المعروفة للموشح، ولكن مع إبراز عناصر تجديدية. وهنا تكمن الصعوبة لناحية الحفاظ على شكل الموشح والعمل على إضافة عناصر جديدة عليه».

وأضاف: «استغرق الموضوع معنا حوالي ثلاثة اشهر من التلحين، واخترنا القصيدة الشهيرة لسلطان العاشقين الشاعر الكبير في الحقبة العباسية عمر إبن الفارض وهي «أخفي الهوى ومدامعي تبديه» وقمنا بتلحينها على مقام البياتي ووضعنا لها إيقاعاً صعباً جداً يُسمّى إيقاع العويص، وهو مؤلف من إحدى عشرة نبضة، أي أنه إيقاع طويل جداً يُصعب التلحين عليه، وأخذ معنا الموشح حوالي ستة أشهر من التمارين قبل أن نسجّله، وأضفنا له ولأول مرة على صعيد الموسيقى العربية أن نسمع ارتجالات من اسلوب «الهنك» على إيقاع العويص في عالم الموشحات وهذا أمر لم يك موجود ابداً سواء في لبنان وفي سورية وفي فلسطين وفي مصر».

وتابع: «إذاً، لأول مرة نسمع إيقاعاً طويلاً عبارة عن إحدى عشرة نبضة على إيقاع العويص. ويتضمن «هنك». وهنا كان عنصر التجديد الذي اقترحته في هذا الموشح، وبالفعل الفرقة تعبت كثيراً كي تبرع في تأدية هذا الموشح المُلحن بشكل صعب جداً وتقوم بارتجالاتها، وبعد ستة أشهر من التمارين الدؤوبة سبقتها ثلاثة أشهر من التلحين سجلنا الموشح وأرسلناه إلى المجمع العربي للموسيقى متمنين الفوز، وآملين أن يكون هناك من يحترم الموسيقى العربية الاصيلة بعيداً عن بحور الحداثة المغربة، وبعد مرور سنة تم تبليغنا في أوائل هذا العام أن اللجنة التحكيمية الخاصة بهذه المسابقة والمنبثقة عن المجمع العربي للموسيقى قد اختارت الفائز في مسابقة الموشح من لبنان».

وختم: «أهدي هذا الفوز إلى كل اللبنانيين، ونحن فخورون أن لبنان استطاع أن ينتزع هذا الفوز في هذا الزمن الصعب الذي يخف فيه استخدام الأنماط الموسيقية الجدية والاصيلة في ظل التغريب واستقطاب عناصر الحداثة والتوجه الكبير لاستهلاك الموسيقات الخفيفة والاستهلاكية. ورغم كل هذه الظروف والمعوقات استطعنا ان نصمد ونقدم موسيقى نؤمن بها وتعبر عن هويتنا الثقافية في هذه المنطقة لمئات السنين».

وتسلّم ياسين جائزته في مصر من رئيس المجمع العربيّ للموسيقى ووزير الثّقافة المصريّة الدّكتورة إيناس عبد الدّايم، وبحضور الأمين العام الدّكتور كفاح فاخوري (الأردن)، ونائب الرّئيس الدّكتور عبد العزيز عبد الجليل (المغرب) ومدير المجمع الدّكتور هشام شرف (العراق)، وبتواجد الأعضاء الدّائمين المنتدبين من مختلف الدّول العربيّة المشاركة.

وفور عودته إلى بيروت نظمت جمعيّة النّجدة الشّعبيّة اللّبنانيّة استقبالاً موسيقيّاً شعبيّاً خاصاً للدّكتور ياسين، بحضور رئيسها الدّكتور علي الموسويّ وأعضاء الهيئة الإداريّة ورئيس فرع عكّار الأستاذ أحمد حمد ومجموعة من أعضاء الفرع، وبحضور الأساتذة وقسم من طلبة «بيت الموسيقى» فيها، ومجموعة من تلامذة «مدرسة النّهضة الموسيقيّة» من نادي النّهضة الاجتماعي مركبتا ولفيف من الأهل والأصدقاء، حيث قام الاساتذة والطلبة الموسيقيين الحاضرين بتأدية الموشح الفائز.

وألقى رئيس جمعيّة النّجدة الدّكتور علي الموسويّ كلمة هنّأ فيها الدّكتور ياسين بالجائزة بصفته مديرًا عامًّا «لبيت الموسيقى» في النّجدة، معرباً عن عميق سعادته بهذه الانتصارات الثّقافيّة الّتي تعيد للبنان وجهه البرّاق والمعروف تاريخيًّا، متمنيًّا على قطاع الشّباب اللّبنانيّ الاستمرار الدّائم في سبيل تحقيق الذّات وفتح فسحات أكثر من النّور والأمل في هذا البلد.

وقد اعتبر الموسويّ بأنّ هذا الإنجاز يأتي في سياق طبيعيّ للجهد الكبير المتواصل والكدّ الدّائم والعمل الدّؤوب الّذي يقوم به الدّكتور ياسين على صعيد الموسيقى العربيّة عمومًا، أكان في بيته وجمعيّته «بيت الموسيقى» أو في كليّته وجامعته «الجامعة الأنطونيّة» أو في إطار أيّ مؤسّسة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى