أولى

شركات الاحتيال المالي

التعليق السياسي

خلال سنوات تكرّرت في لبنان وفي غيره أيضاً ظاهرة شركات تعلن عن هوية استثمارية وتعرض فوائد مغرية لجذب المستثمرين. وخلال سنوات قليلة من عملها وبعد دفع فوائد منتظمة لمن استثمروا أموالهم فيها فجذبت الآلاف وجمعت ملايين الدولارات، تتبخر الشركة ونسمع عن قصة احتيال مالي وغالباً يهرب أصحابها بعدما يكونون قد حوّلوا أموالهم وأرباحهم وهرّبوها إلى الخارج.

تقوم فكرة هذه الشركات على دفع الفوائد العالية من ودائع المستثمرين الجدد «يعني من دهنو سقيلو»، وعندما ينتهي الدهن ويصل للعظم يكون الجسم الطفيلي قد سحب كل مادة غذائية من الجسم فيتركه عليلاً وينسحب هارباً بالغنائم التي حققها.

الذي جرى مع المصارف اللبنانية ومصرف لبنان بالنسبة للمودعين ليس مختلفاً. فقد أغرت الفوائد المرتفعة الناس للتكاسل عن استثمار أموالها وكانت الفوائد عملياً «من دهنو سقيلو»، فمصرف لبنان فعل ذات الشيء مع المصارف التي جذبت له أموال المودعين ووظفتها عنده بفوائد أعلى وتكاسلت هي عن الاستثمار المجدي والمفيد، ووفقاً لنظرية «من دهنو سقيلو» كان مصرف لبنان يسدّد الفوائد والمصارف تجذب المستثمرين الجدد.

وصل السحب إلى العظم حيث لا دهن فتوقفت العملية، لكن المصارف حوّلت أرباحها وأموالها للخارج، والمودعون ضربوا يدهم فوجدوا العظم حيث لا دهن، وقد ضاع جنى العمر. هل تذكرون كيف كنا نرى مستثمرين في شركات الاحتيال المالي يصابون بجلطات قلبية ويصاب بعضهم بالشلل أو يموت بعض آخر أو يتحوّل بعض ثالث للتسوّل؟

هذا ما فعله مصرف لبنان وفعلته المصارف باللبنانيين. فهل يجوز التعامل مع الأمر وكأنه فعل مشروع؟ وإذا كان كذلك فليفسّر لنا القانونيون الفارق بين فعلة مصرف لبنان والمصارف بالمودعين عن فعلة شركات الاحتيال المالي؟

أليس مصرف لبنان هو الضامن القانوني لمنع وقوع الاحتيال والضامن لحسن استثمار المصارف لأموال المودعين، وهو نفسه شريكها في تضييعها بجعلها ديوناً للدولة التي كانت تغرق أمامهم وهم يوغلون في استثمار أموال الناس في سندات سيصبح دفعها مستحيلاً ذات يوم؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى