مرويات قومية

المهرجان ـ الحشد في ذكرى الأوّل من آذار عام 1995 وسط مدينة جونية

في تاريخ الحزب في كسروان، تميّز عدد من الرفقاء الذين عرفتهم شخصياً، وكتبت عن بعضهم وآمل أن أتمكّن من الكتابة عنهم جميعاً:

من بين هؤلاء الرفقاء اذكر:

الرفيق فريد مبارك.

الامين الشهيد حبيب كيروز

الأمين، معتمد أستراليا، نبيل سيف من بلدة «عشقوت».

الرفيق الإعلامي جورج مهنا «كفرذبيان».

الرفيق، المنفذ العام، متى سلامة «كفرذبيان».

الرفيق الشهيد إلياس شلالا «غزير».

الرفيق المتفاني والعصامي لويس حداد «غزير».

الرفيق الناشط في مصلحة الليطاني، عباس شدياق «عشقوت».

وإذا كان مأتم الرفيق الشهيد فؤاد الشمالي تميّز بالحشد الهائل الذي رافق الجثمان من بلدة «سهيلة» الى بيروت، فإنّ الحدث الآخر المميّز أيضاً، فهو الاحتفالالتحدي الذي أقامته منفذية كسروان في قاعات سينما «لا سيتي»،  وسط جونية، وكان أثار ضجة إعلامية وشعبية في حينه.

بعض ما أورده الأمين مسعد حجل في مذّكّراته «لم أبدّلولن»، هو أبلغ وصف عن هذا المهرجان. ننقل التالي:

قوميّو كسروان يحتفلون بمولد الزعيم في جونية

« أطلعني عميد الإذاعة والإعلام على مواعيد احتفالات المنفذيات بمناسبة الأول من آذار، وأخبرني أنّ منفّذ عام كسروان الرفيق عصام خيرالله(1) طلب موعداً من الرئاسة لدراسة موضوع إقامة احتفال في جونية.

تدارسنا كلّ الاحتمالات والملابسات التي يمكن أن تطرأ من جرّاء حدث كهذا لم تعتد عليه كسروان، واستشرتُ عميدَي الداخلية والدفاع، فأجمعت الآراء على إقامة المهرجان في جونية مهما كان ثمن ذلك. أليست منطقة كسروان قطعة من الوطن وجزءاً من الأمّة؟ وهل محظّر على رفقائنا في تلك المنطقة من ممارسة حقوقهم المواطنيّة والتبشير بعقيدتهم القومية الاجتماعية؟

« أطلقت يد المنفّذ العام ووضعت إمكانيات الحزب في حالة استنفار لإنجاح المهرجان. وطلبتُ منه، بعد اقتراح الرفيق سمير أبي ناصيف(2)، عقد اتفاق خطّي مع صاحب سينما «لا سيتيه» ودفع قيمة استئجارها سلفاً، حتى لا نقع في محظور الإلغاء لأسباب عدّة، وتعيّن الموعد: نهار الأحد في 19 آذار 1995.

بعد أسبوع، وفي الجلسة الخاصة بموضوع كسروان، أطلعني الدكتور عصام على مستجدّاته ومنها الذهاب شخصياً مع أعضاء هيئة المنفذيّة لتسليم دعوة البطريرك له مباشرة، فسأله غبطته إن كان يوجد «من هؤلاء» – أي القوميينفي كسروان، فأجبته أنّنا جميعاً أمامك سيّدنا، من هؤلاء ومن كسروان.

أمّا بقية المدعوين من سياسيين وغيرهم، فقد رحّبوا بالدعوة شاكرين، وسيلقي كلّ من وزير الخارجية فارس بويز ووزير الموارد إيلي حبيقة والنوّاب رشيد الخازن ومنصور البون وكميل زيادة، كلمات بالمناسبة، أضفتُ أنا على البرنامج كلمة الحزب يلقيها رفيقنا النائب غسّان مطر، والدكتور خيرالله يلقي كلمة المنفذيّة.

زارني مسرعاً المنفّذ العام خيرالله ليُعلمني أنّ ضغوطاً، منقطعة النظير، وبوسائل عدّة، تُمارَس على مسؤول السينما لإلغاء العقد معنا، ممّا يعني إلغاء المهرجان. لكن المسؤول ذاك، أعلم مهدّديه أنّه لا يمكنه القيام بالإلغاء، سيّما وقد قبض المبلغ المطلوب وعليه بند جزائي إذا أقدم منفرداً على ذلك، واقترح الدكتور خيرالله أن نقوم بزيارة للصرح البطريركي لمعالجة هذا الاحتقان.

« كانت زيارتنا مع مسؤولي منفذية كسرون إيجابية، وأتت بنتيجة جيدة بعد أن طيّبنا خاطر نيافته وأفصحنا عن التزامنا بالقوانين، وقلت له إنّنا لبنانيون من هذا الجبل ولا نريد أذيّة أحد، فنحن نقيم احتفالنا بذكرى مولد زعيمنا، ابن ضهور الشوير، على أرض لبنانية، لا تحدّياً لأحد ولا نكاية بأحد، لذا نطلب بركتك لينجح الاحتفال.

غادرنا بكركي ونحن متفائلون، لكنّني تركت العميدَين المختصّين، الداخلية والدفاع، لأخذ كلّ الاحتياطات اللازمة، لحماية المهرجان وتأمين سلامة المدعوّين.

كان اعتزازنا كبيراً وفرح قوميّي كسروان ظاهراً بقيام المهرجان في عاصمة قضائهم ونجاحه أيّما نجاح، إن بالحضور الجماهيري الحاشد أو بالكلمات المعبّرة التي أُلقيت.

« فقد بدأت الحكاية عندما نشرت الصحف الصادرة يوم السبت 18 آذار جملة من نشاطات الحزب السوري القومي الاجتماعي في الوطن والخارج لمناسبة مولد مؤسّس الحزب أنطون سعادهوبين تلك الأخبار واحد يقول: يُقيم الحزب مهرجاناً خطابياً في المناسبة ظهر غد الأحد في سينما (لا سيتيه) في جونية، يُلقي خلاله وزير الخارجية فارس بويز ووزير الموارد إيلي حبيقة والنوّاب رشيد الخازن ومنصور البون وكميل زيادة كلماتٍ بالمناسبة، إضافة إلى كلمة النائب غسان مطر بِاسم الحزب «.

وطالعتنا مجمل الصحف في اليوم التالي بتعليقاتها المختلفة:

النهار: وبالفعل اُقيم المهرجان المذكور في موعده يوم الأحد. الحزب السوري القومي الاجتماعي كان أمس علناً في كسروان للمرة الأولى منذ عام 1975.

السفير: شهدت منطقة كسروان أمس، حدثاً غريباً عن الأجواء التي اعتادت عليها خلال فترة الحرب باستقبالها مهرجاناً للحزب السوري القومي الاجتماعي.

الديار: شهدت قاعة (لا سيتيه) في جونية قلب كسروان، احتفالاً ضخماً حضره وزراء ونوّاب وفاعليات سياسية وحزبية من مختلف المناطق اللبنانية وخصوصاً من كسروان والفتوح، التي كانت حتى الأمس القريب على مسافة من القوميين، فبدت وكأنّها تشهد ولادة جديدة وانفتاحاً مثمراً.

اللواء: للمرة الأولى بعد الحرب، أقام الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً حاشداً في جونيةأُلقيت فيه كلمات ركزّت على رفض مقولة الإحباط في الشارع المسيحي وعلى الانفتاح بين المناطق.

نداء الوطن: … وعُلِم أنّ مدير السينما، ريكو العضم، أجّر الصالة بـ500 دولار لإحياء (لقاء ثقافي) تحوّل إلى (سياسي)، وأُفيد أنه تمّ الاستغناء عن خدماته.

نشرة حرمون: زوبعة في كسروان.

اعتذار المطران نجيم

في حين أشارت جريدة السفير في عددها الصادر يوم 15 آذار، إلى أنّ مرجعاً روحياً «تمنّى على إحدى الصالات في منطقة جونية عدم الموافقة على تأجير الصالة لحزب علماني ينوي إقامة مهرجان خطابي فيها قريباً»، تمنّى النائب البطريركي العام المطران جيبولس نجيم في رسالة إلى «جانب منفذية كسروان بأن تثمر جهودكم سلاماً وتفاهماً وتعاوناً بين الجميع من أجل الخير».

وجاء هذا التمنّي في كتاب اعتذار عن حضور الاحتفال الخطابي بداعي سفره الاضطراري إلى روما.

* * *

معلومات:

كلمة منفذ عام كسروان عصام خيرالله جاء فيها: « إنّ الأول من آذار هو أروع لحظة في تاريخ الأمة، واليوم هو أروع لحظة نعيشها في كسروان الفتوح».

كلمة الوزير بويز ألقاها المحامي أمين خوري: « أنطون سعاده. في كلّ عام يتكرّر أول آذار، والرجل لا يتكرّر».

الوزير إيلي حبيقة قال: «حين تُدعى لتتكلّم في ذكرى ولادة العظماء، تشعر أنّك مدعوّ لاختراق جدار الرتابة والمألوف».

المحامي إسكندر زيادة ألقى كلمة النائب كميل زيادة: «… إنّ إيماني الراسخ بالحريات العامّة، وخصوصاً حرية المعتقد وحريّة الرأي وحرية العمل السياسي، ضمن التنوّع الفكري ووفق الأصول الديمقراطية المتّبعة في لبنان، يجعلني أجدّد التزامي بالحوار الحرّ المسؤول».

النائب منصور البون ألقى كلمته المحامي حوزيف البون: « القارئ في مفكرة الكنيسة يجد أنّ لكل صبيحة قديسها، والقارئ في تاريخ هذا الشرق يجد أنّ لكلّ صحوة لبنانيّيها. وما بين الصبيحة والصحوة يقف الأول من آذار».

هوامش

1 – عصام خيرالله: من بلدة «الغينة» التي منها أيضاً الرفيق الدكتور جورج بستاني الذي عرفته منفّذاً عامّاً لكسروان، متميّزاً بالكفاءة والسلوك المناقبي. كان د. عصام عميداً للفنون في جامعة الكسليك. أشرف على ترميم نصب الشهداء في ساحة الشهداءوسط بيروتالذي كان تضرّر جرّاء القصف في سنوات الحرب اللبنانية.

2 – سمير أبو ناصيف: من بلدة «قب الياس»، رفيق مناضل، نشط وتولّى مسؤوليات حزبية محليّة ومركزية، اقترن من الأمينة أليسار سعاده وأنجب منها الرفيق سعاده الذي خسرناه في أوج شبابه، وجوليا.. يصحّ ان أكتب عنه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى