الوطن

لبنان قويّ بقوّته وحقّه ومقاومته وليس بـ «ضعفه وحياده»

} د. جمال شهاب المحسن *

قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي خلال استقباله وفداً من الكوادر الكتائبية من المناطق القريبة من الديمان وبكركي: «عندما تداخلنا مع أحلاف وأحزاب وأعمال عسكرية أصبحنا بعزلة تامة عن العرب وعن الغرب وأصبحنا لوحدنا كما السفينة في البحر الهائجوإن الحياد هو لصالح كلّ اللبنانيين…»

هذا الكلام أكثر من واضح فهو يقصد فيه مشاركة حزب الله في ما يسمّيه «أعمال عسكرية» في سورية، وغيّب عن سابق تصوّر وتصميم الواقع الفعلي لهذه المشاركة النبيلة والأصيلة التي هي دفاع عن سورية ولبنان معاً في مواجهة الحرب الإرهابية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية المتحالفة مع الكيان الصهيوني ضدّ سورية وقيادتها وجيشها وشعبها ودورها العربي المحوري والريادي في سبيل قضايانا الكبرى المحقّة والعادلةوفاته أيضاً أنّ سورية هي سيف العروبة وترسها وقلبها النابض وأمها وأبوها، وأنّ الأعراب الذين تآمروا عليها في سياق المشروع الصهيوني الأميركي الإرهابي قد خرجوا من شرف الأمة وقيَمها منذ زمن طويل

إنّ البطريرك الراعي في حملته «الحيادية» يتحدث أمام كوادر حزب الكتائب الذي كان يرفع شعار «قوة لبنان في ضعفه» والذي لم يكن حيادياً على الإطلاق في محطات مفصلية من تاريخ لبنان وأبرزها أنه كان إلى جانب الاجتياح الاسرائيلي المدعوم أميركياً للبنان عام 1982، حيث كان من جملة أهداف هذا الاجتياح وصول هذا الحزب الى السلطة وترجمة كلّ الأعمال العسكرية والأعمال الشنيعة الصهيونية والأميركية في أخذ لبنان من ضفة الى ضفة مناقضةولكنّ المقاومين اللبنانيين الأبطال حافظوا على هوية لبنان وعلى وحدته أرضاً وشعباً ومؤسّسات .

ولمن ينسى أو يتناسى أو يصدّق من يتصدّر اليوم حركة «الحياد» من موقعه الديني مع أنّ في الأديان السماوية الإلهية لا حياد بين الحق والباطل، نذكّره بما أطلقه الشخص نفسه في زيارته لفلسطين المحتلة عام 2014 خارجاً عن أصول «الزيارة الرعوية» إلى موقف سياسي صدم كلّ الوطنيين وأصحاب الضمائر الحيّة بتعاطفه العلني مع العملاء والخونة الذين اندحروا مع الاحتلال «الإسرائيلي» عام 2000.

وأين؟ في فلسطين المحتلة!

فالراعي، ومن بلدة عسفيا على قمة جبال الكرمل في فلسطين المحتلة، تطرّق إلى مسألة اللبنانيين الذين وصفهم بـ «المبعدين»، وأبدى «رفضه التعامل معهم كمجرمين»، معتبراً أنّهم «لبنانيون أكثر من البعض الموجود في لبنان»، وقال: «لم أجد لبنانياً متعاملاً ضدّ لبنان، والجماعة التي خرجت من لبنان هل حاربت ضدّ لبنان أو حاربت الدولة أو المؤسّسات، وعطلت الرئاسة وهجّرت اللبنانيين وفقّرتهم، وخلقت أزمة في لبنان؟» ومضيفاً: «أريد أن أفهم ما هي جريمتهم، في وقت نرى هدم المؤسّسات وإقفال القصر الجمهوري؟

وشدّد الراعي على أنه «سيعمل بكلّ قوته من أجل حلّ هذه المشكلة»، وبالتالي «عودة هؤلاء إلى لبنان».

وردّاً على البطريرك الراعي وبوضوح فإنّ هؤلاء الخونة الذين اكتسب بعضهم كجزّار معتقل الخيام العميل الإسرائيلي عامر الياس الفاخوري الجنسية الإسرائيلية هم فارّون من وجه العدالة وليسوا مبعدين لتطلق الدعوات إلى عودتهم دون محاكمة عادلة ودون عقابوبعبارة واحدة إنهم عاونوا وآزروا العدو الصهيوني الإرهابي المجرم على ارتكاب الكثير الكثير من الجرائم والمجازر بحق اللبنانيينوالتاريخ سجل عليهم خيانتهم العظمى للوطن.

وفي هذه الأيام وبوتيرة متصاعدة يتحدث البطريرك الراعي عن «الحياد» كما تحدث ميشال سليمان وآل الجميّل وبقايا 14 آذار عن «الحياد» و»النأي بالنفس» عفواً «اللّعي بالنفس»، وكلّ ذلك لتطويق مقاومتنا البطلة التي نعيش أجواء ذكرى انتصاراتها في تموزآب عام 2006 والتي رفعت هاماتنا عاليةً في مواجهة كافة التحديات

إنّ «حديث الحياد» يأتي في سياق التشويش على الحقائق الساطعة وأهمّها أنّ لبنان قويّ بقوّته وحقّه ومقاومته وليس بـ «ضعفه وحياده»…

ولمنْ يراهن على معادلاتٍ جديدةٍ وغير ذلك في الآتي من الأيام فهو واهم واهم وملتبس

 

*إعلامي وباحث في علم الاجتماع السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى