مانشيت

ماكرون يلاقي تسمية أديب رئيساً للحكومة بـ 90 صوتاً بدعم دوليّ ترجمه رؤساء الحكومات

حكومة اختصاصيّين سريعاً للإصلاحات وهيئة حوار لتطوير النظام السياسيّ والاقتصاديّ / بري يحذّر من الانهيار الشامل ويدعو لقانون انتخاب غير طائفيّ وكشف حقيقة تفجير المرفأ

كتب المحرّر السياسيّ

رغم مرارة مشهد التدخلات الخارجية، تتقدّم أولوية الاستقرار والوحدة الوطنية والتوافق، وفقاً لما قاله رئيس الكتلة القومية النائب أسعد حردان بعد تسمية الكتلة للدكتور مصطفى أديب كرئيس مكلف بتشكيل الحكومة، يشكل ثمرة لهذا التوافق وفرصة لتحقيق الإستقرار والحفاظ على الوحدة الوطنية، في توقيت وصفه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالشديد الخطورة، متحدثاً عن أخطار متعددة الوجوه مع سقوط النظام السياسي والاقتصادي، وارتفاع المخاطر الأمنية، خصوصاً بعدما تكشف من معلومات حول أحداث كفتون وخلدة، واضعاً معادلة عدم امتلاك فائض سياسي واقتصادي وأمني قابل للتوظيف، والحاجة الماسة للانتقال سريعاً إلى نظام سياسي اقتصادي جديد عماده قانون انتخابات خارج القيد الطائفي، واستعادة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، من بوابة تحقيق حازم ومسؤول وشفاف في تفجير المرفأ.

الفرصة التي وفّرها التوافق بدأت بطرح أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة بينها المرشح الدكتور مصطفى أديب الذي تمّت تسميته أمس، رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة الجديدة، حملت إشارات دعم دولي من خلال ما قالت مصادر متابعة، إنها اتصالات خارجية لم تكن محصورة بباريس وحدها، حيث لا يمكن تجاهل مكانة الرياض التي لا يمكن لرؤساء الحكومات السابقين تخطيها، وحيث واشنطن التي يحرص الرؤساء السابقون على مراعاة حساباتها، وتقول المصادر لو لم تكن الإشارات السعودية والأميركية إيجابية، لما كان الرئيس السابق فؤاد السنيورة ليشترك في التسمية ويتولى هو إعلانها، إذا افترضنا أن الرئيس السابق سعد الحريري يمكن أن يكتفي بالتغطية الفرنسية، وما يصح في حال الرئيس السنيورة يصح أيضاً في حال الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام، وكان لافتاً وفقاً للمصادر وجود اسم الدكتور مصطفى اديب في لائحة رؤساء الحكومات السابقين، وهو شخصية يعرفها عن كثب رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويعرفها عن قرب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، كما بالنسبة لحزب الله، وكان معلوماً أن وورد الاسم يعني ترجيح تسميته لملاقاة الثلاثي المحوري في الغالبية النيابية إلى منتصف الطريق، تحت عنوان وضع القضايا الخلافية جانباً والتفرغ للإنقاذ الاقتصادي والمهام الإصلاحية، كما دعا الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون في زيارته السابقة. وهذا يعني وقف الحملة التي تستهدف حزب الله وتضع سلاحه هدفاً مباشراً لحملات القوى الحليفة للغرب والخليج، وتجعل وضعه على الطاولة شرطاً لأي مشاركة، وكان واضحاً حال الغيظ التي أصيب بها المتمسكون بهذه الأولوية، وقد تقاسموا الحضور على الشاشات يبثون التشاؤم، ويهاجمون رؤساء الحكومات السابقين ويتهمونهم بالتخاذل والخيانة والتخلي عن المسؤوليات.

تلاقت تسمية الرئيس مصطفى أديب، كما كان متوقعاً مع الزيارة الثانية للرئيس الفرنسي إلى بيروت، للمشاركة في إحياء مئوية ولادة لبنان الكبير، والرئيس ماكرون كما تقول المصادر المتابعة لم يكن بعيداً عن التسمية منذ أول أمس، وقد توقعت المصادر بفعل ضغط الوقائع الاقتصادية والمالية أن تسهل القوى المعنية تشكيلاً سريعاً لحكومة اختصاصيين، يمثلون التوازنات السياسية والنيابية والطائفية. وقالت المصادر إن النقاش السياسي سيفتح قريباً على مستوى دعوة فرنسية للحوار ربما تنطلق من إحياء هيئة الحوار الوطني في القصر الجمهوري وتواكبها لجان متخصصة تمثل الأطراف المعنية تعقد لقاءاتها في قصر الصنوبر بمشاركة السفير الفرنسي، ورعاية مدير المخابرات الفرنسية السفير السابق برنار ايميه، لصياغة الإصلاحات السياسية، بينما تكون الحكومة بعد تشكيلها ونيلها الثقة قد أطلقت حزمة الإصلاحات الاقتصادية والمالية وسرعت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وصولاً لبدء تدفق المساهمات المالية الخارجية.

وعشيّة وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان وقبل أن تطأ قدماه أرض مطار بيروت، كان الأمر قد أنجز وسار الاتفاق كاملاً وفق المرسوم فرنسياًتكليف سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب لتشكيل الحكومة بـ90  صوتاً حصيلة الاستشارات النيابية التي جرت في بعبدا.

وبحسب المعلومات فإن رؤساء الحكومات السابقين وخلال المشاورات التي سبقت الاستشارات اقترحوا ثلاثة أسماء للتكليف هم مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، ورئيس مجلس إدارة الميدل ايست محمد الحوت والسفير مصطفى أديب. وسلمت الأسماء من بيت الوسط الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي ناقشها مع فريق 8 آذار ورئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وتقرّرت تسمية أديب لتشكيل الحكومة، وذلك بموافقة معظم الكتل النيابية بما فيها اللقاء الديموقراطي باستثناء كتلة القوات اللبنانية وبعض النواب الآخرين.

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «الضغط الفرنسي هو الذي أدى الى تسريع الاستشارات وقبلها المشاورات لاختيار مرشح لتأليف الحكومة، ولذلك تم تقييد القوى السياسية والرئيسين ميشال عون ونبيه بري والرئيس سعد الحريري بمهلة زمنية تنتهي مساء الاحد الماضي أي قبل وصول الرئيس الفرنسي بساعات»، ولفتت الى أن «الفرنسيين كانوا على عجل أكثر من اللبنانيين لتكليف رئيس لتأليف الحكومة الجديدة لخوفهم من خطر اختفاء لبنان وبالتالي خسارة أهم موقع فركوفوني تاريخي واستراتيجي لهم على البحر المتوسط»، وأضافت المصادر بأن «المبادرة الفرنسية تقاطعت مع مصلحة لبنان ما دفع الرؤساء عون وبري والحريري وبتسهيل من حزب الله للاستفادة من الدور الفرنسي كي لا يستفرد الأميركي بلبنان وتظهّر الموقف الفرنسي الداعم للبنان بموضوع التجديد لقوات اليونيفل».

وفيما ترددت معلومات أن تأليف الحكومة مؤجل الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، لفتت معلومات «البناء» الى أن عملية التأليف لن تأخذ وقتاً طويلاً لاعتبارات عدة أهمها الضغط الفرنسي على القادة السياسيين لتسريع التأليف، وثانياً أن الوضع الاقتصادي الأمني في لبنان لا يحتمل أشهراً إضافية من التأخير لا سيما بعد تفجير مرفأ بيروت والاحداث الأمنية التي شهدتها بعض المناطق التي كادت أن تؤدي الى فتن طائفية ومذهبية متنقلة وظهور تنظيمات إرهابية، الى جانب تحذير مصرف لبنان من اتجاهه لرفع الدعم عن السلع والمواد الأساسية بعد خلال ثلاثة أشهر إذا استمرت الأزمة الحالية».

وبعد انتهاء الاستشارات استدعى رئيس الجمهورية الرئيس المكلف الى قصر بعبدا لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة.

 وبعد لقائه رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، قال أديب «سنوفق بهذا المهمة لاختيار فريق عمل من اختصاصيين للانطلاق بالعمل بسرعة والذي من شأنه أن يضع البلد على الطريق الصحيح. في هذه الظروف العصيبة التي يمرّ بها وطننا لا وقت للكلام والوعود والتمنيات والوقت للعمل من أجل تعافي وطننا، لأن القلق كبير لدى جميع اللبنانيين. قبلت المهمة والفرصة أمام بلدنا ضيقة ويجب على كل الكتل ان تعي ذلك»، وأضاف: «أقول للبنانيين قدرنا أن نتغلّب على الأحزان والأوجاع والقيام من جديد وإيماننا بوطننا بأنه سينهض من جديد. وادعوا لنا بالتوفيق».

ومن بعبدا انتقل أديب لتفقد أضرار انفجار المرفأ في الجميزة ومار مخايل. ثم جال على رؤساء الحكومة السابقين.

 وحاز أديب على تسمية كلّ من رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، سعد الحريري وتمام سلام، والكتل النيابية: «المستقبل»، «الوفاء للمقاومة»، «التكتّل الوطني»، «اللقاء الديمقراطي»، «الوسط المستقل»، «الكتلة القومية الاجتماعية»، «لبنان القوي»، «ضمانة الجبل»، «النواب الأرمن» و»التنمية والتحرير»، إضافة إلى النائب إدي دمرجيان.

وتحفّظ عن تسمية أي شخصية كلّ من: نائب رئيس مجلس النوّاب إيلي الفرزلي، وكتلة «اللقاء التشاوري» والنواب: شامل روكز وأسامة سعد وجميل السيّد.

 وسمّت كتلة القوات اللبنانية والنائب فؤاد مخزومي، مندوب لبنان السابق لدى الأمم المتّحدة، السفير نواف سلام. وسمّى النائب ميشال ضاهر الوزيرة السابقة ريا الحسن، فيما سمّى النائب جهاد الصمد الوزير السابق المهندس الفضل شلق.

 واعتذر النائب نهاد المشنوق عن المشاركة بالاستشارات، فيما غاب عنها النواب: ديما جمالي (المستقبل)، فيصل كرامي (اللقاء التشاوري)، ألبير منصور، جان طالوزيان (القوات) وميشال المر.

وأشار الحريري في تصريح بعد لقائه عون أن «ما حصل في بيروت هو دمار شامل ويجب أن تكون هناك خطّة واضحة لإعادة إعمار بيروت وتحقيق الإصلاحات»، لافتاً إلى أنّه سيكون له حديث خلال اليومين المقبلين لشرح واقع المرحلة المقبلة». وأضاف: «البلد لا يحتاج إلى مناورات وإنما للحلول ونهوض والتقاء بمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يعمل مع المجتمع الدولي لكي ينهض لبنان من تحت الركام الذي غطاه».

وأعلن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد باسم الكتلة استعداد حزب الله للتعاون مع الرئيس المكلف والقوى السياسية لتأليف الحكومة.

وسمّت «الكتلة القومية الاجتماعية» السفير مصطفى أديب لتشكيل الحكومة الجديدة، وقال النائب أسعد حردان باسم الكتلة بعد لقاء الرئيس عون في بعبدا: «إننا في الكتلة القومية الاجتماعية ضدّ الفراغ في المؤسسات لأنّ الفراغ هو إضعاف لمنطق المؤسسات والدولة ونحن في هذه الفترة أحوج ما نكون الى تسديد الفراغ. لذلك، نحن مع الإسراع في تكليف رئيس للحكومة والإسراع في تشكيل الحكومة». أضاف: «نحن مع الاستقرار في لبنان، وهو قاعدة أساسية ومن ثوابت البلد التي تشكل قناعة لدينا. نحن مع تعزيز الاستقرار والسلم الأهلي والوحدة الوطنيّة، لأنها من عوامل بقاء البلد، ولا يجوز التفريط بها، لأننا جميعاً نسمع ونرى ما هي أوضاع البلد».

واضاف حردان: «انسجاماً مع موقفنا هذا، نحن نريد تسهيل الأمور والحركة باتجاه التشكيلات والتكليف، وانسجاماً أيضاً مع التوافق السياسي، ونحن نؤيد التوافق السياسي الحاصل في البلد».

في المقابل كان لافتاً تصريح رئيس «التنظيم الشعبي الناصري»، النائب أسامة سعد، الذي أعلن أنّه لم يأت لتسمية أحد، وقال: «لا ندري من أين أتى رئيس الحكومة ولم آت اليوم إلى بعبدا لتسمية أحد لأن التسمية أوكلت إلى جهات ما وسياسات ما ومخابرات ما»، مشيراً إلى أنّ «الاستشارات لا تقرر وباتت شكلية ولزوم ما لا يلزم ولم تعُد نيابية لتسمية رئيس حكومة مع الأسف، لذلك لم أسم دياب قبل ذلك وتوقعت لحكومته الفشل ولم أسم أديب اليوم لاعتبارات مشابهة».

وقال رئيس تكتّل «لبنان القوي»، النائب جبران باسيل بعد لقاء كتلته مع رئيس الجمهورية: «سمّينا السفير مصطفى أديب استجابة ونزولاً عند خيار القوة الأكثر تمثيلاً ولأنّه من أصحاب الخبرة والاختصاص إضافة إلى الجانب الشخصي المتعلق بمعرفتنا بسفير يتمتع بالحسّ الوطني والأخلاق والقدرة على التواصل مع المجتمع الدولي وكل اللبنانيين».

وفيما عكست نسبة الأصوات المرتفعة التي حصل عليها أديب حصول اتفاق سياسي بين القوى السياسية ستنعكس ايجاباً على عملية التأليف بحسب مصادر متابعة، لكنها لفتت الى أن أمام الحكومة الجديدة الكثير من الصعوبات والعمل الشاق لإخراج لبنان من الأزمة، وترجح المصادر ولادة الحكومة الجديدة خلال شهر أو شهرين كحد أقصى إذا لم تحصل تطورات مفاجئة تطيح بالتسوية التي اعتبرتها المصادر تسوية أو هدنة مؤقتة للحؤول دون الانهيار الكامل لبلورة المشهد الإقليميالدولي بعد الانتخابات الاميركية ولاحقاً نتيجة المفاوضات الاميركيةالإيرانية. وأشارت معلومات «البناء» الى أن «الحكومة ستكون تكنوسياسية تراعي التوازنات السياسية والنيابية والتوافق الداخلي ومؤلفة من اختصاصيين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة تسميهم الكتل النيابية بالتوافق مع الرئيس المكلف، لكن غير منتمين الى الاحزاب السياسية ومهمة الحكومة العمل ضمن فريق واحد متجانس للعمل على وضع حلول للازمات الاقتصادية والمالية عبر اقرار الاصلاحات الاساسية التي عجزت الحكومات الماضية عن إنجازها والتي ستشكل مدخلاً لإعادة إحياء مؤتمر سيدر بدفع فرنسي لإنعاش لبنان ببضعة مليارات دولارات ريثما يتم استكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي للإفراج عن مساعدات الصندوق».

وحددت الامانة العامة لمجلس النواب في بيان موعد استشارات التأليف في عين التينة يوم غدٍ. وأشارت المعلومات الى ان اختيار عين التينة جاء بسبب الأضرار التي لحقت بالمجلس النيابي نتيجة انفجار المرفأ.

في غضون ذلك، وصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساء أمس الى بيروت وقال فور وصوله في تصريح: «عليّ أن أتأكد أنه حقا سيتم تشكيل وزارة مهمّة لإنقاذ لبنان واطلاق الاصلاحات لمكافحة الفساد واصلاح ملف الطاقة واعادة الاعمار»، مطالباً بـ»الإسراع بتشكيل الحكومة وبمهمة محددة». وأكد أنه عاد إلى بيروت «لأتأكد مما حصل في المساعدات الانسانية التي تبعت الانفجار ولذكرى مئوية لبنان الكبير»، لافتاً إلى أنه سيتوجه الى المرفأ ليكشف عن ذلك شخصياً. وأضاف ماكرون: «سنقدم كل الدعم الضروري للشعب اللبناني وسنتابع ملف الإصلاحات».

واستهل ماكرون زيارته الثانية للبنان في الذكرى المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير بزيارة منزل السيدة فيروز في الرابية، رافقه السفير الفرنسي برونو فوشيه.

ومنح ماكرون السيدة فيروز وسام جوقة الشرف الفرنسي، وهو أعلى تكريم رسمي في فرنسا أنشأه نابليون بونابرت عام 1802. وتجمع محتجون أمام منزل السيدة فيروز في محاولة منهم للقاء الرئيس ماكرون ولينقلوا إليه رسالة يطلبون منه فيها «العمل على إنقاذ لبنان من الطبقة الحاكمة ومن الوضع المعيشي المتردي الذي يتخبّط به اللبنانيون، خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت».

على صعيد آخر، أطلق الرئيس نبيه بري سلسلة مواقف من القضايا الداخلية والخارجية في كلمة له في الذكرى الثانية والأربعين لإخفاء السيد موسى الصدر ورفيقيه.

وأشار الى ان «الوطن لم يعُد يمتلك فائضاً كافياً من الوقت لاستهلاكه وإضاعته وصرفه على المماحكات والمناورات وتصفية الحسابات الشخصية الضيقة وممارسة الدلع والمراهقة والمقامرة والمغامرة بالوطن لتحقيق مكاسب آنية»، لافتاً إلى أن «الوطن أيضاً لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار السياسي ولا الاقتصادي ولا المالي ولا فائضاً من ثقة المواطن وثقة الخارج بالدولة وسلطاتها وأدوارها، وأن الوطن لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار الأمني الذي بدأ يهتز».

وحذّر من «الاستمرار في الأداء والسلوك السياسيين اللامسؤولين»، لافتاً الى ان هذا السلوك «يمثل أرضيه خصبة لإعادة استيلاد الفوضى وايقاظ الشياطين النائمة من الخلايا الارهابية والتي تتحين الفرصة للانقضاض على الاستقرار في لبنان والعبث بالوحدة والسلم الأهلي».

ونبّه رئيس المجلس من ان «الخوف والقلق على لبنان هذه المرة ليس من الخارج انما من الداخل»، قائلا: «اذا كان الفساد والاهمال والاستهتار أسباباً مباشرة لكل الازمات التي نعاني منها في لبنان وكانت ايضاً سبباً للانفجار الذي كاد ان يزيل العاصمة عن الوجود، فإن الاستخفاف والحقد والأنانية والكيدية السياسية وانعدام المسؤولية الوطنية والإنكار كلها قد تكون مسببات تضع لبنان على حافة خطر وجودي».

وفي الشأن الحكومي، دعا الى «وقف الحملات الاعلامية والتراشق الكلامي»، مشدداً على «ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة قوية جامعة للكفاءات تمتلك برنامجاً إنقاذياً اصلاحياً محددا بفترة زمنية توازي بين اعادة الاعمار لما تهدم في بيروت والقيام بالإصلاحات الضرورية».

كما دعا الرئيس بري باسم كتلة «التنمية والتحرير» وحركة «أمل»، كافة «المكونات السياسية في لبنان، في المعارضة والموالاة والجادين والصادقين في الحراك، الى الحوار تحت سقف المؤسسات حول مفهوم الدولة المدنية وصياغة قانون انتخابي خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ وتعزيز استقلالية القضاء وتطويره».

وفي موازاة حديث بري عن الدولة المدنية غرد النائب جبران باسيل في رد غير مباشر على كلام رئيس المجلس، قائلاً: «بدأت تتلاقى الإرادات الوطنية الكبرى حول ضرورة الانتقال إلى الدولة المدنيةقد تكون لكل منّا نظرته إلى مدنية الدولة، المهم أننا بدأنا نتفق على مبدأ قيامها، أملاً بأن نتفاهم على مندرجاتها حول طاولة الحوار الوطني».

وكان شدد رئيس الجمهورية على أن النظام التوافقي وشرط الإجماع «كان يشل الدولة ويوقف القرارات مهما كانت أهميتها»، مشيراً الى أنه حالياً هناك عدة جمهوريات، ويجب إعادة إحياء الجمهورية الواحدة.

واكد عون في مقابلة تلفزيونية مساء الأحد الماضي، أن «مَن يريد إسقاط ميشال عون هو كل من يلصق بنا الأخطاء التي يصنعها»، وأضاف: «ما زلت أنا نفسي، برغم كل ما تحملته من انهيار اقتصادي، وتفليسة حصلت منذ 30 سنة الى اليوم وتجمّعت حتى انفجرت في عهدي، ونتائج الحرب في سورية، وتداعيات فيروس كورونا، والكارثة الأخيرة في المرفأ».

وكشف أن «الغاز موجود في الحوض الرابع، وستعرف بعد حين الظروف السياسية التي أوقفت استخراجه، نظراً الى الوضع الجيوسياسي الحالي وصراع النفوذ الإقليمي والدولي ومحاولة الضغوط، فالشرق الأوسط يعيش معادلات قوة وليس معادلات حق».

وعما توصلت إليه التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، أكد ان «هذه التحقيقات هي سرية، ولكن عليها ان تبدأ ليس من فترة وجود المواد المتفجرة في المرفأ، بل أن توضح من أين وصلت الباخرة، وأين حملت بالنيترات، ولماذا وصلت الى هنا مع أنها كانت متوجهة الى مكان آخر، ومن هو المسؤول عنها».

وإذ أشار عون الى أن اتفاق مار مخايل لم يكبله أبداً، اعتبر أنه كان بمثابة نوع من المصالحة، «وقد دعونا الجميع إليها»، وعن سبب استمراره فيما سقط تفاهم معراب، أوضح «ان القضية هي قضية التزام ولا أريد أن ادخل في الكثير من التفاصيل، إن الاتفاق ينجز عندما يلتزم الفريقان بشروط التفاهم، وأنا لا أريد الدخول في نقاش هذا الامر».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى