أولى

فليعاقب رئيس الإمارات وليحاكم هو وكلّ من طبّع مع الصهاينة

 خالد السفياني*

 

 أصدر رئيس الإمارات العربية المتحدة خليفة بن زايد آل نهيان مرسوماً بقانون اتحادي بإلغاء القانون الاتحادي الصادر لسنة 1972 بشأن مقاطعة الكيان الصهيوني والعقوبات المترتبة عليه.

 هذا الخبر نقلته وكالة الأنباء الإماراتية (وام) يوم السبت الماضي 29/08/2020.

بغضّ النظر عن شرعية هذا المرسوم الجديد، باعتبار أنّ المرسوم الذي تقرّر إلغاؤه صدر، حسب ما جاء في ديباجته، «بناء على ما عرضه وزير الدولة للشؤون المالية والاقتصادية وموافقة مجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي وتصديق المجلس الأعلى للاتحاد» وهي الإجراءات الدستورية التي لا يبدو أنه وقع احترامها في إصدار المرسوم الجديد القاضي بالإلغاء. بغضّ النظر عن ذلك، لأنه يبقى، في جميع الأحوال مسألة إماراتية داخلية.

 وبغضّ النظر أيضاً عن سمو ووطنية وكرامة وإنسانية من أصدر المرسوم الأول، والنقيض بالنسبة لإصدار القانون الجديد القاضي بالإلغاء.

 وأيضاً بغضّ النظر عن كون اتفاقية العار الإماراتية ـ الصهيونية، والتي وقع إجماع على اعتبارها خيانة عظمى، كافية للملاحقــة والمحاكمة والإدانة بجرائم المشاركة في الإرهاب الصهيوني العنصري الإرهابي، والخيانة العظمى للوطن والأمة والقدس والأقصى، ودعم العنصرية والاحتلال والقتل والإبادة الجماعية إلخ

 بغضّ النظر عن كلّ ما تقدّم، فإنّ إصدار هذا المرسوم المشؤوم، الذي لا يقلّ فظاعة عن الاتفاق الخياني، بمضمونه وما يتوخى منه، حسب من أصدروه، فإنّ هذا المرسوم يرتب النتائج القانونية والواقعية التالية:

1 ـ مرسوم 29 غشت 2020 القاضي بإلغاء مرسوم 1972. هو اعتراف صريح بوجود المرسوم «الملغى»، وبسريان مقتضياته إلى تاريخ إلغائه. وبالتالي فإنّ كلّ من ارتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه يعاقب على ارتكابها وفقاً لمقتضياته.

2 ـ ينص المرسوم «الملغى»، من جملة ما ينص عليه:

 « المادة (1): يحظر على كلّ شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا وذلك كان محلّ الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أيّ تعامل آخر أياً كانت طبيعته. وتعتبر الشركات والمنشآت أياً كانت جنسيتها التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم طبقا للفقرة السابقة حسبما يقرّره المشرف على شؤون المقاطعة وفقاً لتوصيات مؤتمر ضباط الاتصال».

 «المادة (2): يحظر دخول أو تبادل أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها كما يحظر الإتجار فيها بأية صورة ويسري الحظر على القراطيس المالية وغيرها من القيم المنقولة الإسرائيلية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتعتبر إسرائيلية البضائع والسلع المصنوعة في إسرائيل أو التي دخل في صناعتها جزءاً أياً كانت نسبته من منتجات إسرائيل على اختلاف أنواعها سواء وردت من إسرائيل مباشرة أو بطريق غير مباشر. وتعتبر في حكم البضائع الإسرائيلية السلع والمنتجات المعاد شحنها من إسرائيل أو المصنوعة خارج إسرائيل بقصد تصديرها لحسابها أو لحساب أحد الأشخاص أو الهيئات المنصوص عنها في المادة الأولى».

«المادة (6): يعاقب كلّ من يخالف أياً من أحكام المواد (1) (2) (3) بالسجن لمدة لا تقلّ عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز عشر سنوات. ويجوز مع الحكم بالسجن الحكم بغرامة لا تتجاوز سبعة آلاف دينار بحريني فإذا كان الجاني في إحدى الجرائم السابقة شخصاً اعتبارياً تنفذ العقوبة على من ارتكب الجريمة من المنتمين للشخص الاعتباري أو المسؤول عن ارتكابها. وفي جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة كما يحكم بمصادرة وسائل النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة متى كان أصحابها على علم بذلك».

3 ـ الجرائم المنصوص عليها في الفصول أعلاه يعاقب كلّ من ارتكبهـــا، بغضّ النظر عن موقعه أو مسؤولياته، مع الأخذ بعين الإعتبار المساطر القانونية الواجب اتباعها لملاحقة ومتابعة والحكم على من يرتكبها، بما في ذلك رفع الحصانة على من تكون له بمقتضى القانون.

4 ـ حاكم الإمارات والعديد من المسؤولين والتجار والرياضيين والفنانين إلخأجروا لقاءات لا تحصى واستقبلوا صهاينة في مجالات شتى، وأبرموا اتفاقات، وصلت حدّ الاتفاقية الخيانية المبرمة مع الصهاينة. وكلّ هذه الأعمال تدخل في نطاق المادتين (1) و (2) من مرسوم 1972، وبالتالي، تطبّق على مرتكبيها العقوبات المنصوص عليها في المادة 6 من ذات القانون، وهي العقوبة بالسجن لمدة لا تقلّ عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز عشر سنوات، علماً بأنه عندما يكون مرتكب إحدى الجرائم السابقة شخصاً اعتبارياً، أيّ شركة أو مؤسسة أو جمعية أو غيرها، فإنّ العقوبة تنفذ على من ارتكب الجريمة من المنتمين للشخص الاعتباري أو المسؤول عن ارتكابها.

 إذن، القانون واضح والجرائم ثابتة من خلال الوقائع المعلنة، تضاف إليها جرائم الخيانة العظمى ودعم والمشاركة في فظاعات الإرهاب الصهيوني ودعم العنصرية والاحتلال والقتل والإبادة الجماعية، فهل ستحرك الجهات المختصة في الإمارات المتابعة وتفتح الملف وتطلب رفع الحصانة عن من يتوفر عليها وتتابع كلّ من ارتكب هذه الجرائم، أو بعضها، ممن لا يتوفرون على الحصانة؟

قد يقول قائل إنني أحلم، لكن ليتذكر الجميع أنّ أحلاماً كثيرة، مما شابه، صارت حقيقة، وفي المغرب عندنا مثل يقول «اللي عندو باب واحدة الله يقفلها عليه»، أيّ أنّ الأبواب كثيرة ولن نعدم الطرق القانونية لقطع دابر الخونة والمجرمين.

ولحاكم الإمارات، ومن يدور في فلكه ومن يدور في خلده أن يحذو حذوه أقول، فلسطين لم تكن يوماً للبيع ولا للمساومة، ولن تكـــون، والقدس ليست للبيع ولم تكن ولن تكون يوماً في المزاد، تذكروا دائماً أننا نتحدث عن فلسطين وعن القدس والأقصى، وليس عن آبار نفط ولا عن كراسي، وليخرس الدخلاء على قضية فلسطين وقضايا الأمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*محام، المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى