الإبداع الفلسطينيّ
يفوق مشهد بئر السبع والعملية الاستثنائية التي نفذها الاستشهادي محمد أبو القيعان، الذي تُصرّ وسائل إعلام كيان الاحتلال ومعها قنوات التطبيع على القول إنه كان قد اعتقل على خلفية اتهامه بالانتماء الى تنظيم داعش، ويؤكد أهله وذووه ورفاقه أنه مقاوم فلسطيني أصيل، أُلصقت به تهمة داعش لتشويه صورته وربطه بالإرهاب.
ماذا يمكن أن تقول في حضرة الدم الذي يبدأ خطواته بقرار الاستشهاد، ويمضي دهساً وطعناً وليس باليد إلا سكين، وهو يعلم أن ما سيلقاه رصاص غزير ينهمر عليه من كل صوب، وما عليه سوى المضي بسرعة لقطاف أكبر عدد من رؤوس المستوطنين قبل أن يصل إليه جنود الاحتلال، الذين لا يستطيعون ادعاء بطولة قتل شاب لا يحمل الا سكيناً، وهم مدجّجون بالسلاح، لكنه ينتزع بطولته بجدارة بما فعل.
أربعة قتلى من المستوطنين بضربات ذراع هذا الاستشهادي، عمليّة هزت الكيان، ولرمزية المكان معنى انتقال العمل المقاوم الى الجنوب الذي يظنه الكيان تحت السيطرة، في ظل تحالفات «إسلاميّة» تشارك في الحكومة.
العملية النوعية تعبير عن لحظة فلسطينية تاريخية عارمة، لا تسمح بصرف النظر عن قضية فلسطين ومقاومتها ومظلوميّة شعبها، بداعي اهتمام العالم بحرب أوكرانيا، فيخرج أبو القيعان بسكينه صارخاً في العالم، لن يكون هناك أمن وسلام ما لم ينعم شعبي بالأمن والسلام، ولا أمن وسلام في ظل كيان الاحتلال.
عظمة وإبداع الشعب الفلسطيني في زمن المقاومة الجديد، خصوصاً بعد معركة سيف القدس، أنها تأتي كما في صمود القدس ومواجهاتها، واشتباكات جنين وشهداء نابلس وأبطال نفق الحرية في سجن جلبوع، وصيام الأسرى ومعارك الأمعاء الخاوية، من خارج الأطر المنظّمة، فكل مواطن فلسطيني يتحوّل إلى مقاوم، وكل مقاوم فلسطيني يتحوّل الى قائد، ولذلك فكل فلسطيني يبادر لما يتوقع من أي قائد أن يقوم به.