اقتصاد

الوكالة الحصرية ومفهوم الاحتكار!

} د. عماد عكوش

كثيراً ما يتمّ الخلط ما بين الوكالة الحصرية ومفهوم الاحتكار، فماذا يعني الاحتكار، وماذا تعني الوكالة الحصرية، وما هي القواسم المشتركة بينهما، ومتى تتحوّل الوكالة الحصرية الى احتكار؟

أسئلة سنحاول الإجابة عنها في هذه المقالة

انّ مفهوم الاحتكار يعني كلّ عمل من شأنه استغلال مركز اقتصادي للحدّ من المنافسة غير المشروعة، ويهدف إلى جني أرباح خيالية وبصورة مخالفة لمبادئ السوق والتي تقوم على حرية التجارة والمنافسة.

أغلب التشريعات العالمية حظرت الاحتكار، وفي مقدّمة هذه التشريعات رأس العالم الرأسمالي وهي الولايات المتحدة الأميركية. فالمادة الثانية من قانون شيرمان نصّت على حظر الاحتكار واعتبرته جناية يعاقب عليها القانون الأميركي بالغرامة المالية.

في لبنان أنشأ المشرّع اللبناني دائرة مختصّة بمكافحة الغلاء والاحتكار بموجب المرسوم رقم 3251 تاريخ 18 تشرين الثاني 1942، وبعدها صدر المرسوم الاشتراعي رقم 37 تاريخ 9 أيلول 1983، أناطت مهمة محاربة الاحتكار بموظفي مصلحة حماية المستهلك. كما حدّدت المادة 43 من المرسوم 37/38 عقوبة الاحتكار بالغرامة من 20 مليون ليرة الى مئة مليون ليرة، أو بالسجن من عشرة أيام الى ثلاثة أشهر.

من الأمثلة الفاضحة على الاحتكار في لبنان:

تجارة النحاس المحمية من قبل الحكومة اللبنانية والتي يستفرد فيها ثلاثة معامل في لبنان.

تجارة الأدوية والتي تستفرد عشر شركات فيها بنسبة 90 بالمئة من حجم تجارة الأدوية في لبنان.

تجارة الغاز والتي تستفرد فيها شركة واحدة بنسبة 95 بالمئة من تجارة الغاز في لبنان.

تجارة الإسمنت والتي تستفرد فيها ثلاث شركات بنسبة 100 بالمئة من تجارة الإسمنت في لبنان وتمنع الحكومة استيراد الأسمنت من الخارج.

أما بالنسبة لموضوع الوكالة الحصرية فهي عبارة عن عقد يتمّ توقيعه بين المنتج في أيّ بلد كان وبين تاجر الجملة في السوق المحلي، بحيث تكون له وحده حصرية استيراد هذه السلعة وبيعها في السوق المحلي، ويتمّ تسجيل هذه الوكالة في وزارة الاقتصاد، وطبعاً لهذه الوكالة الحصرية إيجابيات وسلبيات.

بخصوص إيجابيات الوكالة الحصرية فهي منع تزوير هذه السلعة والمراقبة القوية التي يقوم بها الوكيل في لبنان لحماية مصلحته بالدرجة الأولى، وبالتالي ضمانة هذه السلعة للمستهلك النهائي من جهة واضحة ومعروفة.

أما بالنسبة للسلبيات فهو الخوف من تحوّل الوكالة الحصرية الى احتكار بسبب عدم وجود تشريعات تمنع تحوّلها الى احتكار، ومن شروط عدم تحوّلها الى احتكار ما يلي:

وجود سلع بديلة لهذه السلعة وبالتالي وجود إمكان الخيار لدى المواطن وبالتالي حرية الخيار ما بين هذه السلع.

وجود قانون للمنافسة شفاف وواضح يؤكد على وجود هذه المنافسة، ويمنع بالتالي الاحتكار.

وجود تشريعات تسمح باستهلاك سلع شبيهة ولا تمنعها إضافة الى وجود تشريعات تمنع إلزام المواطن على استهلاك سلع محدّدة كما هو حاصل في موضوع الأدوية، وخدمات البريد لوزارة المالية.

لذلك يفترض العمل بالتوازي ما بين فتح السوق أمام المنافسة مع حماية معقولة للإنتاج المحلي من دون الوصول الى مرحلة المنع، كما هو حاصل مع النحاس والإسمنت، ومع فرض قوانين تؤكد على المنافسة ومنع الاحتكار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى