أولى

خط هوف وسلاح المقاومة

يتحدّث البعض في سياق تقييم اتفاق إطار التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية للبنان عن تنازل قدمه لبنان من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري تحت تأثير الضغط الأميركي، خصوصاً عبر العقوبات التي طالت معاونه السياسي. وهذا ما يفسر الإعلان عن اتفاق الإطار بعد العقوبات بفترة وجيزة، ويتحدّث بعض آخر عن أن التفاوض يجري في وقت سيئ لبنانياً يجعل قدرة كيان الاحتلال المدعوم أميركياً على انتزاع التنازلات أكبر بغياب أي مصادر قوة لدى لبنان المأزوم مالياً والمفكك داخلياً ويصلون للقول إن توقيت التفاوض لصالح كيان الاحتلال.

الأمر الأول الذي يطرحه الاتفاق على هؤلاء هو أن معيار التنازل يُقاس بالمضمون السياسي والاقتصادي للمفاوضات الذي كان قبل وصار بعد لمعرفة مَن الذي تنازل. وقد كان المطلب الأميركي الإسرائيلي سياسياً هو التفاوض المباشر واقتصادياً هو خط فريديريك هوف الذي رسمه الأميركيون لصالح كيان الاحتلال ورفضه لبنان سابقاً وبقي يرفضه. ولو وافق لما كانت هناك حاجة للتفاوض وكما في رفض خط هوف بقي لبنان عند موقفه الرافض للتفاوض المباشر لصالح تفاوض غير مباشر كما هو واضح في النص المعلن بالتزامن من قبل كل الأطراف.

الأمر الثاني هو أن الاتفاق كان مبرماً في تموز الماضي واحتجزه الأميركي أملاً بتعديله وجاءت العقوبات لتكشف موضوع رهانه لفرض التعديل والاتفاق الذي أعلن هو نص تموز نفسه قبل العقوبات بما يعني أن الأميركي عاد للاتفاق لاكتشافه أن العقوبات لم تنفع ولو كان لها مفعول لتغير الاتفاق، ومعنى التوقيت بعد العقوبات هو اليأس الأميركي من التعديل.

الأمر الثالث هو أن أصل القبول الأميركي الإسرائيلي للتفاوض نابع من الإقرار بقوة لبنان وهو ما لا ينتبه له خصوم المقاومة بسبب عمى ألوان الحقد، فالنيّة الإسرائيليّة كانت الدخول في استثمار المناطق التي وضعها كيان الاحتلال ضمن منطقته الاقتصادية وهي حقوق لبنانيّة خالصة ولولا المقاومة وتهديداتها وقوتها لما إضطر الكيان ومن ورائه واشنطن لعرض خط هوف ولا للبحث بالتفاوض، ولولا الخوف من قدرات المقاومة واستهداف أي استثمار تقوم به الشركات العالمية لحساب الاحتلال لبدأ استثمار المناطق الإقتصادية اللبنانية من قبل الكيان منذ سنوات ومن دون محاولة التوصل لاتفاق، وهذه هي القوة التي أجبرت الأميركي والإسرائيلي على تقبل الذهاب لاتفاق إطار يرضاه لبنان كي يتمّ التفاوض سعياً وراء الحاجة للاستثمار الآمن، والتيقن من أن لا استثمار آمناً من دون التوصل لترسيم المناطق الاقتصادية مع لبنان، وهذه القوة التي فرضت اتفاق الإطار باقية وفاعلة خلال مسار التفاوض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى