أولى

كلام صريح عن العقوبات الأميركية على باسيل

من المعيب وطنياً وأخلاقياً أن يرد مجرد الاستعداد لمناقشة الموقف من العقوبات الأميركية التي تستهدف أيّ لبناني، ووضع النقاش على قياس الاتفاق والخلاف السياسي الداخلي، كما فعل بعض نواب التيار الوطني الحر عندما وقعت العقوبات الأميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، وربما كان في ظن بعضهم أن هذاالتفهمللعقوبات واعتبارها استهدافاً للفساد، طريق لتفادي أن تصيب عقوبات لاحقة مسؤولي التيار. وأهم ما قالته العقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لهؤلاء هو أنهم أخطأوا مرتين، الأولى في ظنهم الموهوم في التعامل مع الأميركي، والثانية في تضييع فرصة تضامن لو أبدوا مثله في لحظة استهداف لبنانيين آخرين لكان تحقيق أعلى مستوياته ممكناً اليوم مع العقوبات الجديدة.

أما وقد وقعت العقوبات. فالجميع معني بوضع الخلاف السياسي ولغة المعاملة بالمثل جانباً، فلا مكان ولا وقت ولا فرصة لدينا للكيد السياسي، والرهان الأميركي قائم على تفكيك النسيج المساند للمقاومة واستفراد مكوناته. فالتضامن اليوم يجب أن يكون عابراً للقوى السياسية والهويات الطائفية لتأكيد رفض لبناني جامع لترويض التماسك اللبناني الوطني بقوة العقوبات والسعي لتفاديها.

القضية الراهنة التي يتوحّد حولها اللبنانيون، والتي تحضر في قلب أهداف العقوبات، ليست المقاومة وسلاحها فقط، ففي الصدارة ملف ترسيم الحدود ومستقبل ثروات لبنان في النفط والغاز، وموقف لبنان ووفده المفاوض الذي يرعاه رئيس الجمهورية وتديره قيادة الجيش قد أثار ما يكفي من الغضب في كيان الاحتلال، وفتح الباب لضغوط أميركية اضافية لكسر صلابة الموقف اللبناني المفاوض. والقضية هنا ليست قضية المقاومة، التي قد يختلف حولها اللبنانيون، بل قضية الثروات السيادية التي يجب أن يؤكد اللبنانيون أنها ليست موضع خلاف، وإعلان التضامن مع باسيل اليوم هو إعلان موقف داعم للوفد المفاوض وسقوفه الوطنيّة في الدفاع عن حدود لبنان السيادية.

التضامن مع النائب باسيل ورفض العقوبات عليه ليس موقفاً سياسياً بل هو موقف وطني وأخلاقي، لا يرتبط بالاتفاق أو بالخلاف السياسي الداخلي مع باسيل والتيار، فهو موقف سيادي بامتياز سواء برفض الإملاءات الأميركيّة التي تتخذ العقوبات مجرد أداة، أو بإعلان التمسك بالمصالح السيادية العليا للبنان في ملف الترسيم.

العقوبات في توقيتها تقول إن أميركا المشنغلة بداخلها وجدت متسعاً من الوقت للبنان، لعل اللبنانيين يفهمون أنه بمقدار ما يشكلون أولوية القلق الإسرائيلي فهم أولوية أميركية تعبر عن أولوية القلق الإسرائيلي أميركياً، وبوابة الرضا الأميركي هي الرضا الإسرائيلي كما تقول مسيرة إلزام دول الخليج بالسير في التطبيع ولو عكس مصالح الخليج. ومَن يطلب الرضا الأميركي عليه بلا مواربة أن يجاهر بسعيه للرضا الإسرائيلي، وليس فقط تأكيد عدم اعتبار كيان الاحتلال عدواً عقائدياً أو قبول مبدأ السلام معه، بل الخضوع الذليل لشروطه وتلبية الجشع في مطامعه بثرواتنا.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى