مقالات وآراء

التطبيع يتسلل من خلف التحوّلات الكبرى… وزخم مصري يروّج لـ «السلام الدافئ»

 

} عمر عبد القادر غندور*

في زمن التحوّلات الكبرى في العالم وفي ضوء الإعلان عن انتشار سلالة جديدة من كوفيد 19 الأكثر فتكاً وانتشاراً ما حدا بالسلطات البريطانية الى إغلاق جنوبي البلاد، والهجوم الالكتروني الصاعق على العديد من الإدارات الرسمية في الولايات المتحدة واتهام روسيا والصين في شنّ الهجوم، وفي الوقت الضائع من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتوترات في شرق البحر المتوسط بين تركيا واليونان وفرنسا، بشأن استخراج الغاز، وفي زمن التطبيع المذلّ وفي غفلة من الأحداث والتطوّرات على الساحة الدولية استغلّ وزراء خارجية مصر والأردن والسلطة الفلسطينية هذا الانشغال، وأدلوا بتصريحات تدعو إلى استئناف المفاوضات من أجل تحقيق «السلام» وفق قرارات الشرعية الدولية والترحيب باقتراح روسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لعقد اجتماع أعضاء اللجنة الرباعية بمشاركة أممية.

وكانت هذه المفاوضات توقفت في مطلع العام 2014، وتسعى القاهرة إلى عقد لقاء رباعي فلسطيني أردني «إسرائيلي» للعمل على إطلاق تحرّك فاعل لاستئناف مفاوضات جادة وفاعلة لإنهاء الجمود في عملية السلام، وإيجاد أفق سياسي حقيقي نحو السلام العادل.

والتقى وزير الخارجية المصري نظيريه الأردني أيمن الصفدي والفلسطيني رياض المالكي في القاهرة وأصدروا بياناً أكدوا فيه انّ اللقاء استهدف تنسيق المواقف بخصوص القضية الفلسطينية، وضرورة حث «إسرائيل» على الجلوس والتفاوض من أجل التسوية وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة والمتواصلة جغرافياً مع حدود الرابع من حزيران 1967.

وليس صدفة في هذا التوقيت أن تعلن الرئاسة الفلسطينية الاستعداد للذهاب الى مفاوضات حول الحلّ النهائي مع «إسرائيل» لتحقيق السلام. وسرعان ما رحب وزير الخارجية الصهيوني بهذا التوجه الفلسطيني داعياً الفلسطينيين الى استئناف التعاون مع تل أبيب، وانّ الباب مفتوح لاستئناف النقاش من دون شروط مسبقة، مضيفاً: «لسوء الحظ لم تفهم القيادة الفلسطينية انّ الوقت قد حان للتخلص من الأعذار والعودة إلى طاولة المفاوضات والعمل معاً لإيجاد حلّ»!

وشكل توجه السلطة الفلسطينية لاستئناف علاقاتها المنقطعة مع «إسرائيل» مفاجأة صادمة للفلسطينيين في سرعته وتوقيته. وجاء في الإعلان الفلسطيني انّ السلطة قرّرت إعادة العلاقات مع الاحتلال وذلك بعد تأكيدات بأنّ «إسرائيل» ستلتزم بالاتفاقات الموقعة، صدمة للفصائل الفلسطينية، وأدانت حركة حماس بشدة قرار السلطة، وقالت إنها ضربت بعرض الحائط كلّ القيم والمبادئ الوطنية، وانّ القرار يمثل طعنة للجهود الوطنية لبناء شراكة وطنية لمواجهة الاحتلال. والضمّ والتطبيع وصفقة القرن في ظلّ الإعلان عن آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس، وانّ السلطة الفلسطينية بهذا القرار تعطي المبرّر العسكري للتطبيع العربي وطالبتها بالتراجع وترك المراهنة على بايدن وغيره.

وكانت زيارة وزير الخارجية سامح شكري لـ «إسرائيل» خلّفت العديد من التساؤلات حول المغزى من ورائها وتوقيتها.

وكان الهدف المعلن للزيارة هو دفع عملية السلام المتعثرة منذ العام 2014. إلا انّ العديد من المراقبين يرون فيها مرحلة جديدة من التطبيع المصري «الإسرائيلي» وفقاً لرؤية الرئيس المصري حول «السلام الدافئ» مع الجارة الشرقية.

وبالرغم من تأكيد الجانب المصري أنّ الزيارة ركزت على القضية الفلسطينية والوساطة المصرية بهذا الشأن إلا أنّ الإذاعة «الإسرائيلية» قالت إنّ الزيارة تندرج في سياق تحضير زيارة محتملة لنتنياهو إلى القاهرة. وبحسب مسؤول «إسرائيلي» نقلت وكالة الأنباء الفرنسية انّ نتنياهو طلب من شكري ان تساهم بلاده في حلّ قضية جثتي جنديين «إسرائيليّين» إضافة الى مدنيين «إسرائيليّين» تؤكد الدولة العبرية انّ حركة حماس تحتجزهم في قطاع غزة.

المطبّعون ومَن وراء المطبّعين مع الدولة الصهيونية يرون انّ المناخ العربي بصورة عامة بات مؤاتياً لإعلان السلام مع الدولة المحتلة واعتبار الوجود اليهودي يرتكز إلى مزاعم تاريخية يمتدّ تاريخها إلى ما قبل الإسلام، وهم ليسوا دخلاء على الجزيرة العربية وبلاد الشام، ويردّد علماء السلاطين على منابر المساجد قول الله تعالى «وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١) الانفال»، ويتغافل هؤلاء عن قول الله تعالى «فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (٥٢) المائدة»

*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى