مانشيت

نتنياهو يرفض الوساطات ويمدّد الحرب أسبوعاً على الأقل… وحشود دبابات واغتيالات/ المقاومة تعلن جهوزيّتها للحرب المفتوحة… والمواجهات في الـ 48 تصيب الكيان بالذهول/ الوقفات التضامنيّة مع فلسطين تعمّ العالم… وبيروت… و«القوميّ» يحيي المقاومة من «الحمراء»/

الحرب المفتوحة على غزة في يومها الثالث تواصلت على وتيرة الانتقام والتدمير والاغتيالات نفسها، فحصدت عشرين شهيداً أغلبهم من المدنيين، واستشهد عدد من القادة في التشكيلات العسكرية للمقاومة بعمليات اغتيال مستهدَف، ومساء أمس أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من تل أبيب بعد تعرّضها لصواريخ المقاومة للمرة الثالثة، أنه يرفض أي وساطة لوقف النار قبل أن يفرض معادلة جديدة للتهدئة، فيما سُجّل حشد مئات الدبابات وناقلات الجند والمدافع على حدود قطاع غزة، وكشفت مصادر إعلاميّة في الكيان عن تلقي نتنياهو اتصالات أميركية وأوروبية منها اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن، في محاولات للتوصل لوقف النار، وقالت إن نتنياهو يرفض أي وساطة تقوم على المطالبة بتجميد قرارات الإخلاء لمنازل الفلسطينيين في أحياء القدس، خصوصاً حي الشيخ جراح التي انفجرت الأزمة بسببها، كما يرفض القبول بأية خصوصية للمسجد الأقصى، بينما تشترط المقاومة لقبول أي وقف للنار إسقاط مشروع تهويد  القدس سواء لجهة وقف عمليات التهجير أو تثبيت حرمة المسجد الأقصى. وقد أعلنت فصائل المقاومة جهوزيّتها للحرب المفتوحة، واستعدادها لحرب تمتدّ لأسابيع وليس لأسبوع واحد فقط، كما قال نتنياهو. وتحدّثت مصادر إعلاميّة في غزة عن ثقة قيادة المقاومة بقدرتها على حسم هذه المعركة لصالحها، مشيرة إلى أن ما لدى المقاومة كماً ونوعاً من الأسلحة النوعيّة سيتكفل بفرض كلمة المقاومة في ختام هذه الجولة.

مصادر متابعة للمشهد الفلسطيني تؤكد أن المقاومة في فلسطين تستند الى قرار في محور المقاومة بمنع سقوط القدس بأيدي المستوطنين، ومنع السيطرة على المسجد الأقصى، واستعداد قوى المحور لتقديم الإسناد اللازم عندما تطلبه قوى المقاومة، بينما يبدو نتنياهو مستنداً الى كونه يخوض معركة المتطرفين من المستوطنين الذي يشكلون القوة الانتخابية المؤثرة، حيث لا يجرؤ أحد من الوسطين السياسي والعسكري على قيادة حركة احتجاجية تطلب وقف الحرب وقبول شروط التهدئة، لأن الوضع هذه المرة لا يتصل بانسحاب من جنوب لبنان ولا من غزة، بل بالتخلّي عن السيطرة على القدس.

وقالت المصادر المتابعة إن المشهد المفاجئ لقيادة الكيان، جاء من الأراضي المحتلة عام 48 حيث تصاعدت المواجهات في معظم البلدات والمدن من الناصرة وحيفا الى يافا واللد وسواها، وكان أشدّها ما حدث من صدامات دموية وحريق للمتاجر والسيارات طال أملاك العرب والمستوطنين في اللد ويافا.

الوضع المتفجّر في فلسطين ومخاطر تسبّبه بتفجير المنطقة، تحوّل الى المحور الرئيسيّ للنشاط السياسيّ الإقليميّ والدوليّ، حيث سجلت زيارة لوزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الى دمشق، كما استحوذ الوضع في فلسطين باجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين، وبمضمون الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف وأميركا أنتوني بلينكن، بينما حفلت عواصم العالم وصولاً الى واشنطن بالوقفات التضامنية مع الشعب الفلسطيني والمندّدة بالعدوان على غزة، وشهدت بيروت العديد من هذه الوقفات، ومنها كانت وقفة للحزب السوري القومي الاجتماعي في شارع الحمراء وجّه خلالها التحية للانتفاضة والمقاومة.

ولا تزال التطوّرات العسكريّة والأمنيّة في فلسطين المحتلة تلقي بثقلها على الداخل اللبناني وسط حال من الترقب والحذر في لبنان ولدى قوى محور المقاومة من أية مغامرة مفاجئة قد يقدم عليها جيش الاحتلال الصهيوني باتجاه لبنان أو سورية بهدف الهروب إلى الأمام. وعلى المستوى الرسمي العربي، شارك نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي في المؤتمر الـ 31 الطارئ للاتحاد البرلماني العربي الذي انعقد امس عبر تطبيق «زوم» مواكبة للتطورات التي تشهدها القدس المحتلة وغزة والمسجد الأقصى، وألقى كلمة باسم مجلس النواب، ودعا العرب الى «اتخاذ موقف حازم من جرائم «اسرائيل» وعدوانيتها واستباحتها للأحياء والقرى والمدن بقرارات مصادرة الأرض وترحيل السكان بشكل منافٍ لكل المواثيق والقوانين الأممية والعمل الدؤوب لتعريتها في المحافل الدولية وفضح مخططاتها وتجريمها ووسمها بالارهاب وإبراز الشواهد الناطقة عن غطرستها وسلوكها الإجرامي اللاإنساني».

وأقيمت في شارع الحمرا وقفة رمزية تحية لأبناء شعبنا في فلسطين وللشهداء والأسرى بدعوة من الحزب السوري القومي الاجتماعي وتنديداً بالإرهاب الصهيوني. وشارك في الوقفة ممثلون عن القوى والأحزاب الوطنية والفصائل الفلسطينية واللجان الشبابية والطالبية وتخللت الاعتصام كلمات ألقاها ممثلون عن تلك المنظمات والأحزاب.

وألقى العميد وهيب وهبي كلمة الحزب السوري القومي أكد فيها أن «المقاومة الفلسطينية تفرض اليوم معادلة جديدة هي أن أي مكان في فلسطين يتم الاعتداء عليه ستردّ المقاومة في عمق الكيان، وإن هذه المعادلة هي شرط لوقف إطلاق النار من قبل المقاومة». ونوّه وهبي إلى أن «الشعب الفلسطيني بمقاومته وانتفاضته يرسل آلاف الرسائل إلى العدو ومن ورائه من مطبعين ومتآمرين»، وأهمها أن هذا الشعب لا ينكسر ولا ينهزم، وأننا سنقاوم حتى استرجاع أرضنا مهما زاد الحصار والدمار، وأن الشعب الفلسطيني وحّد صفوفه وأصبح القائد الفعلي للمقاومة، على حماية نفسها فكيف تحميكم؟ وأخيراً أنه سقطت كل الاتفاقيات والصفقات وآخرها صفقة القرن التي هي قرون على رأس صانعيها وتيجان على رأس رافضيها».

وتدخل البلاد اعتباراً من اليوم حالة استرخاءٍ وجمود سياسي بفعل عطلة عيد الفطر السعيد ومغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الإمارات لقضاء العطلة مع عائلته.

ولم يسجل المشهد الحكومي أي جديد يذكر، لكن من المتوقع أن يُعاد تحريك المياه الحكومية الراكدة بعد عطلة العيد لا سيما على صعيد تفعيل خطوط التواصل بين بعبدا وبيت الوسط. وكشفت جهات سياسية عاملة على خط التأليف لـ»البناء» عن سعي وسطاء لعقد لقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس الحريري بعد عيد الفطر، سيكون حاسماً على صعيد حسم خيارات كل منهما.

وعُلِم في هذا الصدد أن عون لن يترك الأمور تتمادى من دون مصارحة اللبنانيين وأنه سيتوجّه بكلمة الى اللبنانيين قريباً يصارحهم فيها بموقفه من القضايا الاجتماعية والحقوقية إلى ملف ترسيم الحدود والتدقيق الجنائي والحكومة. كما يُحذّر رئيس الجمهورية في دوائره المغلقة بأنه لن يسمح باستمرار الوضع القائم وهو بصدد تحضير شيء ما. ما يطرح سؤالاً عما يملكه عون من أوراق سياسية ودستورية لدفع الحريري للتأليف أو للاعتذار.

في سياق ذلك، يرى الوزير السابق المحامي كريم بقرادوني في حديث لـ»البناء» أن «الموقف السعودي السلبي من ترؤس الحريري للحكومة الجديدة لاعتبارات شخصية وسياسية عدة هو أحد الأسباب الرئيسية للأزمة الحكومية». وأوضح أن «تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية الأزمة الحكومية ليس منطقياً. فمنذ تكليف الحريري لم يعد الحل بيد الرئيس، بل باتت مسؤولية التأليف مشتركة بينهما بالتعاون مع الأطراف السياسية الأخرى».

وأمام الحريري خياران بحسب بقرادوني: «إما اتخاذ المبادرة بجرأة وتأليف حكومة بموافقة رئيس الجمهورية، وإما تقديم اعتذاره ويصار إلى الدعوة لاستشارات نيابية جديدة لتكليف شخصية أخرى وفق الدستور». ويضيف أن رئيس الجمهورية لا يملك صلاحية عزل الرئيس المكلّف بل مجلس النواب فقط، وهذا غير وارد في ظل وجود أكثرية نيابية لا تزال داعمة له.

أما عن فرضية الاستقالة من المجلس النيابي، فيوضح بقرادوني أن «الاستقالة وتقصير ولاية المجلس تحتاج إلى أكثرية نيابية غير متوافرة اليوم، إضافة إلى أن هذا الخيار ليس الحل، سوى أنه ينزع التكليف من يد الحريري، لكنه لن ينتج بالتأكيد حكومة جديدة. فضلاً عن أن هذا الخيار يفقد جدواه مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة بعد أقل من عام. وحتى لو سقط المجلس لن تجرى الانتخابات المبكرة قبل ستة أشهر، كما ليس بالضرورة أن تؤدي التسويات الخارجية قيد التبلور إلى حل في لبنان وربما تتأخر وربما يكون لبنان على آخر جدول الأولويات الذي يضم عشرات القضايا والأزمات». وأبدى بقرادوني خشيته بأن يبقى الوضع اللبناني على حاله حتى الانتخابات النيابية المقبلة التي ستجرى حكماً في موعدها وتليها انتخابات رئاسية».

في المقابل، فإنّ الحريري، وبحسب ما تؤكد أوساطه لـ»البناء» ليس في وارد الاعتذار في الوقت الراهن وهو لا يزال يمارس دوره كرئيس مكلّف، وينتظر أن يوافق رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية. ولن يعتذر إلا في حال أيقن بأن اعتذاره يحظى بأغلبية نيابية تنزع منه التكليف ضمن حل شامل ينقذ البلد. فيما لفتت مصادر مقربة من عين التينة لـ»البناء» إلى أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري مستمر في مساعيه لتقريب المسافة الخلافية بين عون والحريري، وأنه لا يرى في اعتذار الحريري الحل بل سيعقد الأزمة أكثر».

وبعد استثناء وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من جولته الأخيرة، زارت السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو بكركي والتقى الراعي وغادرت من دون الإدلاء بتصريح. وبحسب مصادر «البناء» فقد جاءت الزيارة في إطار ترطيب الأجواء بين بكركي والفرنسيين بعدما أعلنت بكركي عبر مقرّبين منها امتعاضها من موقف لودريان. وبحسب معلومات «البناء» أيضاً فإن الرئاسة الفرنسية أبدت عتبها على الراعي لعدم تعاونه بالشكال اللازم لإنجاح المبادرة الفرنسية. ففي حين كان الفرنسيون يضغطون بقوة لفرض تنفيذ المبادرة على الأطراف السياسية، كان الراعي يدعو إلى مؤتمر دولي حول لبنان للحل السياسي كالحياد والنأي بالنفس وتدويل الأزمة اللبنانية متجاهلاً المبادرة الفرنسية، ما أثار غضب الفرنسيين عبر عن ذلك لودريان بعدم زيارته بكركي».

وكشفت وكالة «رويترز» أن «الاتحاد الأوروبي يحضر عقوبات على سياسيين في لبنان، يرى أنهم يعطلون تشكيل الحكومة»، لافتةً إلى أن «الاستعداد للعقوبات الأولى التي يفرضها التكتل على حليفه في الشرق الأوسط، هي بسبب خيبة الأمل من سوء إدارة النخبة الحاكمة للبلاد». ولفتت الوكالة، نقلاً عن 6 دبلوماسيين ومسؤولين، إلى أنه «لم تتم مناقشة أي أسماء». في وقت نددت المجر علانية بجهود الاتحاد الأوروبي للضغط على السياسيين اللبنانيين»، موضحة أن «العمل الفني بدأ الآن في التحضير للعقوبات، ما يسمى بمعايير التصنيف، بعد أن وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين على اتخاذ إجراء».

في غضون ذلك، بقي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي محل اهتمام رسمي في ضوء تفاقم الأزمات الى حد كبير في مقابل سلة التعاميم التي أصدرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي كانت محور بحث في بعبدا مع الرئيس عون وتناولا أيضاً موضوع البطاقة التمويلية ومسألة رفع الدعم.

وشدّد خلال استقباله وزيرَ السياحة والشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال رمزي المشرفية على رأس وفد من القطاع السياحي والفندقي والمطاعم، على «أهمية السياحة في الاقتصاد المنتج، لا سيما في لبنان الذي يمتلك كل المقومات السياحية الطبيعية والإنسانية والحضارية التي تجذب السياح من دول العالم إليه»، مؤكداً قيامه بكل ما يلزم «من أجل تفعيل السياحة على الأراضي اللبنانية كافة، لا سيما أننا بدأنا بالخروج تدريجياً من أزمة جائحة كورونا وهدفنا الدائم هو إعادة بناء اقتصادنا على أسس منتجة سليمة». واعتبر أن «من شأن تنشيط السياحة الداخلية هذا الصيف أن يشكل دليل عافية وتأكيداً على أن اللبنانيين يمتلكون مقومات النهوض من أية ازمة يجتازونها بتضامنهم ووحدتهم». واعلن عون أنه اعطى توجيهاته الى المسؤولين المعنيين «لإيلاء مطالب القطاع السياحي الأولوية، من دون أية استنسابية لما في ذلك من مردود هام على مختلف المناطق اللبنانية وفق مبدأ الإنماء المتوازن الذي نعمل عليه».

على صعيد آخر، عرض وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا التطورات في لبنان والمنطقة ونتائج جولة الترسيم البحري الأخيرة التي انعقدت في الناقورة بوساطة الولايات المتحدة، إضافة الى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701.

ولجهة العلاقات السعودية – اللبنانية، أفيد أن السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، أقام في مقر إقامته في اليرزة، مأدبة إفطار على شرف المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات. وجرت خلالها مناقشة أبرز المستجدات ذات الاهتمام المشترك.

وعرض الرئيس عون مع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي للأوضاع الأمنية في البلاد وحصيلة الجولة الاستطلاعية التي قام بها على عدد من المعابر الحدودية، والإجراءات الواجب اتخاذها لتعزيز الرقابة عليها والحد من عمليات التهريب. وأفادت المصادر أن فهمي بصدد إعداد تقرير يضمنه عرضاً للواقع القائم والاقتراحات اللازمة. وخلال اللقاء، اطلع فهمي عون على «مسار التحقيقات الجارية في عملية تهريب المخدرات الى مرفأ جدة من خلال صناديق احتوت على فاكهة الرمان، كذلك على الاتصالات التي أجراها مع المسؤولين في السعودية لمعالجة هذا الامر بعد تعليق السعودية استيراد المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية اللبنانية».

وأكد فهمي في حديث للإعلام أنه «يعد التقرير المفصل بجولته على الحدود اللبنانية في الشمال والبقاع لا سيما عند نقطة المصنع، والمرفأ ومطار بيروت، على أن يرفعه إلى كل من رئاستي الجمهورية والحكومة». وكشف أن «التقرير يتضمن تفاصيل ما اطلع عليه عن كثب خلال جولاته الميدانية على الأرض، إضافةً إلى تضمينه اقتراح عقد اجتماعٍ أمني موسّع أو انعقاد المجلس الأعلى للدفاع، والقرار هنا يعود إلى رئيس الجمهورية ليختار أحد الخيارَين وتحديد الدعوة، والهدف من ذلك إطلاع المجتمعين على تفاصيل مضمون التقرير».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى