حديث الجمعة

وردٌ وورد، وكلّ الوردِ جميل..

وردٌ في آنية، يتوسّط طاولةً فخمة في غرفة استقبال لا تُفتح إلّا لمسحِ غبار أثاثها ولزائرين يسمّيهم أهل الدار «الأكابر»…

وردٌ في حديقة مرتّبة يصطفُّ في أحواض تحيط بعشبٍ «صناعي»، تراه واقفًا كأطفال افتتاح دورات الألعاب الأولمبية.. يأنس لمن يتحلّقون حوله كي يخطفوا معه صورة..

وردٌ بأسماء عجيبة، يتمدّد في آوان فخاريّة معدّة لاحتوائه.. هشٌّ كطفل أفسده الدلال. تجده مغشيًا عليه إذا نسيت وقت ريّه، وإن زدت في جرعته من الماء تعفّن..

وردٌ في كفّ الأمهات دلاله.. ينتظر أصواتهنّ كي «يفرفح» كرمى لأعينهنّ..

وردٌ في الحقل.. لا يلتفت إن مرّت به النظرات، لا اسم له فلا يُنادى إلّا بما اختارته له أصوات الفلاحين وأهل التراب.. لا ينتظر الروى موقناً بسخاء الغيم ومسلِّماً لحتمية اليباس يوماً ما.. ينمو في كنف التراب الحرّ لا يأبه لما قد يحوي التراب.. لا ضير عنده إن علا العشب حوله وأخفاه، ولا يوجعه أن تمرّ عليه خطوات المسرعين إلى وجهاتهم.. وردٌ بريّ مشاكس في لطفه، عزيز في انحناء عطره قبلةً على خدّ الأرض..

ووردٌ بشوكٍ كثير كثيف، يبدو عدائياً ويُساء برقّته الظنّ، يحوي ذاكرات المدى، ويضمّ مرتجفًا دم مَن جرّحهم بغير قصد..

وردٌ ووردٌ ووردٌ وورد.. لو كنتُ وردة، أيّهم سأكون..؟

ليلى عماشة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى