عربيات ودوليات

أحداث 11 أيلول وتأثيرها على الاقتصاد الأميركي

شكلت أحداث 11 أيلول 2001 صدمة عنيفة للاقتصاد الأميركي، فالبلد الذي يحرك الجيوش إلى أي مكان في العالم لحماية مصالحه الاقتصادية، جاءته الضربة في عقر داره، ليشعر الاقتصاد الأميركي بتهديد لم يعرفه منذ الحرب العالمية الثانية.

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، أحمد السيد النجار، أن «هجمات الحادي عشر من سبتمبر قبل عشرين عاماً أحدثت تأثيراً مزدوجاً على الاقتصاد الأميركي، من ناحية صدمة اليوم نفسه التي أربكته، ثم حرب العشــرين عاماً التي استنزفته».

وأوضح النجار أنّ «جزءاً أساسياً من البيئة الآمنة لأي استثمار، وهو عماد الاقتصاد، هو مبدأ الأمان، وأحداث 11 أيلول شكلت ضربة قاسية لهذا المبدأ في قلعة الرأسمالية العالمية، فخلقت شكوكاً قوية حول قدرة الدولة الأميركية على تأمين الاستثمارات والاقتصاد».

وتابع: «كذلك يمكن اعتبار الأحداث بمثابة تطبيق درامي لمقولة (وانقلب السحر على الساحر)، فالولايات المتحدة، بشكل أو بآخر، مولت وسلحت الجهاديين، وبمساعدة نظام حليف لها في السعودية ومصر، والنتيجة أنّ المارد الذي صنعته ضربها».

كما أكد النجار أن «هناك قطاعات تعتبر أكثر حساسية لهذا النوع من الأحداث، فمثلاً البورصة، والتي أغلقت عقب الأحداث، والقطاعات المرتبطة مباشرة بالأمن مثل السياحة والنقل، وخاصة الطيران، وهو ما يؤثر بالتالي في نقل البضائع، كذلك رد الفعل الأميركي تجاه الحادث، وهو شن طويلة الأمد كان يعني استمرار تلك الآثار، وهو ما رفع الكلفة الاقتصادية لهذه الأحداث».

ولفت إلى أنّ «الغزو والحرب الممتدة التي تبعت الأحداث كانت كلفتها باهظة بالتالي، التقديرات تشير إلى تريلوني دولار، وهو ما يعــني خسائر فادحة للاقتصاد الأميركي. هذا الإنفاق الضخــم على حرب استمرت لعشرين عاماً كان بالتبعية على حساب البرامج الاجتماعية وإعانــات البطـــالة والتأمــين الصحي، وغيرها من أشكال الإنفاق الاجتماعي التي تخفف الأعباء عن كاهــل المواطن الأميركي».

بالمقابل، أكد النجار أنه «مثلما كانت هناك خسائر فقد تحققت أيضا مكاسب، ولكنها كانت لفئة محدودة، وتتمثل في المجمع الصناعي العسكري»، موضحاً أنه «مع الحرب زادت مبيعات السلاح، بالدرجة الأولى للجيش الأميركي، والذي يعد العميل الأهم للمجمع الصناعي العسكري، وهو الذي حافظ على ازدهار ومكاسب المجمع الصناعي العسكري، شركات السلاح وتجار الحروب هم أكبر المستفيدين من أحداث 11 أيلول وما تلاها، ودافع الضرائب الأميركي هو من تحمل التكلفة بالإضافة للمواطن الأمريكي الذي تأخرت استحقاقاته الاجتماعية بسبب الإنفاق على الحرب».

وأشار النجار إلى أنّ «هناك رابحاً آخر من الأحداث، وهي شركات البترول، إذ انخفضت أسعار البترول عقب الأحداث ولمدة عام، ولكنها عادت وارتفعت بعد ذلك إلى مستويات قياسية حتى عام 2008 حينما حدثت الأزمة المالية».

وتابع أن «هذا الارتفاع دعم، بالطبع، غزو العراق، شركات البترول حققت بالطبع أرباح طائلة من تلك الأسعار، وفي نفس الوقت عانى من هذه الأسعار المستهلك الأميركي، وكذلك الدول المستوردة للنفط في العالم مثل الصين واليابان وكوريا والهند».

وأكد الخبير الاقتصادي المصري أنه «لا يمكن وضع هدف اقتصادي واضح للتواجد الأميركي في أفغانستان وحربها هناك، كما أشيع وقتها، فأفغانستان دولة حبيسة لا تطل على أي بحار أو محيطات، كذلك لا توجد بها موارد خاصة تمثل أطماعاً لأميركا مثل الخليج، كما أنها لا تعد ممراً تجارياً مهماً ولا تنقل عبرها سلعاً استراتيجية».

ورأى أنّ «كل ما تمثله أفغانستان هو جوارها لمجموعة دول تهتم الولايات المتحدة بالتأثير عليها أحيانا، مثل الدول المتاخمة لروسيا كجورجيا وغيرها من الدول التي تمثل خاصرة روسيا، وهو ما يجعل أميركا تحتاج وجودها في المنطقة لخلق مشاكل لروسيا، كذلك حدودها الضيقة مع الصين بنفس المنطق، خاصة أنّ حدود أفغانستان مع الصين تتصل بمنطقة الإيغور، بمعنى أنّ أهداف واشنطن من الغزو كانت جيوسياسية وليست اقتصادية».

واستطرد النجار قائلاً «لكن اللافت أن هذه الأهداف أيضاً فشلت واشنطن في تحقيقها على مدار عقدين، وتكررت هزيمتها في فيتنام مرة أخرى، وفي النهاية اضطرت لما يشبه الفرار وليس حتى الانسحاب».

وفي صباح الثلاثاء الحادي عشر من أيلول 2001 استولى انتحاريون على أربع طائرات كانت تحلق في أجواء شرق الولايات المتحدة في وقت واحد، واستخدموها كصواريخ عملاقة موجهة، إذ ضربت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، فيما دمرت الطائرة الثالثة الواجهة الغربية لمبنى وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) خارج العاصمة واشنطن، بينما تحطمت الطائرة الرابعة في حقل بولاية بنسلفانيا.

وقد بلغ إجمالي عدد ضحايا الهجمات 2977 شخصاً عدا عن الانتحاريين وعددهم 19 شخصاً.

وعقب أقل من شهر على الهجمات قاد الرئيس الأميركي، وقتذاك، جورج دبليو بوش عملية غزو أفغانستان بدعم من تحالف دولي للقضاء على تنظيم «القاعدة الإرهابي وإلقاء القبض على رئيسه أسامة بن لادن.

ولم تتمكن الولايات المتحدة الأميركية من معرفة مكان بن لادن إلا بعد مرور عشرة أعوام على الهجمات حيث تمكنت القوات الأميركية من تحديد موقعه وقتله في باكستان المجاورة.

وفي 30 آب الماضي أنهت الولايات المتحدة عملية انسحابها من أفغانستان، بعد عشرين عاماً من تواجدها العسكري في البلاد.

وأعلنت حركة طالبان، أول أمس، تشكيل حكومة مؤقتة، يترأسها الملا محمد حسن، بينما يشغل الملا عبد الغني برادر منصب النائب الأول لرئيس الحكومة، ومولوي عبد السلام حنفي النائب الثاني، فيما يتولى سراج الدين حقاني منصب وزير الداخلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى