أخيرة

القتال على الطريقة اليمنية

أمران إن استوليا عليك فقدت المقدرة الفطرية على القيام بردّ الفعل التلقائي الذي أوجده الله في الذات الحيوية… وهما بأهمية الطعام والجنس للحفاظ علي الوجود الإنساني، الأول… حب الثراء والإكتناز والمبالغة من ثمّ في حب الحياة، الثاني… تعقّد العقل وفقدانه للمقدرة على إصدار الأمر اللاإرادي للدفاع عن الذات والمرور في متاهاتٍ تفصيلية للتحقّق من جدوى القتال وإخضاع الموقف برمته الى حسابات موازين القوى والربح والخسارة.

كلّ وجود مادي بما في ذلك الوجود الإنساني يتمتّع بالمقدرة الفطرية على ردّ الفعل للمحافظة على الوجود… حتى الهروب والانكفاء، شرط ان يكون مرحلياً… هو مظهر من مظاهر عبقرية الفطرة التي أوجدها الله كناظمٍ للحفاظ على الذات. أما ان يتحوّل الهروب والانكفاء والإنبطاح الى حالة دائمة… فإنّ ذلك يحمل في طياته فناءً وإن لم يكن مادياً، فهو فناءٌ موضوعي. وفي واقع الحال فإنّ الفناء الموضوعي للإنسان هو فناءٌ بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى… فالإنسان يبدأ حياته بتواجدٍ مادي… وتأسيساً على انّ المادة تستفز ّ نقيضها… فإنّ وجوداً معنويّاً موضوعياً يبدأ بالتراكم حتى يتأتّى الوجود المثالي، او الأنا العليا والتي تعتني بالأنا المثالية للإنسان، والتي بدونها يتحوّل الإنسان الى حيوان آخر، وبها يكون للإنسان فرادته وتميّزه وسيادته للكون.

اليمني يقاتل بالسليقة… حينما حدث عدوان التحالف الأعرابي عليه تناول سلاحه بل ما تيسّر من السلاح، وطفق يقاتل… استوعب الهجوم… نظّم صفوفه… تبلورت عقيدته القتالية… استدعى ما يمكن لمتطلبات القتال… بلور استراتيجيته… وها نحن نراه الآن يمتلك زمام المبادرة، بالرغم من التفوّق الساحق للعدو تسليحيّاً ولوجستيكيّاً. ما أحوجنا في فلسطين للقتال على الطريقة اليمنية.

مصيبتنا هي في هذه القيادات التي اختارت الانبطاح منذ الطلقة الأولى… يعزينا هذا الجيل الجديد من الشباب، والذي يبدو أنّ دماءً يمنيةً تجري في عروقه.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى