أخيرة

ضلال وهّابي

كيف بك إذا أتاك شخص وأنت في ريعان الشباب… تحبو حبواً في عالم الإسلام، وتتدفّق شوقاً الى اعتناقه من جديد بعد أن أفهمك هذا الشخص أنّ إسلامك قد تمّ التعابث به، وانّ ما يتبعه أهلك الذين ورثت الإسلام منهم هو محض هراء وضلال لا يستقيم. كيف بك إذا طفق هذا الشخص يطلب منك أن تطلق لحيتك الى منتهاها، وتشذّب الشارب اقتداءً بالرسول، وتستعمل المسواك وليس فرشاة الأسنان والمعجون الكافرين، ولا تدخل الحمام إلّا بالشمال، ولا تسلّم على المرأة وإلّا نقض وضوؤك، وألّا تأكل إلا باليمين، ثم أفهمك كيف تقضي حاجتك على الطريقة الإسلامية، وكيف تقصّر من بنطالك، وكيف تبدأ المنام وماذا تقول، وكيف تبدأ نهارك، وماذا تقول حينما تسوق ركوبتك، وسلسلة طويلة عريضة من التفاصيل التي انْ لم تمارسها لن تضيف شيئاً كثيراً الى عقيدتك، بل انّ الإسلام يدعو في لبّ وصميم العقيدة الى الانسجام مع المجتمع الذي تعيش فيه زماناً و مكاناً، ولا تبدو شاذاً منفّراً تمارس طقوساً قد يُساء فهمها وما يترتب على ذلك من انطواءٍ وعزلةٍ متراكمة، تماماً كما حدث لبني «إسرائيل»…

«الآخر» في عقيدتهم تماماً كما هو عند بني «إسرائيل» والمتطرّف الأبيض هو شيءٌ للقتل، وليس مسلماً محتملاً، حريّ بك انْ أنت أردت جذبه إلى الدين أن تريه أجمل وأنبل وأرحم ما في هذا الدين.

أما ثالثة الأثافي، وطامّة الطامّات… فهي الطاعة المطلقة لولي الأمر حتى لو سرق مالك واغتصب زوجتك وألهب ظهرك بالسياط، وبالتأكيد لو أمرك بقتال من يشاء، فهو واجب الطاعة لا يجادل… يأمر فيُطاع… يجلس القرفصاء في حضن ألدّ أعداء الله ورسوله… فيتلقّى الأمر والتعليمات وأين ستكون الحرب المجزرة القادمة، فيمرّر تلكم الأوامر والزواجر الى قطعان الغنم التي تأتمر بأمره ولا تملك من أمرها شيئاً سوى الطاعة، وإلى يمينه يقعد أحد مفتي السلاطين، جاهزاً ومتأهّباً لإصدار الفتاوى الربانية في ما يخدم رغبة وليّ الأمر ومن ثمّ سيد وليّ الأمر والذي هو عادة شيطانٌ رجيم، ثم تنطلق صرخات «الله أكبر» ليس إلى عنان السماء فحسب… بل الى عميق الأرض وأخمصها… ويذهب الدم المهراق والجهد المراق ما بين يدي إبليس وأتباعه… وتستمرّ المهزلة، كماً استمرت لمئات السنين، ونتساءل بعد ذلك لماذا كلّ هذا الغضب الإلهي علينا! ولماذا نحن أمةً… لا في العير ولا في النفير…

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى