أخيرةأنطون سعاده

إنَّ الأهَمَّ بأنْ نُسابقَ من سَما

} يوسف المسمار*

قـلْ للـذي حَسِـبَ الـولادةَ فـرحـة ً

والمـوتَ حـزناً، فاحـتـفى وتـجَـهّـما

إنَّ الـولادة َ كالمـمات ِ لمَـنْ وعى

سَـيـرَ الحـيـاة ِ وســرَّها وتـفـهّـمـا

لـمْ يـخـلق اللهُ الحياة َ ولا المماتَ

لـنـزوة ٍ، بـل شـــاءَ ســرا ً فـيـهـما

فهما الى دركِ الحـضيـضِ وسيلة ٌ

وهـما أرادَ إلى  الأعـالي سُــلَّـمـا

فـكلاهـما دربُ السـفـول ِ لمنْ غـوى

وكـلاهـما دربُ السُـمـوِّ لمنْ سـما

إن الـولادة َ في المـمات ِ تـجسـّدتْ

وكـذا المـماتُ خُطى الولادة ِ جَسَّما

من تـاهَ في وادي الضلال ِهـو الذي

عـرفَ البـدايـة َ والنهـايـة َ عـلـقـما

أما الـذي اخـتـارَ الجــلاءَ  مـدارَهُ

فـله انحـنى مجـدُ البسيطة ِ مُـرغَـما

ومضى يُحَـلّـقُ في الأعالي خافـقا ً

وعلى جبـيـن ِالشمس ِ يطبعُ مبسما

إنســانُـنا أعـطى البـدايـة َ قـيـمـة ً

وبـه ِ اسـتحالَ المـوتُ شيئا ً أقـيَما

صـارتْ بـدايـتُـنا  نهـايـة َ ظـلمـةٍ

وكـذا نهايـتُـنا اسـتحـالـتْ أنـجـما

مـيلادُنـا يعـني  بــدايـة َ نـهـضـةٍ

وُلـدتْ وصارتْ للـتـجــدّد ِ مَـعـلَما

هيَ صيحة ُ الحـق ِ الـذي لنْ يرتـضي

إلا َّ العــدالـة َ والقـضـاءَ  الأحـكـما

هيَ صـرخـة ُ العـز ِ الـذي لنْ يكتـفي

إلا َّ بتـعـزيـز ِ الـوجــود ِ لـيسـلـما

هيَ نهـضة ُ الإنســان ِ يـكـتـشــفُ

المجاهيلَ الـتي بـقـيتْ وجـوداً مُـبهـما

هيَ ثـورة ُ الـشعـب ِ العـزيـزِ مُجـدداً

روحَ الحـضـارات ِ ابـتـكـاراً مُـلهـما

مـيـلادُنـا الـبـركـانُ  ثـــارَ مـزلـزلا ً

أسـسَ الطـغـاة ِ ولا  يُـوَفـِّـرُ مُـجـرما

مـيـلادُنـا خَـلـقٌ جـديـدٌ دكَّ أبـراج َ

الـتـخـاذل ِ والـتـجـابـن ِ والـعَــمى

مـيلادُنا فـجـرُ الحـياة ِ المستـضيءِ

تــفـجـُّـرا ً  وتــلألأ ً  وتــقَـــدُّمـا

مـيلادُنا المـوتُ الـذي أرضى الـذي

خـلَـقَ الوجـودَ وكـل شيءٍ نَـظَّما

مـيلادُنا مـوتُ الفناء ِ وبـدءُ تاريخِ

الـبـقـــاءِ  المسـتــديـم ِ على الـنـمـا

فـتـمـجّــدَ المـوتُ  المـجـدّدُ مـولـداً

بـالعــز ِ كــانَ، وبالبـطــولة ِ تُـمِّـما

فالحـق ُ يجـملُ  بالـولادة ِ عـنـدمـا

ينسابُ مـنـها النـورُ فـكـراً مُـحْـكَما

والـعــدلُ يـزهـو حـينـما  بالمـوت ِ

تـنـتـصرُ الحـياة ُ تساميا ً وتـعاظـما

هـذا هـو المعـنى العـميـقُ لنـهـضة ٍ

بالـروح ِ والعـقـل ِ استـقامـتْ والـدِمـا

فلقـد قـضى شرعُ الذئاب ِبأن تصيـر

بلادُنـا ســوقَ النخـاسـة ِ والـدُمى

وتـصـيـر في الـدنـيـا  فـلســـطـيـنُ

الـذبيحة ُ للـيتـامى والأرامــل ِ مَـأتــما

ويصيـر لـبـنانُ المخـضَّبُ مـوطـئـا ً

للمـجـرميـنَ  وللأعـــادي  مَـغــنَـمـا

وعــراقـنا  يغـدو فـريسـة عـالـم ٍ

ميـت الضـميـر، وبالتـوحّش، عُـقِّـما

والشــام سَــوَّرها الطغـاةُ بحـقـدهـم

حتى اسـتحالـت بالـدمـارِ جَهَـنّـمـا

ضاقتْ بـنـا الدنيـا، فـليس يـفـيـدُنـا

إلاَّ الهُـدى، وبالفــدى لنْ نُهـزَما

إنَّ الهـداية للخـلاص ِ طـريـقُـنـا

وبلا الـفــداءٍ فـلـنْ نـفــوزَ ونـنعــمـا

ان الجـهادَ هـو الوسـيـلـة ُ وحـدهـا

وبلا جـهــاد ٍ شـعـبُـنـا لـنْ يَسـلـما

لا شيء يـخـتـصـرُ الحـيـاة َ ســوى

الكرامةِ والكـرامـة ُ للأعـزاء ِالحِـمى

ولقـد قـضى شرعُ الإبـاء ِ بأن نكونَ

حسـامَ أمـتــنا، ونـبـقى المِعــصَـما

يا أيـهـا الأحــرارُ فــيـكـمْ وحـدكـمْ

إن هـنـتـمُ انـتـصرَ الهـوانُ وخَـيَّـما

طـوبى لأطفالِ الحجـارة ِ قـد غـدوا

شُـعُـلا ً بها انهزمَ الظلامُ وهُـشِّـما

طـوبى لأحـرار ِالعـراق فـعـزمُهـمْ

قـد فـاقَ كـل تـصـوّر ، وتـقـدَّمـا

طـوبى للبنان الذي اخـتـرقَ المحال َ

ودك عـرشَ المـجـرمينَ وحَـطـَّـما

طـوبى لسوريّـا الـتي لشمـوخِـهـا

مـجـدُ التـحـررِ والسمـوِّ قـد انتمى

طـوبى لأحـرار ِ العـروبـة ِ دائـمـا ً

فـهُـمُ الـزوابـعُ نـخـوة ًومَـكـارمـا

هــذي ولادتـنـا  ولادة ُ  نـهــضــةٍ

من ْ ضـلَّ عـنـها قـد تـخبّطَ بالعـمى

هــذي ولادتـنـا  ولادة ُ  يـقــظــــةٍ

كيْ تـجـعـلَ الإنسانَ يـفـهـمُ بالـوما

هــذي ولادتـنــا  بـدايـــة ُ  ثــورة ٍ

جـعـلـتْ محالَ المستحـيـل ِمُؤَقـلَـما

قـلْ للألى تاهـوا: ضـيـاءُ مـنارنـا

قـهـرَ الظـلامَ وعَـمَّ آفــاق الســما

قــلْ للألى تـعـبـوا: بـيـارقُ عـزنـا

صـارت لطـلاب الحـيــاة ِ الأنـجـما

قـلْ  للألى سـئـمـوا: تـفـاؤلـنا هـوَ

أبــدا ً يـظــلُّ  مُـقـاومـاً ومُـهاجـما

قــلْ للألى رحـلـوا: عـطـورُ دمائـكمْ

فــوّاحـةٌ وبـهـا الأثـيـرُ  تـبـلســـمـا

قـلْ للألى اضـطــُهـدوا: دويُّ أنيـنكمْ

سـيـظـلُ للألــم ِ الكـبـيـرِ الـمرهـما

قـلْ للـذين تـشـرّدوا والى المجاهـل ِ

هـُجِّـروا: بـكـمُ الشـمـوخ ُ تَـجَـسَّـما

قــلْ للـذيـنَ سـيـولـدونَ: بـأنـكـمْ

إنْ ثُـرتُـمُ الظـلمُ  انـتهى وتَحَطَّـما

قــد بـانَ أنَّ هـلاكـَنـا بـخـمـولـنـا

وبقـاءنـا بـجـهـادنـا قــد حُـتّـِـمـا

معـنى الـولادة ِ والنـهايـة ِ عـنـدنـا

وعي ٌ تـحـصـَّن بالـبـطـولةِ واحـتـمى

واخـتـارَ آمــادَ الخـلـود ِ مُـصَـوِّبـا ً

إلا َّالحـقــيـقـةَ ما استطابَ وما رمى

فـبـمـولـد ِ النـور ِالحـيــاةُ كـريـمة ٌ

وبـوقـفـة ِ العــز ِالـوجـودُ تَـكـرَّمـا

من ضـلَّ عن نـور الحياة ِ وعـزّها

هيهات يـدركُ ما الحضيضُ وما السما

هيَ عـبـرة ُالأجـيـال ِعَـمَّ شـعـاعُهـا:

بـالـنـورِ والـنـارِ الـتـقَـدّمُ قـد نـمـا

منْ لا يجـيـدُ قـراءة َالتاريخ ِميـتٌ

لـنْ يـقــومَ ولـو أُقـيـمَ ورُمِّـمـا

روحُ الحـيـاة ِولادة ٌ مُـثـلى، ومـوتٌ

كـلَّ ما يُـرضي الفـضـيـلـةَ عـولـمـا

هـدفُ الحـيـاة ِ بأن نـكونَ زوابـعـا ً

أبــداً نـُسابـقُ مـا استـجَـدَّ ومن ســما

ســـرّ ُ الحـيـاة  تـألـقٌ، وتـفــوُّقٌ

وتـزوبــعٌ، وتـعـبـقـرٌ، قــد أُبـرمـا

ما ضـلَّ عن سـر ِالحيـاة ِ سوى الأُلى

عَـبَـدوا الجَـهـالة َوالـغَـباوة َ والعَـمى

هـذا هـو الـمـيـلاد شــعـلـةُ أمــةٍ

تـحـمي وتـبـني عـالـماً مُـتـقـدمـا

وتُـعـيـدُ للمـيـتِ الحـيـاةَ فـيـنـتـشي

ويـهـبُّ يـهـزأُ بالـفـنـاءِ مُـهـاجـمـا

*شاعر قوميّ مقيم في البرازيل.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى