الى متى هدر الوقت بشأن الترسيم البحري؟
عمر عبد القادر غندور*
أُعلن قبل يومين أنّ الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان و»إسرائيل» عاموس هوكشتاين سيعود الى المنطقة أواخر هذا الأسبوع، لكنه تأخر عن موعده أكثر من أسبوعين، في حين توعّدت «إسرائيل» حزب الله بالحرب إذا شنّ ايّ هجوم على حقل كاريش بينما التزمت الولايات المتحدة الصمت بشأن عودة هوكشتاين !
وسرّبت «إسرائيل» ما مفاده انّ العدو سيتنازل عن مساحة بحرية معينة قريبة من الشريط الساحلي في عمق البحر، وفي المقابل تريد من لبنان أن يتنازل عن مساحة بحرية معينة، في الوقت الذي سرّب فيه متحدث انّ «إسرائيل» ستبدأ في ضخ الغاز الطبيعي من منصة كاريش أواخر شهر أيلول الحالي.
إلا أنّ كلّ هذه التسريبات الغاية منها اختبار الردود عليها وخاصة من جانب المقاومة، في حين قال وزير دفاع العدو بني غانتس انّ عمليات استخراج النفط والغاز ستبدأ عندما يكون الحقل جاهزاً للإنتاج، ولم يحدّد متى سيكون جاهزاً، ما يشير الى انّ التسريبات هي لرصد ردّ فعل المقاومة التي أكدت موقفها في حينه وهي بانتظار عودة هوكشتاين ليُبنى على الشيء مقتضاه.
والمعروف انّ لبنان والعدو «الإسرائيلي» يتنازعان على منطقة بحرية يُقال إنها غنية بالغاز والنفط وسط مساحة بحرية تبلغ 960 كلم وفق خرائط مودعة من الطرفين لدى الأمم المتحدة بشهادة الولايات المتحدة التي تنصّب نفسها وسيطاً «نزيهاً» بين طرفي النزاع.
ويُخشى والحالة هذه من العودة الى أربعينات القرن العشرين عن وجود نفق تاريخي منسي قد يضع لبنان والمنطقة على حافة نزاع حدودي مفتوح على مصيرين: إما بوادر ازدهار ونماء للبنان، او حرب شرسة ومدمّرة بين «إسرائيل» ولبنان قد تمتدّ لتشمل أطرافاً آخرين.
وكان من المفترض ان تقتصر المفاوضات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بـ 860 كيلومتراً مربعاً تُعرف بالخط 23 وفق خرائط أرسلها لبنان الى الأمم المتحدة عام 2011.
ولكن لبنان اعتبر لاحقاً انّ الخريطة استندت الى تقديرات خاطئة وطالب بالبحث في مساحة 1430 متراً مربعاً إضافية تشمل خط كاريش وتُعرف بالخط 29، بينما يقع حقل قانا في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع خط 1 وهو الخط الذي وضعته «إسرائيل» لدى الأمم المتحدة وهو أبعد من الخط 23. إلا انّ وجود النفق الحدودي في رأس الناقورة والذي يفصل بين لبنان وفلسطين المحتلة بدأ يطلّ على ساحة المواجهة بعد ان تبيّن انّ هذا النفق من شأنه أن يدعم الترسيم البري والبحري للمنطقة المتنازع عليها. وليس من فراغ أن يقوم وزير الاشغال العامة والنقل د. علي حمية بزيارة النفق القديم لسكك الحديد عند مدخل نفق حجري قديم عند الطرف اللبناني من منطقة رأس الناقورة يعود الى حقبة الانتداب البريطاني حيث عبرت منه وإليه خطوط سكك الحديد بيروت ـ عكا التي استخدمها الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية للتزوّد بالمؤن والإمدادات، وطالب الوزير حمية «إسرائيل» بالانسحاب من هذا النفق كونه من ضمن أملاك وزارة الأشغال اللبنانية ويقع في أرض لبنانية، لأنّ لبنان مُصرّ على تحرير كلّ شبر من أرضه ومياهه بكلّ الوسائل المتاحة وفي طليعتها المقاومة بالطبع.
ويمكن لهذا النفق ان يبيّن بوضوح تلاقي الأراضي اللبنانية والفلسطينية ولو اعتمد كنقطة برية قد تفيد لبنان في نزاعه مع الجانب المحتلّ وكنقطة تحدّد الخطوط البحرية بين لبنان ودولة الاحتلال.
وسيكون لموقع نفق رأس الناقورة دور بارز في عملية الترسيم البحرية حيث يقع في النقطة الحاسمة لتحديد حدود لبنان وتسمّى B1 وفق ما يؤكد الرئيس السابق لوفد لبنان المفاوض حول الحدود مع فلسطين المحتلة اللواء المتقاعد د. عبد الرحمن شحيتلي. والقضية ليست في النفق بذاته، انما لكونه يقع في أسفل تلة تضمّ نقطة حدودية B1 وتمثل بداية الخط المحدّد بموجب اتفاق «بوليه نيوكامب» 1923 وهو اتفاق بين الحكومتين البريطانية والفرنسية وضع على أساسه الانتداب البريطاني الفرنسي.
وسبق للبنان أن خاطب الأمم المتحدة بهذا الشأن عام 2007 وقد تحفظ لبنان على 13 نقطة حدودية مع «إسرائيل» من بينها نقطة رأس الناقورة التي حرمت لبنان من 3300 متراً مربعاً من أراضيه…
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي