أولى

التعليق السياسي

هناك من يريد البلد بلا موازنة : 17 تشرين مالية

كتب ناصر قنديل

كما يبدو من ظاهر عمليات اقتحام المصارف ، التي لا يمكن اتهام الذين يقومون بها بالاعتداء وهم في غالبهم يطلبون حقوقا ثابتة ، إلا من قاموا بشراء شيكات مصرفية بربع قيمتها وذهبوا يطلبون صرفها بالقوة تنفيذا لقرارات حزبية بتنظيم حملة اقتحامات متزامنة للمصارف ، فنحن أمام ظاهرة تستخدم حقا يلقى تعاطفا من غاضبين سلبت حقوقهم ، ولو انهم يصفقون كما قد يصفق الواقفون في طابور الانتظار أمام باب فرن مقفل ، لمسلح يقتحم الباب ويأخذ معه كل الخبز من داخله قبل أن يكتشفوا انه لم يبق لهم ما ينتظرون الحصول عليه  ، وما يزيد الريبة أن أصحاب المصارف يتجاوبون كأنهم شركاء ضمنا ، يمهدون لإتخاذ التكرار والتوسع ذريعة للاقفال ، تهربا من أي مسؤولية لإعادة أموال المودعين ، ومثلهم تبدو الحكومة متفرجة لأنها لا تريد أن تتحمل مسؤولية حل عادل شامل يزعج المصارف وينصف المودعين .

17 تشرين مصرفية تتكرر ، كما قطع الطرقات ، كما اقفال البلد ، بداعي ثورة ، وتعميم ثقافة الشتم والسباب وتسميته بالعنف الكلامي ، الظاهر أحمر ثوري والداخل أبيض رأسمالي تماما كالفجل .

في نقاش الموازنة العامة يجري شيء شبيه ، فالموازنة سيئة ولا تقدم حلولا ، ودليل على تهرب من مسؤولية الحكومة عن اتخاذ قرارات تجيب على الأسئلة الكبرى ، من توحيد أسعار الصرف بين الرواتب والرسوم ، إلى خطة ضمان الودائع واعادتها بجدول زمني  ونسب متدرجة ، الى توزيع خسائر النظام المصرفي بين مصرف لبنان والمصارف والدولة ، إلى خطة كهرباء وطنية تعتمد حسابات المصلحة اللبنانية  في تحديد الموردين وليس المراعاة السياسية للشروط الأميركية ضد الصين وروسيا وايران ، لكن من يناقش الموازنة بهدف تحسينها شيء ، ومن يناقشها لأنه لا يريد موازنة شيء آخر .

البعض يجاهر أن لا موازنة أفضل  من موازنة سيئة ، والعمل على تطيير النصاب كان ضمن تحقيق هذا الهدف ، وغياب الموازنة يعني اعتماد القاعدة الاثني عشرية ، في الجباية والإنفاق ، أي البلوغ السريع لقعر الارتطام والسقوط .

روح 17 تشرين الجهنمية استولت على روحها الخيرة منذ الأيام الأولى ودفنت النسخة المشرقة النقية ، وشيطان 17 تشرين يستعد للضرب مجددا ، لكن ماليا هذه المرة ، فالإفلاس يبدو هدفا مطلوبا في ظل مفاوضات الترسيم وترسيم الاستحقاق الرئاسي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى