أخيرة

دراكولا العصر الحالي!؟

} صباح العلي

دراكولا، سيد الموتى والأحياء، صاغ هذه الشخصية الكاتب الإيرلندي ( برام ستوكر) وقدّمها في رواية شهيرة.

يُقال إنّ دراكولا الحقيقي هو ( فلاد الثالث) من والاتشيا في رومانيا، واشتهر دراكولا أيضاً بلقب (ابن التنين) ، وقد عُرف بتعذيب أعدائه ، فارتبط اسمه بالرعب بسبب أفعاله البشعة.

والبعض يقول إنّ شخصية أخرى ربما قد تكون ألهمت المؤلف ( ستوكر) بفكرة ـ دراكولا ـ وهي الكونتسية المجرية ( إليزابيت باثوري) ، وهي امرأة من أصول نبيلة امتدّ نفوذ عائلتها إلى المجر وسلوفاكيا وبولندا.

اشتهرت باسم ( كونتسية الدم) ، وذلك بسبب حبّها للتعذيب فقد كانت تعذّب الخدم ، وقد عملت على تعذيب وقتل نحو 600 فتاة من الفتيات الفقيرات و25 من العائلة الملكية.

لقد نجحت رواية ( ستوكر) عن ـ دراكولا ـ نجاحاً باهراً، ودراكولا اليوم من أشهر الأسماء في عالم الخيال، لكنها لم تنجح حتّى ظهرت أفلام  دراكولا، فيبقى تأثيرالمرئي أقوى من تأثير المكتوب.

من أشهر أعمال (فلاد) ـ دراكولا ـ والتي صارت جزءاً من اسمه فتلك الشخصية كانت تتجلّى بوحش عديم الرحمة، فكان إذا أسر المسلمين خرق أجسادهم بالأعمدة الحديدية وتركهم معلّقين على العمود حتى صار لا يُعرف باللغة الإنكليزية إلّا باسم (فلاد المُخوزِق) vlad lmpaler نسبة إلى المخزقة وهي الحربة، حيث كان يركّز هذه الأعمدة الحادة في الأرض ويعلّق الناس بالمئات حوله وهو يتناول طعامه.

إنّ سلطة التشدّد وسلب الحقوق في الماضي هي المسؤولة عمّا نراه اليوم من نتائج انعكست مفرزاتها على المجتمعات ككلّ وعلى المجتمع العربي بشكل خاص.

إفرازاتها اليوم هي شخصيات كثيرة مستنسخة عن ـ دراكولا ـ وأشباهه، يعقدون ندوات يدور فيها نقاش بيزنطي لا يرى الطرف الآخر من نتائجه شيئاً، نشرات بائسة ملطّخة شاشات سوادها بدماء الأبرياء.

إنّ الضغوط المتزايدة الناتجة عن الحياة العصريّة أنتجت قدراً كبيراً من الإحباط والقلق والأرق، والتي نتج عنها شخصيات كثيرة تمثّل دور دراكولا بمنتهى الدّقة.

نعيش اليوم في عصر يعتمد على استراتيجية البيتزا التي هي عبارة عن خلط  كلّ ما يوجد في ثلاجتك بقالب واحد وعلى مستوى واحد. وهذا ما أراده كلّ من يمثل دور دراكولا وأشباهه في يومنا هذا.

دراكولا ـ موجود هو وأشباهه في كلّ قطّاع من قطاعات المجتمع وفي كلّ مؤسسة وشركة وجامعة ومعهد ومنظمة بل ونجزم وفي كلّ أسرة أيضاً.

دراكولا ـ يحاول أن يثبت أنه الأقوى بقراراته وأوامره وخططه الفاشلة والتي بدورها أوصلت العالم العربي إلى هذه الصورة القاسية البشعة المؤلمة في يومنا هذا.

نأمل أن يجدوا مُبيداً أو أي نوع من أنواع السمّ القاتل للقضاء على ـ دراكولا وأشباهه وأن ننعم بحياة أكثر طَمأنينة وسلام في مقبل الأيام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى