أولى

أرقام مزورة عن المستوردات

يبدو أن صدمة أصابت حزب المصارف بسبب الأرقام التي نشرتها “البناء” نقلاً عن تقارير رسمية صادرة عن مصرف لبنان وجمعية المصارف حول الواردات من العملات الصعبة، كما تمّ نشرها منفردة، وقامت البناء بجمعها لتظهر وجود فائض في ميزان المدفوعات يزيد عن 5 مليارات دولار سنوياً يقوم مصرف لبنان بسحبه عبر ضخ تريليونات من الليرات المطبوعة، ويُعيد تحويل النسبة الأكبر من كمية الدولارات التي يشتريها من السوق إلى الخارج بواسطة شركات بات معلومات أنها تعمل لحسابه مقابل عمولة، بما يفسر القتال المستميت الذي يعبر عنه حزب المصرف النيابي لمنع إقرار قانون بسيط ومختصر للكابيتال كونترول.
التعبير عن الصدمة جاء عبر ترويج تقارير تتحدّث عن ارتفاع مفاجئ بقيمة المستوردات عام 2022 من 8 الى 16 مليار دولار، وهو أمر غير قابل للتصديق. فالفاتورة النفطية لم تتجاوز الـ 3 مليارات دولار رغم ارتفاعات أسعار النفط، خصوصاً أن جدوى التهريب فقدت مبرراتها مع تحرير السوق وغياب أي دعم لسعر البنزين والمازوت، ويصبح التهريب مجرد تجارة تتم بالعملة الصعبة تأتي بدخل مقابل البضائع، ووجود التهريب يزيد التصدير مثلما يزيد الاستيراد، مع زيادة الربح، وهذا صحيح في أي تهريب لسلع غير مدعومة، ولا وجود بعد لسلع مدعومة في لبنان، الدخان والمشروبات والدواء، كلها إذا كانت عرضة للتهريب فهي تتم كتجارة بالعملة الصعبة لا تتقاضى الدولة عليها رسوماً وضرائب وجمارك ولذلك هي تهريب، لكنها اقتصادياً ومالياً تجارة تتم بالعملة الصعبة عائدها أكبر من كلفتها حكماً.
الحديث عن تبرير زيادة المستوردات برفع الدولار الجمركي وقيام التجار بتخزين البضائع استباقاً لتطبيق الزيادة، بهدف تحقيق المزيد من الأرباح يعني أن هناك دولارات بقيمة 8 مليارات تم دفعها لقاء هذه الزيادة، موّلها مصرف لبنان بالدولارات، وهو يتباكى بأن ليس لديه دولارات، ويستطيع أن يعلم كل زيادة ووجهتها ودرجة الحاجة إليها، خصوصاً بالنسبة للسيارات التي يقال إنها معدة للتصدير للخارج، وهذا يجعلها تجارة إعادة تصدير ذات ربحية وعائد بالدولار، إلا إذا تساهل مصرف لبنان مع تحويل عائداتها للخارج، وهذا ما نقصده بالقول إن كل سردية زيادة المستوردات هي للتغطية على تحويلات غير مشروعة.
حزب المصارف يحكم ويقرر ويصدر الأرقام، وهو الخصم والحكم والحاكم، ولا أحد يحتسب أو يرغب بأن يحاسب، بذريعة الاهتمام بأموال المودعين!

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى