أخيرة

آخر الكلام

ماذا لو عادت سفينة نوح؟

‭}‬ صباح العلي
يبدو أنّ الناس جميعاً سواء أكانوا حكاماً أم رعيّة، لا يدركون حقيقة الدنيا إلّا في الوقت الضائع.
كانت (سفينة التايتانيك) ثاني أشهر سفينة في التاريخ بعد سفينة نوح عليه السلام، فبناؤها كان معجزة بشرية وسبقاً حضارياً في مجال الملاحة البحرية.
وعندما سأل أحدهم مالك السفينة توماس أندروز عن قوّة وأمان هذه السفينة العملاقة أجاب: «هذه السفينة غير قابلة للغرق، حتّى الله نفسه لا يستطيع إغراقها».
تُرى هل يعتقد الإنسان الذي يرتكب المعاصي ويؤجّل الله حسابه أنّه سينال الدنيا وما فيها!
هل يعتقد من يسرق وينهب ويغتاب الناس وينتهك الأعراض أنّ عدل الله غير منزّل عليه وأنّه لن ينال عقابه ذات يوم!
كُثيرون اعتقدوا أنهم ابتعلوا الدنيا وأنّهم سيخلّدون مدى الحياة، وأنّ الرقابة الإلهية لا تشملهم من أيام فرعون وقارون ونمرود وقوم لوط وغيرهم الكثير، إلى يومنا هذا وتطول القائمة.
قال مارك توين ذات يوم: «إذا وجدت نفسك في صف الأغلبية فقد حان وقت التغيير».
حتى لو جرحنا شخصاً ما بالصدق، خير ألف مرّة من إسعاده بالكذب. فالصادق يجب أن يكون صادقاً مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع الآخرين.
لو شاءت الأقدار وقُدّر لهذا البلد أن يدخل مجموعة غينيس للأرقام القياسية عن أكثر صفة مشهورة في بلده، تُرى ما هي أكثر صفة تتمتع بها أغلبية شعبنا في الوقت الحالي؟
أين نحن من الأوّلين الذين قالوا ذات يوم: انثروا القمح على رؤوس الجبال كي لا يُقال جاع طيرٌ في هذه البلاد!
ثمّة بذرة خير في داخل كلّ إنسان مهما بلغ من الشرّ، متى وضعنا أيدينا على هذه البذرة وحاولنا قدر المُستطاع سقايتها بماء الاهتمام والرحمة والتواضع حتّى ينقلب حال الناس، وهذا مطلوب من الجميع فلو كان كلّ الناس أتقياء أنقياء على الدوام، لما كانت الرسالات السماويّة ولما كان الأنبياء.
كلّ شيء واضح… طريق الخير واضح، وكذلك طريق الشرّ واضح، ولكنّ البعض يحتجّ بعدم وضوح الطريق؛ ليحقق مصالح وأهدافاً شخصيّة حتّى لو على حساب مصلحة أقرب الناس إليه، ويتذرّع بحجج أسخفها أنّه حتّى الساعة المتوقفة تكون صحيحة في اليوم مرتين، ولكأنّه وجد ليعمر الكون به.
في هذه الدنيا قصص مكرّرة، فما أكثر العِبر وما أقلّ المُعتبرين!
فالمستقبل ورقة امتحان، ويجب على المرء أن يتحكّم بحاضره من خلال أفعاله وأقواله والصفات التي يتحلّى بها كي يستطيع التأمين على مستقبله.
تُرى لو أُعيدت قصة سيدنا نوح وسفينته في عصرنا الحالي، وأراد أن يأخذ معه جميع سُكّان البلد، تُرى كم هو عدد الأشخاص الذين سينجون من الطوفان؟!
كُن إنساناً قبل كلّ شيء، إنساناً فحسب كي تتمكن الوصول بسلام، كي تعيش بسلام، فالحساب آتٍ لا محالة، إنْ لم يكن اليوم، فذات يوم. لذا تحصّن لتنجو من الطوفان…

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى