أخيرة

دبوس

قرآن لا ريب فيه

أصبح حرق القرآن في الأماكن العامة، في احتفالية مريضة، والتعبير عن أحطّ ما يمكن أن تصل إليه النفس البشرية من الفجور، عادة متعوّد عليها، وهي تنضوي الآن تحت فضيلة التعبير عن الرأي، وهي ممارسة ترقى الى مستوى التقديس، في منظومة الأنغلوساكسون الأخلاقية، التي وضعها هذا الإنسان المارق، المنغلق على ذاته، والذي ومن شدة تكدّسه، لا يكاد يرى أيّ نموذج آخر سوى نموذجه القاصر، المغرق في عماه، والسّادر في غيّه، والغارق في ملذاته وشهواته…
أن يقوم شخص معتوه، ضحل في اطلاعه، بشع في نظرته الى الآخر، منخرط حتى النخاع في الانكفاء نحو مركزه، ان يقوم هذا الشخص بإهانة بليونين من البشر، وتوجيه شروره نحوهم بلا حياء، وبلا أدنى شعور بالاحترام، ولربما يكون خلف كلّ هذا الانحطاط والدناءة رغبة بذيئة في الظهور واستقطاب الإعلام بشيء من الشهرة والترويج لذاته على حساب بلايين البشر، أن يقوم هذا الشخص بذلك هو نمط من أنماط حرية التعبير، لا يؤاخذ عليه ولا يساءَل، بل أنّ علينا ان ننحني تبجيلاً واحتراماً لرغبته الشائنة في ممارسة حرية التعبير…!
هكذا يفرض هذا الإنسان الذي ابتُلينا به وبمعاييره على بني البشر، بكل التردّي والسقوط الأخلاقي والضرب بعرض الحائط بكلّ المقاييس التي تعارفت عليها الإنسانية والتي كانت تكنز في طياتها شيء من التسامي والرقي.
لا يمكننا ان نردّ على هذا المارق بالمثل، لا يمكننا ان نقوم بحرق الإنجيل، لسبب بسيط، وهو أننا نقدس الانجيل أيضاً كما نقدّس القرآن، لا يمكننا ان نسبّ عيسى وموسى ويعقوب وابراهيم ويوسف وسليمان وداوود، كلما سبّوا نبيّنا العظيم محمد، لسبب بسيط أيضاً، لأنّ هؤلاء هم أنبياؤنا، ونحن نكنّ لهم كلّ المحبة والاحترام بنفس القدر الذي نكنّه لمحمد، ولن نبقى مسلمين للحظة واحدة، انٍ نحن وضعنا من قيمة أيّ من هؤلاء بأقلّ من قيمة الذي نكنّه لمحمد، هكذا تعلّمنا، وهكذا تربّينا، وهذه هي القيم والأخلاق التي بثّها فينا محمد، لا نحيد عنها قيد أنملة، ولو حرقوا كلّ يوم ألف قرآن، ولو بلغ عنان السماء سبابهم اللئيم البائس لنبيّنا محمد…
سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى