أخيرة

نافذة ضوء

 

عوامل خراب الأمم

 

‭}‬ يوسف المسمار*
لقد ثبت بالأحداث اليومية أن وراء كل ما يجري في بلادنا من خراب نفسي ودمار مادي يوجد عاملان اساسيان لا مهرب لنا من مواجهتهما بكل ما نملك من قدرات روحية ومادية:
العامل الأول والأخطر هو الرغبات الشخصية والأهواء الأنانية. والعامل الثاني هو المطامع الخارجية العدوانية التي تريد الفتك بنا والقضاء علينا.
فإن لم نتنبّه بما فيه الكفاية الى هذين الخطرين الوجوديين القاتلين، فلا يمكن أن تقوم لنا قائمة ولن يكون لنا إلا مصير الأيتام على موائد اللئام.
أما إذا استطعنا أن نعرف من نحن في بلادنا بلاد الشام والرافدين، وعملنا على تعيين اتجاه سليم هادف يسير عليه أبناء أمتنا بحيث يدركون حقيقتهم وأهدافهم ومصالحهم الحيوية والعليا في الحياة، فإنا نكون قد حسمنا انتصارنا في داخل مجتمعنا، وحسمنا أيضاً معركة انتصارنا في تصدّينا لكل الأعداء الطامعين.
من الغباء أن نصدّق أن أعداءنا يمكن أن يقدّموا لنا العون أو أن يريدوا بنا خيراً. فمن يطلب من أصحاب النفوس الحاقدة خيراً ومن أصحاب القلوب الحاقدة رحمة هو واهمٌ واهمٌ واهمٌ ولا يجني سوى السراب.
مصدر الشر والإجرام
إن مصدر عصابات الارهاب الاجرامي في فلسطين ولبنان والعراق والشام وجميع أقطار العالم العربي هو واحد، والغاية من هذا الإجرام هي القضاء على إنسانية الإنسان في هذه المنطقة من العالم بترويضه وتدجينه روحاً وهيكلاً وتحويله الى قطعان يسوقها كيفما يشاء، ويستخدمها كما يشتهي، ويستخدمها حتى تُستهلك طاقتها، ويرميها في مكبات النفايات عندما يرى أنها لم تعد تفيده بشيء.
هذه هي الحقيقة يا بني وطني يا أصحاب الطبيعة الخيِّرة. وهذا كل ما يريده أصحاب طبيعة الشر لإنساننا وحضارتنا ومدنيتنا وتاريخنا. وبين طبيعة الشر وطبيعة الخير حرب وجود، ولا ينتصر الشر في هذه الحرب الا عندما ينطفئ‭\‬ الخير ويندثر في نفوس أبناء طبيعة الخير. ان بذرة الخير والصلاح تنبت في الأرض الصالحة، وتنمو في الجو المناسب، وتورق وتزهر وتُـثمر بعناية أبناء الخير والصلاح.
أما بذرة الشر والفساد فلا تنبت إلا في بؤرة الجراثيم، ولا تنمو الا بهياج الأوبئة، ولا يشتدّ جذعها وتتكاثر فروعها وأثمارها الخبيثة الا في الظلمات حيث ينحسر نور الخير وتنطفئ قناديله.
إن معاهدة سايكس – بيكو التي فتتت مجتمع الهلال السوري الخصيب في بلاد الرافدين والشام ما كانت لتحدث لولا هيمنة رياح الجهالة والجاهلية والغباوة والتخاذل على أبناء هذه البلاد الأخيار بطبيعتهم، والطيّبين بسجيتهم، ولكنهم كانوا في ذلك الزمان ساذجين بتصديقهم وعود أبناء السفالة والنفاق، مما جعلهم عرضةً لرياح السموم، وغبار الجهالات فتراكمت فوق عقول ضعفاء النفوس منهم أطباقٌ كثيفة من الأباطيل والتشوّهات حتى التحقوا بأسراب الخونة والعملاء والمأجورين والجبناء وصاروا يبوّقون بكل ما يجعلهم صغاراً أمام أنفسهم وأمام الآخرين، ويروّجون لكل ما يعود بالخراب على وطنهم وعليهم، ويُفتون بكل ما يجعلهم مسوخاً وأقزاماً مشوّهين حتى صارت الفتاوي التي تصدر عنهم أكواما وجبالاً وركاماً هائلاًً من الأوساخ والقذارات والنجاسات.
*باحث وشاعر قومي مقيم في البرازيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى