أخيرة

دبوس

 

الجيل الخامس سيكتب النهاية

طفل في الثالثة عشر ربيعاً من عمره، ينتمي الى جيل فلسطيني يقفز من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرجولة من دون المرور في ميعة الصبا، جلس يراقب بحدّة وبذكاء فطري عبقري، حجم المعاناة والعنت الذي يتكبّده أبوه وأمه واخوانه وأخواته وأصدقاؤه وجيرانه من قبل شذّاذ الآفاق، وطفق يستعرض بعفوية ولكن بدقّة، هذا الإنسان القادم إلينا من مسافات بعيدة كي يسرق أرضنا، وكي يهدم بيوتنا، وكي يزجّ بشبابنا في سجونه، وكي يهين آباءنا وأعمامنا وأمهاتنا على الحواجز وفي الشوارع وفي الحارات، وكي يدنّس مقدساتنا ليل نهار، والأدهى والأمرّ، كي يمارس بحقنا كلّ أنواع العجرفة والعنصرية والنظرة الفوقية…
ثم تأمّل الفتى وتساءل، ما الذي لدى هذا المخلوق ما يجعله يظنّ بأنه متفوّق عليّ، فلست أرى إلا مسخاً بشعاً مثيراً للقرف والازدراء في الشكل، وكينونة موضوعية لا تمتّ إلى الأخلاق أو القيم أو المعنى الإنساني بصلة، كتلة من القاذورات البشرية تظنّ من شدة ضلالها ومن شدة مفارقتها للواقع وللحقيقة أنها أكثر ذكاءً، وأكثر جمالاً، وأكثر مقدرة على البقاء…
لم يشغل الفتى نفسه كثيراً، ولم يكبّدها عناء البحث عن سلاح، استلّ سكيناً كان في متناول اليد، وانطلق لا يلوي على شيء، مهاجماً مجموعة من جنودهم الجبناء، ولسان حاله يقول، وطني أيها الأوغاد من النهر الى البحر، وسألاحقكم حتى نهاية الكون لكي تدفعوا بالجبر، ما سرقتموه بالغدر، وانقضّ على أول جندي مدجّج بكلّ أنماط السلاح الأحدث في العالم، ولم يثنِه ذلك عن توجيه طعنة نجلاء الى صدره، أطاحت بما تبقّى من المعنويات ومن التوازن النفسي لبقية الجنود الواقفين في المشهد، ومن شدة رعبهم وهلعهم أطلقوا الرصاص على بقية جنودهم الجبناء، فقتلوا أحدهم…!
هذا هو الجيل الذي انتفض من تحت الركام، ركام التوحش الصهيوني الأنغلوساكسوني، وركام الخيانة والتخاذل الاعرابي، وركام سلطة باهتة مارقة مرتزقة مستتبعة مبطوحة، باعت ما تبقى لها من الكرامة في سبيل المال.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى