أخيرة

دبوس

الشيطان يعظ

أين حقوق الإنسان؟ وأين تلك الشعارات التي ما فتئتم تكرّرونها على أسماعنا أيها الأوغاد، في نفس الوقت الذي تقومون فيه بانتهاك كلّ ما يمتّ إلى الأخلاق والإنسانية بصلة؟ أين هي تلك العبارات المفعَمة بالحنان والغيرة على قيمة الإنسان وحقوق الإنسان والرغبة في تعميم الحرية والرفاه والديموقراطية على بني البشر؟ لا أستطيع أن أفهم هذا الخطاب، وتلك الدعوات إلّا إذا كان تعريفكم للإنسان هو ذلك المخلوق الذي يسير منتصباً على قدمين، ويتمتع بعيون ذات لون أزرق أو أخضر، وبشرته ناعمةً، وشعره منسدل ذو لون ذهبي، وما عدا ذلك فهو ليس الإنسان الذي نعنيه…
ساعتئذٍ سنفهم ما تقصدون حينما تتحدثون عن حقوق الإنسان وحرية هذا الإنسان، ثلاثة أرباع القرن والشعب الفلسطيني يُشرّد، ويُقتل، وتُهدم بيوته، وتُنتهك حرماته ومقدساته، ويُعتدى على أطفاله وشيوخه ونسائه، ويُهجّر في أنحاء المعمورة، وتقومون بتزويد قاتله بآخر ما وصلت إليه قدراتكم الشيطانية من السلاح كيما يمعن في قتله، وحينما يهبّ شبابه للدفاع عن ذاته بما تيسّر من السلاح، تنعتون هؤلاء الشباب بالإرهابيين، ثم تتحفوننا ليل نهار بالحديث عن الإنسانية والإنسان والسلام والمحبة والديموقراطية!
وجوه ناعمة وعيون بارقة وشعر متدفق ذهبي يسرّ الناظرين، ولكن هذا المظهر الجذاب الخلاب ما هو إلّا تورية وتغطية لفحوىً قاتلة مغرقة في شرورها، لا تنفث سوى السمّ الزعاف، ولا تخبّئ في سريرتها سوى الكره والتوحش والبغض والرغبة في القتل والإلغاء والإقصاء، من برّة هلّا هلّا، ومن جوّة يعلم الله…
أما نكتة النكات، وذروة سنام كلّ المهازل والمضحكات، فهي الدعوات التي تنطلق بين الحين والحين لتدخّل المجتمع الدولي، هي كمن يستدعي الذئب لحماية الغنم، كلّ الخطوط الحمراء تمّ تجاوزها، ولن ينفع إلّا قبضات الأسود وعنفوانهم لتمزيق هذا العدو المارق، وسيعلم الذين ظلموا، أيّ منزلق ينزلقون.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى