أخيرة

حكاية ابريق الزيت «أل بي سي» و«المنار»

‭}‬ بهيج حمدان
عرف لبنان منذ ان تأسّس الكثير من الحروب والأزمات والويلات وانعدام الوزن، ولكنه لم يتذوّق طعم جهنّم إلا في قرننا الحالي، والسياسيون لا يضجرون من كثرة ثرثراتهم وجعدناتهم ولا ينطقون بكلمة مفيدة واحدة، والبلد في فساد وإفساد وعوَز حتى سئم الناس من كلّ شيء، ومن حكاية ابريق الزيت التي تطبع التفاصيل والتوصيفات من غير ان تؤدّي الى شيء.
حسناً فعلت «ال بي سي»و «المنار» عندما اهتمّتا من خلال نشراتهما الإخبارية المسائية بتغطية النشاطات الثقافية والبيئية والجمالية والرياضية والتوعوية وإبراز كلّ جميل في وطننا، مع مرور سريع على أحدث المستجدات السياسية التي تهمّ الناس، والاستغناء عن ثرثرات السياسيين وأكاذيبهم وثقل دمائهم.
وقد رفعت المحطتان عن آذان وأعين المشاهدين فصولاً من اللعي واللوفكة والبقبقة والوعوعة من أشداق المنافقين ومدّعي العفة والنزاهة.
ولأنّ الجميع يشبّهون حالتنا بالميؤوس منها بقصة ابريق الزيت، استفزتني حشريّتي لمعرفة حكاية ابريق الزيت التي تتكرّر في لبنان وسورية والعراق وفلسطين.
وبعد البحث والتدقيق تبيّن انّ هذا المثل لبناني الأصل الذي يتردّد على ألسنة الناس في البلدان التي ذكرت، وهو حكاية اللاحكاية التي تعني عدم الوصول الى أيّ شيء، والمشابه لما يحصل في لبنان من انقسام عمودي وأفقي وانهيار بوجود طبقة سياسية هي الأسوأ بالتأكيد.
ويروي الأديب اللبناني الراحل سلام الراسي، رائد الأدب الشعبي، في محاولة لسبر أغوار حكاية ابريق الزيت انّ أحد الكهنة أراد جمع التبرعات من أبناء رعيته من أجل تجديد كنيسة مار الياس في قريته، وروى لهم حكاية مار الياس مع المرأة التي وعدها بأنّ كوار (المكان الذي يحفظ فيه الطحين) الدقيق في بيتها لن يفرغ، وكذلك ابريق الزيت سيبقى يرشح بالزيت، فقامت المرأة وخبزت وأطعمت أهل قريتها، كذلك أحضر الناس الزيت الى الكنيسة على أمل أن تتكرّر الأعجوبة في منازلهم، لكن ثمن الزيت لم يكن كافياً لتجديد بناء الكنيسة، وتمكن الكاهن من تجديد الكنيسة من جيوب المؤمنين.
ومن ذلك يتضح أنّ حكاية ابريق الزيت هي مجرد حكاية لا تنتهي الى شيء تماماً كفشل السياسيين في الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى