الوطن

نصرالله: إذا شنّ العدوّ حرباً على لبنان سيكون قتالنا بلا سقوف وحدود وقواعد وضوابط

أوضح الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله «أنّنا حتّى الآن نُقاتل في الجبهة بحسابات لذلك هناك تضحيات لكن إذا فكّر العدوّ أن يشنّ حرباً على لبنان حينها سيكون قتالنا بلا حدود وضوابط وسقوف»، مشيراً إلى أنّه «إذا كنّا نداري حتّى الآن المصالح اللبنانية فإذا شُنّت الحرب على لبنان فإنّ مقتضى المصالح اللبنانيّة الوطنيّة أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط». وشدّد على أنّ «دماء الشهداء لن يكون لها إلاّ النتائج العظيمة والمحمودة والتي ستعود بالخير على كلّ الأمّة».
كلام السيّد نصر الله جاء خلال الاحتفال بالذكرى الرابعة لاستشهاد قائد فيلق القدس الإيرانيّ السابق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبيّ السابق في العراق أبو مهدي المهندس الذي أقامه حزب الله أمس في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وجدّد السيّد نصر الله في مستهلّ كلمته التبريك والتعازي بشهادة أصحاب المناسبة كما توجّه إلى «عائلات الذين استشهدوا في جوار المرقد الطاهر للشهيد سليماني في كرمان»، معتبراً أنّ «هؤلاء استشهدوا في الطريق نفسه الذي مضى عليه القائد سليماني».
كما بارَك للبنانيين والمسيحيين خصوصاً بعيد الميلاد وبداية العام الميلاديّ الجديد وتوجّه بالتعزية «بمناسبة رحيل فقيد الجهاد والمقاومة القائد المؤسّس الحاج محمد ياغي (أبو سليم)، وبالتبريك والتعزية بشهادة القائد العميد رضي الموسوي الذي استشهد قبل أيّام في دمشق بغارة صهيونيّة وقال «هذا الشهيد القائد المجاهد التقي الرضي عرفناه قبل أكثر من ثلاثين عاماً وكان معيناً ومسدّداً ومؤيّداً وكان يحب أن يُقال له أنه خادم هذه المقاومة والمسيرة».
وأضاف «نتوجّه بالتبريك والتعزية بأخينا القائد الكبير العزيز الشيخ صالح العاروري والذين استشهدوا بالأمس في عدوان صهيونيّ فاضح في الضاحية الجنوبيّة لبيروت في ليلة استشهاد القائدين سليماني والمهندس»، مشيراً إلى أنّ «الشيخ صالح هذا القائد الجهاديّ الكبير أمضى شبابه وعمره في الجهاد والمقاومة والعمل والقتال والأَسْر والهجرة والجهاد وختم الله بهذه العاقبة الحسنة».
وأكّد أنّ «جريمة الضاحية كبيرة ولن تبقى دون ردّ أو عقاب وبيننا وبينكم الميدان والأيّام والليالي».
كما توجّه السيّد نصر الله بالتعازي والتبريك «بكلّ الشهداء من غزّة إلى الضفّة الغربيّة إلى شهداء العراق الذين استشهدوا بفعل العدوان الأميركيّ على مجاهدي المقاومة الإسلاميّة في العراق»، مضيفاً «نتوجّه لنعزّي ونُبارك بشهداء سورية واليمن شهداء البحر وما أدراك ما عظمة شهداء البحر عند الله وشهداء المقاومة في لبنان، ونتوجّه لنعزّي ونُبارك بكلّ هؤلاء الشهداء الذين مضوا على طريق القدس ونتوجّه بالتحيّة لكلّ عائلاتهم الذين يُعبِّرون عن إيمانهم وثباتهم وصمودهم».
وتابع «كنّا نستمع إلى والدة الشهيد القائد الحاج صالح وأخواته اللواتي تحدثن بمنطق الثبات والقوّة وهذا حال كلّ العائلات الشريفة في كلّ مكان».
وأشار إلى أنّ «قاسم سليماني الشهيد يلاحقونه حتّى ضريحه ونراه في كلّ ساحاتنا ووجوه مقاتلينا بدموع الأطفال وصبر النساء، وقاسم سليماني اليوم حاضر في هذه المعركة بقوّة»، وقال «الحاج قاسم كان نهجه دعم حركات المقاومة وتجهيزها عدّةً وخبرةً وتصنيعاً، ومن علامات الإخلاص الشديدة في عمل الحاج قاسم كان جهده لكيّ تصل كلّ حركات المقاومة إلى الاكتفاء الذاتيّ».
ولفت إلى أنّ «هذه البطولات والابداعات والإنجازات الميدانيّة في قطاع غزّة هي وليدة عقدين من الزمن من العمل الدؤوب الذي كان يقوم به الإخوة في الفصائل الفلسطينيّة وكان الحاج قاسم والإخوة في الحرس معهم»، مشيراً إلى أنّه «في مثل هذه الأيّام خرجت قوات الاحتلال الأميركيّ من العراق في عام 2011 والذي أجبرها على الخروج هي المقاومة من عام 2003 إلى عام 2011»، وأنّ «هذه المقاومة القوية المقتدرة في العراق أصحابها معروفون ومن يدعمها معروف ولم يتخلّ الحاج قاسم عن هذه المقاومة رغم التهديدات فلم يتردَّد لحظةً على الإطلاق في مواصلة دعم المقاومة العراقيّة التي صنعت هذا الانتصار».
أضاف «بُنيت جبهة المقاومة في هذه السنوات الأخيرة وهذا لم يكن موجوداً قبل سنوات طويلة وكان الحاج قاسم سليماني هو الشخصيّة المركزيّة التي أمّنت التنسيق والتعاون بين قوى محور المقاومة»، معلناً أنّ سليماني «كان حريصاً جدّاً على أن تكون العلاقة مباشرة بين حركات المقاومة من خلال التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات وتكوين رؤية إستراتيجيّة واحدة للمنطقة ولمستقبل الصراع في المنطقة، فمحور المقاومة ليس على شاكلة غيره من المحاور برئاسة شخص يُدير ويُعطي الأوامر بل هو محور يلتقي على إستراتيجيا ورؤية إستراتيجيّة واضحة، فالأعداء محدَّدون والأصدقاء معروفون والأهداف واضحة وهذه من إبداعات الحاج قاسم». ولفت إلى أنّ «كلّ حركة مقاومة حيث هي تتصرف بقرارها وهي التي تفتح الجبهة أو تُغلقها انسجاماً مع الرؤية الإستراتيجيّة ومواءمة مع الرؤية والملاحظات الوطنيّة»، مؤكّداً أنّه «بتجربة محور المقاومة لا يوجد عبيد فلا يوجد إلاّ السادة الشرفاء الذين يصنعون النصر لأمّتهم، وهذا النموذج اليوم في محور المقاومة هو نموذج فريد في تاريخ البشريّة، وهذا النموذج تُعلّق عليه الآمال الكبيرة لصنع الانتصارات وبالفعل يصنع الانتصارات».
وأكّد أنّ سليماني «كان أميناً على هذا العمل والنموذج والمدرسة والثقافة ولم يدخل فيه شيء من هوى النفس بل كان ذائباً في الإسلام والمعذَّبين والمستضعَفين لذلك كان مسار هذه الحركات مسار انتصار».
وأشاد بخطوات حركات المقاومة في البحر الأحمر وقال «قامت حركات المقاومة بخطوات مهمّة باستهداف الكيان الصهيونيّ والقواعد الأميركيّة لكن كانت الخطوة النوعيّة هي التحدّي في البحر الأحمر فهي خطوة شجاعة وعظيمة ومؤثِّرة إلى أبعد الحدود»، مضيفاً «عندما نرى حجم النتائج والإنجازات التي تحقّقت حتّى الآن وأضفنا إليها ما يمكن أن يتحقَّق لاحقاً عندها سنُدرك وسنزداد تسليماً ورضى بحجم التضحيات في كلّ الساحات».
وأوضح أنّ «من نتائج عملية طوفان الأقصى إعادة إحياء القضيّة الفلسطينيّة بعد أن كانت تُنسى وتُصفّى وفرض البحث من جديد في كلّ أنحاء العالم عن حلول. أثبتت عملية طوفان الأقصى أنّ هذا الشعب الفلسطينيّ لا يُمكن أن ينسى شعبه ومقدّساته وتاريخه، ومن نتائج عمليّة طوفان الأقصى وما بعدها ارتفاع مستوى التأييد لخيار المقاومة داخل الشعب الفلسطينيّ وعلى مستوى الأمّة». ورأى أنّ من نتائج عملية طوفان الأقصى وما بعدها «سقوط صورة «إسرائيل» في العالم التي عمل عليها الإعلام الغربيّ وجزءٌ من الإعلام الرسميّ العربيّ ولهذه النتيجة تأثير كبير على معادلات الصراع في المنطقة».
وتابع «أمام هول ما جرى في غزّة انقلب السحر على الساحر فاستطلاعات الرأي الأميركيّة تقول أكثر من 50 بالمئة من الشباب الأميركيّ يقول يجب تفكيك «دولة إسرائيل» وإعادة كلّ أرض فلسطين للشعب الفلسطينيّ، فطوفان الأقصى وما بعده وجّه ضربة قاصمة لمسار التطبيع، كما توضّح للعالم أنّ «إسرائيل» لم تحترم أيّ قرار دوليّ»، وقال «من النتائج تهشيم الردع الإستراتيجيّ الذي قالوا إنهم يعملون على إعادة ترميمه».
وأشار إلى أنّ «المقاومة في لبنان عندما فتحت هذه الجبهة لم تكن مردوعة وهي اليوم أكثر جرأة واستعداداً للإقدام، وخلال ثلاثة أشهر في غزّة لا يوجد أحد في الكيان الصهيونيّ يدّعي أنّ أمامه صورة نصر حتّى الآن»، لافتاً إلى أنّ «من نتائج طوفان الأقصى وما يجري في كلّ محاور القتال انعدام ثقة شعب الكيان بالجيش والأجهزة الأمنيّة والقيادات السياسيّة».
وأكّد أنّ «إسرائيل كيان مصطنع وصلة شعبها بهذه الأرض قائمة على الأمن وعندما يفتقد الصهاينة الأمن ينتهي الأمر ويجمعون حقائبهم ويرحلون وهذا هو المشهد الآتي»، وقال «طوفان الأقصى وما يجري على كلّ الجبهات أسقط مفهوم الملجأ الآمن للصهاينة الذي على أساسه تقوم هجرة ملايين اليهود إلى «إسرائيل» وقد بدأت الهجرة المعاكسة»، وقال «من نتائج طوفان الأقصى وما يجري على كلّ الجبهات كسر صورة دولة «إسرائيل» المقتدرة، وأرض فلسطين من البحر إلى النهر هي فقط للشعب الفلسطينيّ، وكيان العدوّ يعاني من مئات الآلاف من النازحين والهجرة العكسيّة والأوضاع النفسيّة للصهاينة والاقتصاد المتدهور».
وأضاف «من نتائج الحرب الفشلُ في تحقيق أيّ من الأهداف فالأميركيّ يقول للإسرائيليّ أن ينسحب من المدن لأنّه يخاف عليه فيما من الممكن أن تكون رغبة المقاومة بقاء الصهاينة للنيل منهم»، وأنّ «طوفان الأقصى من أهم نتائجه أنّه دمّر الصورة الأميركيّة التي تم الترويج لها وقدّمها بأبشع حقائقها لأنّ اليوم الذي يقتل في غزّة هو الأميركيّ ويمنع وقف الحرب على غزّة، وما حصل في غزّة أثبت أن النظام الدوليّ والمؤسّسات الدوليّة والمجتمع الدوليّ ليس قادراً على حماية أيّ شعب وهذا عبرة لنا جميعاً».
ولفت إلى «أنّ تجربة غزّة تقول إن كنت ضعيفاً لا يعترف بك العالم ولا يدافع عنك ولا يبكي عليك. الذي يحميك هو قوتك وشجاعتك وقبضاتك وسلاحك وصواريخك وحضورك في الميدان فإن كنت قويّاً تفرض احترامك على العالم. وهناك مشهد قوة في غزّة رغم المظلوميّة الهائلة، وما جرى وضع «إسرائيل» على طريق الزوال الذي سنشهده جميعاً إن شاء الله ولن يستطيع أن يحميها أحد، وطوفان الأقصى وضع «إسرائيل» على طريق الزوال أما العروش العربيّة فلتحفظ نفسها».
وعلى الصعيد اللبنانيّ قال السيّد نصرالله «استنفرَ الإسرائيليّ بكلّ أسلحته وعتاده وهذه من بركات مسارعة المقاومة في لبنان إلى فتح الجبهة» وتابع «اعتبر الإسرائيليّ أنّ ما جرى في غزّة قد يُرعب اللبنانيين وكانوا يفكرون جدّياً بالقضاء على حزب الله باعتبارها فرصة لكن هذه الحرب على لبنان منعها أمران، الأمر الأول مسارعة المقاومة إلى فتح الجبهة ما أفقد الإسرائيليّ عنصر المفاجأة والأمر الثاني قوة وشجاعة وجرأة المقاومة»، معتبراً أنّ «أهمّ رسالة للمقاومة في لبنان في 8 و9 تشرين أنّها مقاومة شجاعة وقوية وليست مردوعة أو لها أيّ حسابات في الدفاع على بلدها».
وقال «نحن حتّى الآن نقاتل في الجبهة بحسابات لذلك هناك تضحيات لكن إذا فكّر العدوّ أن يشنّ حرباً على لبنان حينها سيكون قتالنا بلا حدود وضوابط وسقوف، ومن يفكّر بالحرب معنا سيندم وستكون مكلفة وإذا كنّا نداري حتّى الآن المصالح اللبنانية فإذا شُنّت الحرب على لبنان فإنّ مقتضى المصالح اللبنانيّة الوطنيّة أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى