أولى

كيان الاحتلال بين خيارين: القبول بشروط المقاومة أو مواصلة الغرق في مستنقع غزة لسنوات…

حسن حردان

تشير تطورات العدوان الصهيوني المتواصل ضد قطاع غزة، وإخفاق جيش الاحتلال في تحقيق أهداف حربه التي كلف بالعمل على إنجازها دون جدوى، إنّ حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو، باتت أمام خيار من اثنين:
الخيار الأول، الإقرار الآن بالفشل والهزيمة في مواجهة المقاومة، التي نجحت في استنزاف جيش العدو وإحباط أهدافه، وبالتالي قبول نتنياهو شروط المقاومة لتبادل الأسرى والتي يشكل مدخلها، وقف النار وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع.. وذلك تجنباً لمواصلة حرب لا أفق لها، خاصة بعد أن يكون نتنياهو جرّب رهانه في اجتياح محافظة رفح ولم يحصد سوى المزيد من الفشل في تحقيق حتى صورة نصر.
الخيار الثاني، او الإمعان في مواصلة الحرب، ورفض وقفها، وهو ما يعني حسب كلّ قراءات الخبراء العسكريين استمرار كيان الاحتلال في الغرق أكثر فأكثر في مستنقع غزة بدلاً من الخروج منه، والذي مقدّر انه سيطول سنوات، على غرار ما حصل للولايات المتحدة الأميركية خلال حروبها في فيتنام وأفغانستان والعراق، والتي انتهت كلها إلى هزيمة الجيش الأميركي واضطرار واشنطن إلى الانسحاب مكرهة هرباً من ضربات المقاومة التي استنزفت جيشها اقتصادها.. كما أنّ استمرار كيان الاحتلال في حربه وغرقه في مستنقع الاستنزاف، سوف يفاقم منه أيضاً استمرار قوى المقاومة في لبنان واليمن وسورية والعراق في مواصلة حرب استنزاف الكيان، لأنها لن تتوقف حتى يتوقف العدوان في غزة، وتحصل المقاومة على مطالبها بانسحاب قوات الاحتلال.. الأمر الذي يرفع كثيراً من خسائر العدو ويزيد من حدة أزماته الداخلية.. ويجعله غير قادر على مواصلة تحمّلها.. ويضطر إلى المسارعة للخروج من غزة مهزوماً على الطريقة الأميركية في فيتنام والعراق أفغانستان.. لكن بعد أن يكون قد دفع ثمناً كبيراً جداً ستكون تداعياته على كيان الاحتلال أشدّ وأقسى مما لو قبل الآن بشروط المقاومة لتبادل الأسرى.. ومخاطر سلوك هذا الخيار واحتمالات ان يقود إلى هزيمة كبرى لكيان العدو، وانتصار المقاومة، كان ولا يزال يحذر منه الخبراء العسكريون، الذين يؤكدون، وبناء على تجارب جيوش الاحتلال، وما حصل خلال الأشهر الأربعة الماضية من الحرب، إنّ حركة حماس وباقي فصائل المقاومة، ينتهجون استراتيجية خوض حرب استنزاف ناجحة، مستفيدين من خلاصات ودروس حرب المقاومة الشعبية الظافرة في فيتنام وروسيا والصين والجزائر وجنوب لبنان، وغيرها، إلى جانب الاستفادة من تجربتها هي في مقاومة الاحتلال، وتطوير أساليب حرب التحرير الشعبية، وحرب العصابات، وحرب المدن في مواجهة أحدث الجيوش، حيث نجحت قوى المقاومة في غزة في بناء قدراتها الذاتية وإعداد بنية عسكرية مدرّبة جيداً، وحفر أنفاق عميقة ومحصّنة، وتوفير كلّ مقومات شنّ وإدارة مثل هذه الحرب، مهما طالت مدّتها، ولهذا طوّرت صناعة أسلحة هذه الحرب، لا سيما الأسلحة المضادة للدبابات والمدرّعات التي يعتمد عليها جيش الاحتلال، بالإضافة الى الألغام وغيرها من الأسلحة التي يسهل استخدامها والتي أثبتت فعاليتها الكبيرة والحقت الخسائر الفادحة في صفوف جنود العدو وآلياته… ولذلك فقد رأى المحلل الأميركي كولن كلارك في تحليل له نشره موقع «فورين أفيرز» أنّ اعتماد «إسرائيل» رؤية الجنرال الأميركي السابق ديفيد بترايوس لمكافحة التمرّد في غزة، «ستكون بمثابة كارثة للجيش الإسرائيلي.. ومن شأنها أن تنتج حرباً لا نهاية لها».
لماذا نقول ذلك؟
اولاً، لانّ الخيار الثالث لا أفق له، وهو رفض نتنياهو قبول شروط المقاومة، وسحب قواته إلى خارج المناطق السكنية، وتحصّنها خلف المنطقة الأمنية التي بدأ جيش الاحتلال في إقامتها داخل القطاع بعمق يصل بين 1و 2 كلم.. ذلك أنّ هذا التخطيط الإسرائيلي لمواصلة تنفيذ ضربات داخل القطاع، بواسطة الطيران والمدفعية، وتنفيذ هجمات محدّدة ضدّ مواقع المقاومة وقياداتها وكوادرها، لن يجنّب جيش الاحتلال ومستوطنات الغلاف من التعرّض لصواريخ وقذائف المقاومة، وضرباتها، التي فشلت قوات العدو في وقفها على الرغم من توغلها في كلّ القطاع، ما يعني استمرار حرب الاستنزاف وعدم تحقيق الأمن للمستوطنين كي يتمكنوا من العودة إلى مستوطناتهم في جنوب فلسطين المحتلة…
ثانياً، لأنّ خيار العودة إلى الاحتلال القطاع وتغيير الواقع السياسي فيه وإقامة سلطة تابعة للاحتلال، مرهون بالقضاء على المقاومة، والانتصار عليها، وتحرير الأسرى الصهاينة، وهي المعضلة التي تواجه كيان العدو، في ظلّ وجود مقاومة قادرة، كما ذكر آنفاً، على مواصلة حرب استنزاف طويلة النفس ضدّ جيش الاحتلال ومنعه من الاستقرار والسيطرة على القطاع…
ثالثاً، لأنّ قوى المقاومة في المنطقة لن توقف حرب استنزافها ضدّ الكيان، مساندة لغزة ومقاومتها، وهذا يعني انّ مستوطني شمال فلسطين المحتلة الذين نزحوا عن مستوطناتهم، لن يستطيعوا العودة إليها، بالإضافة إلى استمرار تكبّد العدو الخسائر الاقتصادية نتيجة مواصلة القوات المسلحة اليمنية منع السفن المتجهة إلى فلسطين المحتلة من عبور البحر الأحمر وباب المندب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى