الأوّل من آذار… نهضة أمّة وقضية تساوي الوجود
معن حمية
الأول من آذار، ليس يوماً عادياً في روزنامة التاريخ، إنه يوم مولد باعث النهضة السورية القومية الاجتماعية أنطون سعاده، يوم إشراقة شعلة الحق وسطوع نور الحقيقة، معه بزغ فجر جديد يبدّد ليل التيه والضياع والضلال…
إنه يوم التأسيس لفكرة وحركة تتناولان حياة الأمة بأسرها.
فكرة حرّرتنا من عتمة الجهل والتخلف والتبعية والطائفية والمذهبية، وأحيت فينا قيم الحق والحرية والوحدة.
وحركة استحالت صراعاً واستشهاداً وتضحيةً وفداءً من أجل قضية كبرى تساوي وجودنا.
الأول من آذار، ليس يوماً احتفالياً بميلاد أنطون سعاده الفرد، بل هو احتفال بميلاد الإنسان ــــ المجتمع، وهذا هو التجسيد الفعلي لجوهر فكر سعاده وتعاليمه.
على هذا الأساس، لا ينحصر الكلام في مناسبة مولد سعاده، على تناول شخصيته الفريدة، الفذة، الاستثنائية، وقدوته النضالية، وفكره الوضاء، وعقيدته المحيية، والمبادئ التي وضع، بل تشكل المناسبة محطة للاستضاءة بجذرية الموقف في مواجهة التحدّيات والأخطار التي تتهدّد وحدة شعبنا وبلادنا.
نحن اليوم، شعب وأمة نواجه تحدّياً مصيرياً وجودياً، يستهدف تشظية وحدتنا وتمزيق نسيجنا الاجتماعي، والإيغال في تقسيم وتفتيت بلادنا، مما يشكل تقويضاَ لجوهر فكرة الوحدة القومية التي أطلقها سعاده، والقائمة على أساس وحدة الشعب والأرض.
في هذه المواجهة، لا يمكن أن نقف متفرّجين، ننتظر ما ستؤول إليه مجريات الأحداث وما ترسمه من وقائع، بل واجبنا القومي يحتّم علينا، كوننا حركة صراع، أن نكون في خضمّ هذه المواجهة المصيرية، فاعلين في تغيير مجرى الأحداث لمصلحتنا، بما يرسّخ وحدة شعبنا ويثبت حقنا القومي.
ولأننا حركة صراع، و«حق الصراع هو حق التقدّم»، نحن في مواقع الصراع حيث وجب أن نكون، نقدّم الشهداء، الشهيد تلو الشهيد، يعانقون قمم المجد ويظفرون بالعز والخلود.
ولأننا أبناء مدرسة سعاده العظيم، وجب علينا أن نقاتل في سبيل انتصار قضيتنا القومية وهي قضية حق. «ونحن لسنا بمتنازلين عن هذا الحق».
في عيد مولد سعاده، ليس هناك أبلغ من التأكيد على الاستمرار في حمل مشعل النهضة ومواصلة مسيرة الصراع، مسيرة متوّجة بدماء الشهداء الذين يرتقون دفاعاً عن أرضنا وحقنا، في مواجهة الإرهاب والتطرف وفي مواجهة مشاريع التفتيت والتقسيم.
وليس هناك أجدى، من التشبّث بالمقاومة والصراع، خياراً وسلاحاً لدحر المحتلين المعتدين، يهوداً كانوا أم عرباً متأسرلين… عثمانيين جدداً، أم محافظين جدداً.. أم غرباً استعمارياً يضع مصير شعبنا وبلادنا، ومصائر كلّ شعوب العالم في مهبّ ريح الإرهاب والإجرام وانعدام الاستقرار، من أجل مصلحة العدو الصهيوني العنصري الاستيطاني الذي يمارس الإرهاب بغريزته الإجرامية الحاقدة.
وليس هناك أصدق من القول إنّ العروبة الوهمية قد تكشفت على حقيقتها المشينة، فبعض العرب الذين تذرّعوا عقوداً من الزمن بحمل لواء العروبة، يعلنون اليوم، في السرّ وفي العلن، أنهم قد تخلوا عن فلسطين، وأنهم يتآمرون ضدّها.
وكم كان سعاده صادقاً وحاسماً وحازماً، عندما قال: «كنا نحن أصحاب العروبة الواقعية الحقيقيين وكان غيرنا أصحاب العروبة الباطلة… «العروبة النيو رجعية الوهمية» وواصفاً دعاتها بأنهم «من النوع المزمن المستعصي». فها هم أصحاب العروبة الوهمية قد باعوا فلسطين التي هي معيار الانتساب إلى العروبة الواقعية الحقيقية.
كم كان سعاده، مستشرفاً لحال الأمة، وما يتهدّدها من أخطار، داخلية وخارجية، متمثلة بيهود خارجيين كانوا أم يهود داخل، فها هي الشام تواجه حرباً غير مسبوقة، بغية إسقاطها دوراً وموقعاً، وهي التي حملت لواء تحرير فلسطين واحتضنت مقاومتها ودعمتها، وفي هذه الحرب ضدّ الشام، يأتلف يهود الخارج مع يهود الداخل، وقوى الاستعمار مع أصحاب العروبة الوهمية، والعثمانيون الجدد مع إخوانهم المتعدّدي الجنسيات…
لقد شخّصت يا زعيمي، يا سعاده، الأمراض والآفات التي تهدّد أمتنا، وأسّست حزبك، حزباً للوحدة القومية، حزباً للمقاومة، حزباً للصراع، حزباً لنهضة الأمة، حزباً للحياة، حزباً يفتتح عهد البطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة.
عهداً، أن نستمرّ في مسيرة الصراع، حتى بلوغ الغاية النبيلة، وانتصار القضية التي تساوي وجودنا.
مدير الدائرة الإعلامية في الحزب السوري القومي الاجتماعي