متى يحين حوار حزب الله ـ المستقبل؟
هتاف دهام
أعلن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد من دار الإفتاء أول أمس «أنّ العلاقة بين حزب الله وتيار المستقبل شبه مقطوعة». لا جديد في الإعلان طالما انّ العلاقات بين الحزب والتيار ليست على ما يرام. انتهى تصريح رعد. أتى تعليق النائب عن كتلة المستقبل أحمد فتفت «بأنه أساساً لا حوار بيننا وبين حزب الله، لأنّ الحوار يكون على طاولة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية الذي يمنع الحزب أيّ إمكانية لانتخابه».
تنحصر علاقة حزب الله وتيار المستقبل في التنسيق الأمني بين مسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا، ووزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي، لما تستدعيه مواجهة الإرهاب وخفض التوتير الأمني. لا تتعدّى العلاقة حدود الأمن، الاتصال الذي أجراه الرئيس سعد الحريري بالمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل لتقديم واجب التعزية بوفاة والدته ليس أكثر من واجب اجتماعي، فالتواصل السياسي معدوم بين الأصفر والأزرق.
متى يحين موعد الحوار بينهما؟ لا أحد يعلم. لا تقارب طالما الشروط التعجيزية موضوعة على طاولة حوار المستقبل، فيما المطلوب في ظلّ ما تشهده المنطقة من تحديات، حوار الفرص الممكنة.
صعّد الرئيس سعد الحريري في خطاب خريطة الطريق في إفطار البيال ضدّ حزب الله، إلا أنه أقرّ بأنّ لا مفرّ من الجلوس معاً. لكن متى ستدقّ الساعة؟ هل توقيت الجلوس معاً يرتبط بالتفاهم الإيراني – السعودي؟ هل الحوار مستقلّ عن المفاوضات الإقليمية، وبالتالي متحرّر من الارتباطات الخارجية وبإمكانه التقليع؟ أم أنّ هذا الحوار ينتظر الضوء الأخضر من طهران والرياض؟
لجأت القوى السياسية في لبنان الى خيار التصادم السياسي الذي لم يفضِ الى نتيجة، ففشلت في مراحل عدة منذ عام 2005 وصولاً إلى عام 2012. اشترط تيار المستقبل على حزب الله الخروج من سورية والالتزام بإعلان بعبدا كشرط لدخول الحكومة، الا انه تراجع عن شروطه واضطر نتيجة القرار الاقليمي إلى الجلوس مع حزب الله تحت سقف حكومة الرئيس تمام سلام في السراي الحكومية. كذلك الحال أسقط حزب الله حكومة الرئيس سعد الحريري من الرابية وشكل حكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، الا انها كانت متعثرة ولم تتمكن فعلياً من الحكم في غياب تيار المستقبل؟ وبصرف النظر عما ستؤول اليه مساعي التقارب السعودي ـ الإيراني ألا يستدعي التهديد الذي تمثله ما تسمّى الدولة الاسلامية في العراق والشام «داعش»، الذي هو تهديد للجميع، سنة وشيعة ومسيحيّين ومسلمين، تفاهماً وتعاوناً بين حزب الله وتيار المستقبل في وجه العدو الإرهابي المشترك، الذي يشكل خطراً أساسياً ووجودياً على تيار المستقبل بصفته تياراً اعتدالياً.
لا يخفي تيار المستقبل أهمية الحوار مع حزب الله لإعادة إرساء استقرار طويل الأمد في البلد، فمبدأ التواصل مطلوب وضروري، إلا انّ لتيار بيت الوسط شروطاً يطلب تنفيذها ومنها الالتزام بإعلان بعبدا، والانسحاب من سورية، انسحاب يراه «المستقبل» أساسياً قبل ان يخطو أي خطوة حوارية، لأنّ وجود حزب الله في سورية أشبه بوجود جورج بوش في العراق.
لن يعترف تيار المستقبل بأنّ حزب الله جنّب لبنان ويلات الحركات التكفيرية والمجموعات الإرهابية بمشاركته في القتال ضدّ المجموعات المسلحة في سورية. لا يزال مُصرّاً على موقفه من أنّ المشاركة في معارك القصير والقلمون ويبرود أجّجت الوضع المذهبي في لبنان، وأنّ الحركات الجهادية التي صعدت الى الواجهة، والتفجيرات في الضاحية ليست إلا ردّ فعل على عمله الجهادي في سورية. والحفاظ على لبنان وحماية استقراره وسيادته يتوقفان وفق تيار المستقبل على الانسحاب من سورية والعراق والعودة الى لبنان والالتزام بإعلان بعبدا.
يؤكد المستقبل أنّ وجوده على طاولة مجلس الوزراء مع وزراء حزب الله لم يخفف الاحتقان على المستوى الشعبي، بل زاد من التطرف عند بعض المجموعات السنّية التي أعربت عن استيائها من المشاركة وما أعقب ذلك من توقيفات واعتقالات اعتبرتها عشوائية، وآخرها توقيف الشيخ حسام الصباغ.
سياسة المستقبل لم تمنع التواصل على المستويين النيابي والوزاري بين كتلتي الوفاء للمقاومة ولبنان أولاً داخل اللجان النيابية. تواصل تقف حدوده عند أبواب ساحة النجمة والسراي الحكومية.
يؤكد نواب حزب الله ان لا علاقات خاصة أو صداقات مع تيار الأزرق. يتحدث أحدهم عن أجواء اجتماعات اللجان النيابية، ويقول إنّ الخبث الموجود عند النائب أحمد فتفت ليس موجوداً عند نواب القوات في التعاطي المجلسي مع نواب الوفاء للمقاومة.