اجتماع باريس يصطدم بالسقوف المرتفعة
وضع اجتماع باريس الدولي بعيداً عن هدنته ، والذي ضم وزراء خارجية كل من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وقطر وتركيا وممثل عن الاتحاد الأوروبي، وضع نصب عينه كيفية تحقيق متطلبات العدو الأمنية بالتوازي مع متطلبات شعبنا الفلسطيني الاجتماعية والاقتصادية وليس الأمنية، فهل يعني هذا إطلاق يد الاحتلال بالعدوان على أي بقعة فلسطينية من دون السماح للفلسطينيين في الدفاع عن حياتهم؟
وهو سؤال يجيب عليه سبب فشل هذا الاجتماع في وقف العدوان على قطاع غزة، وكرس همّه بتحقيق أمن «إسرائيل» أولاً، في محاولة للالتفاف على مطالب شعبنا الفلسطيني بإنهاء الحصار، وفتح المعابر والبدء بإعمار ما هدمه هذا العدوان.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس وصف في نهاية اللقاء، هذا الاجتماع بالإيجابي وقال: «إنه سمح بإخراج توجهات مشتركة للعمل الدولي لصالح وقف إطلاق النار».
مبادرة كيري
هدأت أصوات المدافع إلى حين، لكن دخان قذائفها لا يزال يتصاعد.. دخلت الهدنة الإنسانية في غزة حيّز التنفيذ لسويعات قليلة، لإلقاء النظرات الأخيرة على ما هدمته الهمجية «الإسرائيلية» وعلى انتشال الجثث من تحت الركام ولملمة الجراح.
لكن هذه المشاهد لم تكن الدافع الأساس لوزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يجاهر بحق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها، للمضي قدماً في تقديم المبادرات.
لم تستطع «إسرائيل» تحقيق أي هدف استراتيجي بعد مرور عشرين يوماً على بدء العدوان، وأكثر من أسبوع على بدء الهجوم البري، ما يعني أن سيناريو حروبها السابقة في لبنان وغزة بالبحث عن مخرج من المأزق سيتكرر من جديد، برعاية العراب الأميركي.
وتخشى فصائل المقاومة الفلسطينية من محاولة الإدارة الأميركية فرض هدنة إنسانية مفتوحة كأمر واقع من دون تحقيق شروطها وعلى رأسها رفع الحصار عن القطاع.
في فرنسا، قد تكون مبادرة كيري موضعاً للنقاش من جديد، هناك لا يرى الأميركي بداً من إقناع التركي والقطري بالضغط على حركة حماس، الحليف الاستراتيجي، لتقديم تنازلات يجد من خلاله العدو متنفساً، بعدما كتمت المقاومة الفلسطينية على أنفاسه بالصواريخ التي طالت تل ابيب.
ولو أن البعض يستبعد أن تسير تركيا وقطر في هذا الاتجاه، إلا أن الخشية كل الخشية من حالة الاستقطاب بين المحور المصري السعودي والمحور التركي – القطري، ما يضع المقاومة الفلسطينية بين المطرقة والسندان ويدفع بالقضية نحو مقصلة التدويل.
وبينما يدفع العدو باتجاه الهدنة سراً كما يعتقد كثير من المراقبين، على رغم ضبابية موقفها المعلن. أعلن الناطق باسم حماس أن فصائل المقاومة وافقت على التهدئة الإنسانية لمدة 24 ساعة ابتداءً من ظهر أمس الأحد مراعاة للشعب الفلسطيني وأجواء عيد الفطر، في حين قالت وزيرة العدل «الاسرائيلية» تسيبي ليفني إن»إسرائيل» مستعدة للنظر بتمديد التهدئة».
وقال سامي أبو زهري الناطق باسم حركة حماس في قطاع غزة في بيان الأحد :»إنه تمّ التوافق على هدنة إنسانية لمدة 24 ساعة». وأضاف: «إن الاستجابة للهدنة جاءت بعد تدخل الأمم المتحدة ومراعاة لأوضاع الشعب الفلسطيني وأجواء العيد». وتابع: إنه «تمّ التوافق بين فصائل المقاومة على هذه التهدئة ابتداءً من الساعة الثانية ظهر اليوم أمس ».
وفي رد على قبول فصائل المقاومة الفلسطينية بالهدنة الجديدة لمدة 24 ساعة، أكدت ليفني، أن «إسرائيل» مستعدة للنظر في طلب جديد من قبل حماس لوقف إطلاق النار».
وأشارت ليفني إلى أن «إسرئيل قد استجابت للطلب بالإعلان عن تهدئة إنسانية أمس، ولكن حماس خرقت هذه التهدئة، وعليه فإن الجيش «الإسرائيلي» يردّ بقوة». وأضافت في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية: «إن الأفكار التي طرحها وزير الخارجية الأميركي جون كيري بخصوص شروط وقف إطلاق النار لم تتماشَ والمتطلبات «الإسرائيلية»، لأنها عززت المحور المتطرف للإخوان المسلمين في المنطقة والذي تشارك فيه تركيا وقطر».
وقالت الوزيرة «الإسرائيلية» إن كيري كان قد عدّل بعض الأفكار في أعقاب الاستماع إلى الموقف الإسرائيلي»، موجهة انتقاداً شديداً إلى قطر التي تستضيف خالد مشعل.
الهدنة تكشف جريمة الأحتلال
وكانت «حماس» أكدت أن «لا قيمة لأي تهدئة لا تؤدي لانسحاب الدبابات «الإسرائيلية» من القطاع، وعودة النازحين إلى بيوتهم»، وفق ما صرّح به المتحدثان باسم حماس فوزي برهوم وسامي أبو زهري .
ساعات الهدنة التي سرت أمس، كشفت هول جريمة الاحتلال «الإسرائيلي»، وحجم الدمار الذي خلفه في القطاع. فقد انتشلت الطواقم الطبية جثامين مئة وسبعة وأربعين شهيداً، لترتفع حصيلة الشهداء إلى 1062 والجرحى إلى أكثر من 6000. وذكرت وسائل إعلام «إسرائيلية» أن الجيش «الإسرائيلي» اعتقل خمسة فلسطينيين في الضفة الغربية الليلة الماضية. أما في القدس الشرقية فقد أصيب شابان فلسطينيان بجروح خطرة، بعد تعرضهما للاعتداء من قبل مستوطنين.
وكان وزير الشؤون الاستراتيجية «الإسرائيلي» قال: إن «موافقة «إسرائيل» على الهدنة هي خطوة تكتيكية تهدف إلى كسب تأييد دولي للحرب». أما رئيس الأركان «الإسرائيلي» بني غانتس فقال بدوره: إن الثمن مؤلم لكن الانجاز كبير». ونقلت صحيفة «معاريف» عن وزير في المجلس الوزاري المصغر قوله: «إن نتنياهو يبحث عن مخرج سياسي يتيح وقف إطلاق النار»، مشيرة أيضاً إلى أن «الطائرات والمروحيات «الإسرائيلية» استهدفت بثمانية صواريخ مضادة للطائرات منذ بدء عملية غزة».