سيحدث شيءٌ ما؟؟

بلال شرارة

يجري إخضاع الشرق الأوسط الآن بواسطة أساليب ووسائل تقع في صلب استراتيجية الفوضى البناءة بواسطة التوترات السياسية والطائفية والمذهبية والعرقية.

أليس ذلك ما يفسّره أنموذج لبنان؟ والعراق في هذه اللحظة السياسية، بالرغم من تحرير الجيش العراقي في آخر عملية ميدانية قضاء هيت وتقدّمه نحو الفلوجة؟ ألا يجري إخضاع سورية واليمن للاختبار نفسه عبر الأخذ والردّ خلال جولات الحوار بين مكوّناتهما السياسية على وقع التصعيد العسكري على المحاور الممتدّة من حلب في سورية إلى تعز في اليمن؟

وسط ذلك وعلى ضوء زيارة وزير الخارجية الأميركية كيري يجري إنتاج المشهد البحراني، وكذلك على وقع تصعيد الحراك المدني وصولاً إلى طائف سياسي يؤمّن نوعاً من الاتفاق على شكل من أشكال المشاركة السياسية للمعارضة البحرانية في حياة المجتمع والدولة في ظلّ الملك.

ومن مسقط إلى الكويت إلى الطائف بدلاً من الرياض يجري إعادة إنتاج أنماط السلطات في الشرق، وستجد القوى الإقليمية نفسها أمام أمر واقع لها فيه دور محدود دور المراقب إذ ستقبل «إسرائيل» بصورة الشرق الجديدة المتضمّنة لـ«إسرائيليات» تحيط بها وتحمّل بداخلها عوامل انفجارها إذا استدعى الأمر ذلك، مع اشتراط تحييد أنظمة المنطقة عن أيّ صراع مستقبلي مع «إسرائيل» هذا إذا لم تقبض «إسرائيل» كذلك ثمن السلام الداخلي في أقطارنا من جيوبنا – مثلاً – الجولان السوري مقابل السلام السوري .

أيّ أننا سنقع في إطار الشرق الأوسط الموسّع اقتصادياً، ومن يتمرّد منا على هذه الترتيبات الدولية الجديدة، فإنه سيُتّهم بالداعشية وستتدخّل المخافر الأجنبية وأساطيلها الجوية لضربه على رؤوس أصابعه، وعلى رأسه إذا لزم الأمر.

الآن وبالانتقال إلى المغرب العربي وبعد قليل من الوقت سيمنح البرلمان الليبي الثقة لحكومة عبد الله الثني التي سيكون من وظائفها الأساسية تشريع التدخل الأجنبي ! بمواجهة محاولات داعش تحويل ليبيا إلى قاعدة ارتكاز لصورة حركتها في المغرب العربي وإعلانها مدينة سرت ونواحيها إمارة إسلامية استعداداً لتوسيعها سيكون على «داعش» في ليبيا والجوار الليبي أن تؤهّل الشعوب والدول للخضوع لسلوك الطريق نحو الوقوع في خريطة الشرق الأوسط الموسّع في المشرق العربي المانع الوحيد: فلسطيني.

فالمشهد الفلسطيني هو وحده ما يختلف من حيث وقع التطورات غير المرسومة، إذ إنّ الحجر و الشبرية الفلسطينية لا يقعان تحت تأثير المخطط المرسوم لإنهاء القضية الفلسطينية ووضعها تحت الحفظ فيدرالية أردنية – فلسطينية يحكمها ملك واحد وتخضع لجيش واحد وبرلمانين وتوطين مَن هم خارج الحدود ، وإلا لماذا يجري الآن استكمال تدمير مخيم اليرموك؟ ولماذا لم يُعَد إعمار مخيم نهر البارد في شمال لبنان؟ ولماذا هذه الحروب الصغيرة والكبيرة لاستكمال تدمير مخيم اليرموك؟ ولماذا وضعت كلّ المخيمات الفلسطينية في دول الجوار من الأردن إلى لبنان على منظار التصويب منذ العام 1970؟ ولماذا تقليص خدمات «أونروا» في هذه اللحظة السياسية؟ ولماذا جرى توطين أعداد ضخمة من الفلسطينيين تحت عنوان مشروع المواطنة في المملكة الأردنية الهاشمية ودمجهم في حياة المجتمع والدولة استعداداً لتعميم الأنموذج نفسه في الشرق الأوسط حيث ينتشر الفلسطينيون؟

المانع في المشرق والمغرب العربي بالإضافة إلى القيامة الفلسطينية هو ثورة 30 يونيو/ حزيران في مصر، والتي أعادت الأمور إلى المربّع الأول، ولكن من شأن المخطط استبعاد خطر مصر التي تقع تحت ضغوط الإرهاب الكامن والعابر للحدود مع غزة وعلى امتداد الحدود المصرية – الليبية السودانية، وكذلك تحت ضغط الأزمات الاقتصادية – الاجتماعية والتهديد لمنابع ومجرى مياه النيل شريان الحياة المصرية.

إذن… هل نحن أمام قيام المراجع الدولية بلملمة الأوراق بعد هزّ الغربال بقوة في المنطقة من أجل إرساء قواعد لعبة جديدة؟ الجواب بالتأكيد هو أنّ النتيجة ليست قدراً محتوماً، وأنه يمكن أن تحدث مفاجآت غير متوقعة، وأنّ الشعوب سوف لا تستسلم بالضرورة رغم الموت والدمار والحاجة وجعلها شعوباً مشرّدة ومتسوّلة على قارعة الأمم. برأيي، وهذا مجرّد تخمين سياسي، لا بدّ أن يحدث أمر ما ونحن الحالمين نشعر أنّ شيئاً ما سيحدث! فالمشرق العربي ما زال يرتدي حجاباً وضعه على زنده منجّم مغربي في وقت ما وليس لسحره من فكاك!!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى